اتهم رئيس وفد «هيئة التفاوض السوري» المعارضة في اللجنة الدستورية السورية، هادي البحرة، حكومة دمشق باختلاق عراقيل لمنع إطلاق جولة تفاوضية جديّة تفضي إلى عملية سياسية وفقاً للقرارات الدولية، مؤكداً على رفضها لأهم المقترحات التي قدمتها اللجنة منذ تشكيلها وحتى تاريخه.

جاءت اتهامات «البحرة» خلال اتصال له مع صحيفة «الشرق الأوسط» في عددها اليوم الثلاثاء، قائلاً إن #حكومة_دمشق «تستغل الوضع الذي أفرزه تفشيّ فيروس كورونا، والذي شغل العالم أجمع عن الوضع المأسوي للحالة السورية». موضحاً أنه «في ظل ظروف الجائحة، لا يمكن إجراء أيّ اجتماع فيزيائي، ولكن هناك كثيراً من وسائل التواصل الرقمية يمكن استخدامها. وإن كانت هناك جدية، فلن تعدم الوسائل»، في إشارة إلى تهرّب دمشق من عقد أيّة اجتماعات للجنة.

وكشف رئيس وفد هيئة التفاوض المعارضة، عن طريقة تعامل ممثل وفد حكومة #بشار_الأسد: «بكل صