بين الحرب و«الكورونا» المواطن تحت رحمة التجّار وجشعهم في ديرالزور

بين الحرب و«الكورونا» المواطن تحت رحمة التجّار وجشعهم في ديرالزور

شهدت الأيام الأخيرة حالة من الذعر والهلع بين الأهالي في محافظة #دير_الزور، كما بقية المدن سواءً على النطاق السوري؛ أو العالمي، بسبب انتشار فيروس #كورونا والمخاطر الصحية التي يسببها، وتعدت خطورته أيضا إلى قلق وخوف المواطنين من أن يتسبب في حدوث حالات طارئة، تستدعى وجود حالة من حظر التجوال. وبدأ المواطنون يتهافتون على شراء مستلزماتهم الغذائية بشكل مختلف عن الحالة الطبيعية، الأمر الذي سنح للتجار باستغلال الوضع برفع الأسعار بشكل مضاعف لتحقيق أرباح أكثر، دون رقابة.

 الأسعار بالنار
تقول هدى الآغا (من سكان حي الجورة) لموقع «الحل نت»، إن «أسعار المواد الغذائية في أسواق المدينة، ارتفعت بشكل جنوني في فترة قصيرة، فقد ارتفع سعر كيلو العدس ليصل إلى 1000 ليرة بعد أن كان سعره 400 ووصل سعر كيلو الحمص 1200 ليرة بعد أن كان سعره 450 عدا بقية المواد الأخرى وخاصة الزيت والسمنة والسكر» منوهة إلى أنه «بجولة سريعة على عدد من المحال التجارية يمكن أن تنفق 75 ألف ليرة سورية لشراء 5 أو 6 سلع من المواد الاستهلاكية الأساسية، بينما كانت تكلف قبل ذلك قرابة 35 ألف ليرة، هذا من دون أن نحسب السلع الثانوية وأدوات التنظيف والتعقيم وغيرها، (كلو بالنار)» في إشارة منها للتضاعف الكبير في أسعارها. ناهيك عن ازدحام الناس أمام الأفران ومراكز توزيع الغاز، وداخل البازارات، دون الاكتراث لأيّة تدابير وقائية خشية من انتقال الفيروس لأحداً منهم، وخاصة مع تواجد أعداداً كبيرة من مليشيات إيرانية وعراقية بين تلك الجموع، وفق قولها.

وبعد صدور قرار من الحكومة، بتعليق دوام المدارس والمعاهد والجامعات وبعض المؤسسات الخاصة، إلى جانب إيقاف العمل في دوائر النقل بجميع المحافظات، بقيت الأفران وكل ما يرتبط بتصنيع وتخزين وبيع المواد الغذائية وغيرها من المواد الاستهلاكية الأساسية والمنتجات الزراعية والمواد الأولية اللازمة لها مفتوحة الأبواب. ولوحِظ أنّ عدداً من محلات السوبر ماركت المنتشرة داخل أحياء المدينة المأهولة (الجورة والقصور) خالية الرفوف في قسم المواد الغذائية، لسببين الأول هو النقص الذي يشمل السلع المستوردة من الخارج، والثاني لجوء بعض التجار إلى تخزين المواد لبيعها في وقت لاحق بأسعار مرتفعة ما يحقق لهم ربح وفير على حساب استغلال حاجة المواطن، وفق محمد النويصر (من سكان حي الموظفين).

ترهيب مصدره الميليشيات
من جانبها قالت رنا الخضر (من سكان القصور) لموقع «الحل نت» إن «بعض المستهلكين عمدوا إلى شراء مواد بكميات كبيرة خوفاً من نفادها، بعد الإشاعات الكبيرة التي تبثها ميليشيات تابعة لبعض المتنفذين (ضباط وقادة ميليشيات) والتجار، مفادها أن المدينة مقبلة على حصار شبيه بحصار #داعش لها في 2014، والهدف من ذلك دفعهم للشراء، في خطوة حرمت كثيرين من حق شرائها»، مؤكدة أنها «عجزت عن إيجاد الحليب لطفلها في عدد من محلات المنطقة».

ومع إقبال المستهلكين على تكثيف الشراء، عزت مصادر مطلعة من داخل المحافظة نقص السلع وارتفاع الأسعار إلى احتكار التجار لبعض المواد الاستهلاكية، على علم من الجهات المسؤولة التي لم تحرك ساكناً حيال ذلك، إذ عمدوا إلى تخزينها من أجل بيعها بأسعار مرتفعة في الأيام المقبلة، على غرار ما فعلوه خلال حصار «داعش» للأحياء على مدى ثلاثة أعوام (2014 وحتى 2016).

سريان الإشاعات سبب زيادة الشراء
وفي الأحياء الشرقية من المدينة وتحديداً في حي #هرابش، تحدث «صبحي سليمان» من سكان الحي لموقع «الحل نت» قائلاً: «بات التجار وأصحاب المحال التجارية، يتلاعبون بنا دون رقابة أو محاسبة، والعديد منهم رفع  أسعار السلع بصورة جنونية مستغلين خوف وذعر الأهالي من فرض حظر للتجوال على المحافظة،  فالإشاعات التي يتم تناقلها، ويكون مصدرها في كل مرة منتفعين في المنطقة، أسرع من انتشار “الكورونا” بحد ذاتها» ، وفق وصفه.

واختتم حديثه: «في حال عدم وجود آلية رصينة لكبح جماح الأسعار ومحاسبة المتورطين بذلك، ستكون نهاية للمواطن الذي سيموت من الجوع، وليس من الإصابة بالكورنا، لأن النسبة الأكبر من سكان المحافظة ليس لديهم قدرة على تحمل زيادات الأسعار».

طبياً
ما إن وردت أنباء عن وفاة امرأة مسنة جراء إصابتها بفيروس #كورونا في مدينة #البوكمال، حتى ارتفعت إلى السقف أسعار الكمامات وبعض السلع الطبية في عموم محافظة ديرالزور.

ومع تفاقم حالة الهلع بين الأهالي مع انتشار المرض في #العراق المجاورة ووجود ميليشيات إيرانية وعراقية بكثرة في المنطقة إلى جانب الدخول المستمر للزوار الإيرانيين والعراقيين للمراقد الدينية من خلال معبر القائم الحدودي، شهدت المستلزمات الصحية في المحافظة إقبالاً غير مسبوق استعداداً للوقاية من الفيروس.

حيث انتقد ناشطون غياب الدور الرقابي للمؤسسات الحكومية على أسعار المواد الصحية، وخصوصاً الكمامات التي دعت هي نفسها لاستخدامها كإجراء احترازي ضد المرض.

استغلال وجشع الموزعين
الدكتور محمد خير الله  (صاحب صيدلية من مدينة الميادين) تحدث لموقع «الحل نت» ، عن الموضوع قائلاً:  إنه  «قرر عدم شراء أيّة مستلزمات طبية مثل الكمامات والكحول من موزعيها في الفترة الحالية نظراً لارتفاع أسعارها بشكل مبالغ فيه، مرجعاً ذلك كنوع من الردع لهم وعدم المساعدة في استغلال الناس، الفقيرة أصلاً».

وأشار الي أن «زجاجة الكحول التي لم يكن يتجاوز سعرها 150 ليرة سورية تجاوزت حاليا حاجز 500 ليرة سورية وهو أمر لا يجب التساهل معه، كما ارتفعت أسعار الكمامات العادية الي 450 ليرة سورية بعد أن كانت ب 75 ليرة، مطالباً بتدخل الحكومة لتوفيرها للمواطنين بشكل مجاني أو بأسعار رمزية».

وطالب أيضاً من جميع الجهات المنوطة بتكثيف الرقابة على مخازن المستلزمات الطبية وموزعي الكمامات والكحول، وإقرار عقوبات على تجار الأزمات الذين يستغلون احتياجات الناس دون وجه حق، في الوقت الذي يجب أن يتكاتف فيه الجميع لتجاوز هذه الأزمة، وفق تعبيره.

الكمامة بـ1500 ليرة سورية
من جهتها قالت الدكتور رويدة الحسين  (صاحب صيدلية في حي القصور) إن  «أسعار الكمامات الطبية ارتفعت إلى  الضعف لنوع n9 والمزودة بفلتر حيث وصل السعر إلى  1500 ليرة سورية  بعد أن كانت ب 500 منذ 3 ايام  فقط».

وأضافت بأنها «امتنعت عن جلب تلك الكمامات والتي قام موزعيها برفع سعرها بشكل مبالغ فيه لاستغلال المواطنين، دون رقابة أو محاسبة من وزارة الصحة، معللة ذلك، وجود علاقات وثيقة بين أصحاب المستودعات الطبية ونافذين في الدولة».

وأكدت «الحسين» أن «هناك كمامات أخرى بأسعار أقل بكثير وتتراوح من 450- 500 ليرة سورية وهي الكمامات الطبية المتداولة في الأسواق، وتشهد إقبال كبير على شرائها، مما سيدفع بعض المتسلقين وتجار الأزمات للمواصلة برفع سعرها».

ارتفاع سعر الكحول
في السياق ذاته، تحدث الدكتور وليد السيد (صاحب صيدلية في البوكمال) لموقع «الحل نت» أن «أسعار زجاجة الكحول تراوحت ما بين 1700-2500 ليرة سورية وفق حجمها وهذا السعر مرتفع كثيراً عن سعرها بداخل مدينة ديرالزور، فالمتحكم في المدينة هم أصحاب مستودعات طبية على علاقة وثيقة بقادة المليشيات الإيرانية». مشيراً إلى «امتناعه عن طلبها من الموزعين أيضاً بعد ارتفاع سعرها بشكل كبير، لأن المواطن في هذا الحالة هو الطرف الخاسر، فنسبة كبيرة من الأهالي عاجزين عن شراء الكمامات العادية أو حتى علبة معقم صغيرة، في ظل أوضاع مأساوية تعيشها غالبية أبناء المدينة»، وفق قوله.

