صُنف فيروس كورونا رسمياً وباءاً عالمياً، لذلك من الطبيعي أن يغذي الناس قلقهم من خلال الاستهلاك الشره للكتب والأفلام، التي تتحدث عن تفشي أوبئة مماثلة.

بعض تلك الأعمال الفنية تشبه ما يحدث الآن بشكلٍ غريب، الأمر الذي دفع بعض الناس على شبكة الأنترنت للادعاء أن بعض رواة القصص قد تنبّأوا بانتشار فيروس كورونا. وتعتبر رواية “عيون الظلام”، للكاتب دين كونتز، مثالاً مميزاً جداً عن ذلك.

قال أحد الأشخاص، في تغريدة له على موقع تويتر، تمت مشاركتها على نحو واسع، إن كونتز توقّع تفشي كورونا، مستشهداً بصورة التقطها لصفحة من الرواية. إلا أن القول إن كونتز تنبّأ بأن كل هذا سوف يحدث أمر مبالغٌ به. فرغم كل شيء ليست الرواية إلا عملاً خيالياً.

لذا دعونا نوقف نشر مثل هذه الأخبار المضللة.

 الفيروس سلاح من صنع الإنسان

في صورة لصفحة من الرواية، تروي شخصية تحمل اسم دومبي قصةً عن عالم صيني، جلب سلاحاً بيولوجياً يدعى “ووهان – 400” إلى الولايات المتحدة. تقول دومبي: “لفهم ذلك، يجب أن نعود بالزمن عشرين شهراً. في ذلك الوقت تقريباً جاء عالم صيني، يدعى لي تشين، إلى الولايات المتحدة، حاملاً سجلّاً على قرص مرن للسلاح الصيني البيولوجي الجديد، وهو الأكثر أهمية وخطورة خلال عقد من الزمن. وقد أُطلق على الفيروس اسم “ووهان – 400″، نظراً لأنه طوّر في مختبرات أبحاث الحمض النووي RDNA في مدينة ووهان. وفي مركز الأبحاث هذا كانت السلسلة، المكونة من أربعمئة كائن حي دقيق، بشرية الصنع”.

الكاتب دين كونتز

وتجدر الإشارة أولاً إلى أنه في الطبعة الأصلية لرواية “عيون الظلام”، الصادرة عام 1981، كان هذا السلاح البيويوجي يدعى “غوريك – 400″، نسبة إلى منطقة في روسيا. وقد تم تغيير اسم السلاح إلى “ووهان – 400″، عندما تم إصدار الكتاب مرة أخرى في العام 1989، بحسب صحيفة “صباح جنوب الصين”.

صحيحٌ أن تفشي فيروس كورونا الحالي بدأ في ووهان في الصين، إلا أن فكرة أن الفيروس أُنتج في مختبر ليست إلا نظرية مؤامرة، ظهرت في حسابات غير مؤكدة على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد تم رفضها منذ ذلك الحين على نطاق واسع من العلماء في الصين والغرب على حدّ سواء.

وما يزال الخبراء حتى اليوم يسعون لمحاولة معرفة المصدر الدقيق للفيروس، إلا أن الأبحاث تشير إلى احتمال أن يكون قد جاء من الخفافيش، وتم نقله من مضيف إلى وسيط، قبل أن يصل إلى البشر، تماماً مثل فيروس مشابه له، تسبب في تفشي وباء سارس عام 2003.

 معدل الوفيات  100%

وفي فقرة لاحقة من الكتاب، تستمر شخصية دومبي بالقول إنه لا يوجد أي شخص مصاب بالفيروس على قيد الحياة:  “ووهان – 400 يتمتع بمزايا لا تقل أهمية عن معظم العوامل البيولوجية الأخرى. لسبب ما يمكنك أن تصبح حاملاً معدياً للمرض، بعد أربع ساعات فقط من الاتصال بالفيروس. إنها فترة قصيرة بشكل لا يصدق لحمل الفيروس ونقله. وبمجرد الإصابة، لا يمكن لأي مصاب البقاء على قيد الحياة لفترة تزيد عن أربع وعشرين ساعة، ويموت معظم المصابين في غضون اثنتي عشرة ساعة. معدل الوفيات في “ووهان – 400″  مئة بالمئة”.

إلا أن هذا ليس الحال مع فيروس كورونا.

أولاً: تظهر الأعراض على الأشخاص المصابين بفيروس كورونا بعد حوالي خمسة أيام من التعرض للفيروس، أو خلال مدة لا تتجاوز الأسبوعين غالباً، بحسب دراسة نشرت مؤخراً.

ثانياً: معدل الوفيات بوباء كورونا لا يقترب أبداً من 100%. وعلى الرغم من أن الفيروس يمكن أن يكون قاتلاً، إلا أن المسنين، أو من يمتلكون نظام مناعة ضعيف، هم من يواجهون مخاطره الأكبر.

ويقدّر المسؤولون معدل الوفيات بسبب الفيروس بحوالي 3 إلى 4% على مستوى العالم، بناءً على المعلومات المتوفرة لديهم، بالرغم من أنهم يتوقعون انخفاض هذا العدد.

لذا، يمكن لكونتز أن يكون كاتباً موهوباً، إلا أنه ليس عرّافاً.

المصدر: CNN

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.