طرح معقمات ضارة
وتابع أنه «يجب على المواطنين أخذ المزيد من الاحتياطات عند شراء المطهرات، والمُصرح بها من وزارة الصحة، والابتعاد عن المنتجات غير المعروفة، وخاصة بعد قيام بعض التجار وأصحاب بعض المحال التجارية، ببيع أنواع من الكحول على أنها ذات تأثير فعال لمكافحة الكورونا، دون معرفة التركيبة الكيميائية لها، ومدى تأثيرها على سلامة الأشخاص، والتي قد تسبب ضرراً كبيراً يصل إلى الوفاة»، كما شدد أيضاً على «عدم بيع الكحول كمادة خام في الصيدليات دون إضافة مركب مطهر عليه ليستخدم كمادة مطهرة».

وفي الطرف الآخر من نهر الفرات (خط الجزيرة) حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية #قسد ، بدأت أسعار المواد الغذائية والأساسية، وأسعار المنظفات بالارتفاع أيضاً، مع وجود رقابة من لجنة التموين التابعة لمجلس ديرالزور المدني، على جميع المحال التجارية في المنطقة، لمنع التلاعب بالأسعار واستغلال حاجة الأهالي، وفقاً لياسر المنسي (من سكان مدينة الميادين ونازح في بلدة #الشحيل).

رقابة صارمة
والذي أضاف في حديثه لموقع «الحل نت» قائلاً، إن «أسعار المواد على الرغم من ارتفاعها هنا، لا تقارن بأسعار المواد ضمن مناطق سيطرة القوات النظامية، فقسم من عائلتي ما يزال يعيش هناك، إذ إن بعض المواد الأساسية قد فقدت لديهم، ولا توجد رقابة أبداً من الجهة المسيطرة، فالأسواق تحت رحمة التجار وبعض المتنفذين، بينما جميع المواد متوفرة في الريف الشمالي الشرقي وخاصة الأساسية ومواد التنظيف وحليب الأطفال لوجود رقابة صارمة على أصحاب المحال التجارية» وفق قوله.

إجراءات وقائية
من جانبه أفاد عبدالله الدخيل (أحد العاملين بمجلس ديرالزور المدني) لموقع «الحل نت» بأن «الإدارة الذاتية أصدرت قراراً يقضي بإلغاء التجمعات كافة، وتعطيل جميع المدارس حتى إشعار آخر، كإجراء احترازي ضد فيروس كورونا». كما منعت دخول أيّ شخص عبر جميع المعابر التي تربطها بمناطق سيطرة القوات النظامية جنوب النهر، باستثناء الذين هم من سكان المنطقة، ومن خلال معبر الصالحية فقط، ويخصص يوم الثلاثاء من كل أسبوع لإدخالهم بعد فحص كل شخص عند المعبر من قبل فريق طبي تم فرزه من لجنة الصحة وتزويده بسيارتين إسعاف ومستلزمات الفحص الكاملة.

هذا وقد نشرت #بلدية_الشعب تعميماً أيضاً، طالبت من خلاله الأهالي بتعقيم الجدران والأرضيات والأواني المستخدمة في العمل بشكل دوري، وذلك ضمن الإجراءات المتبعة لمواجهة الفايروسات والأوبئة، كما طالبت أصحاب محال الخضروات بتعقيم الخضار والفواكه والحشائش المعروضة بالمعقمات المتوفرة في الصيدليات، والالتزام باللباس الصحي للعامل من «كفوف ومريول»، وذلك تحت طائلة الغرامة والمسائلة القانونية، وفق قوله.

أما من الناحية الطبية يقول الدكتور عبدالمنعم المصطفى (صاحب صيدلية في بلدة الشحيل) لموقع «الحل نت» إن «أسعار المعقمات والكحول والكمامات ارتفعت بنسبة قليلة، بعد موجة الأنباء الأخيرة حول فايروس الكورونا في المحافظة، كما أن لجنة الصحة تقوم بدوريات مستمرة على الصيادلة في عموم المنطقة، لتشرف على أسعار المواد المذكورة وعدم التلاعب بها، تحت طائلة الغرامة والمحاسبة، كما أن الإقبال على شرائها من الأهالي لا يقارن مطلقاً بمناطق جنوب النهر (سيطرة القوات النظامية)»، على حد وصفه.

كما أن «دوريات قسد تقوم بمنع التجمعات والاكتظاظ في الأسواق خلال اليومين الماضين، وتقوم عبر مكبر الصوت بإبلاغ أهالي القرى بأخذ احتياطاتهم وتجنب الازدحام»، وفق المصدر ذاته.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.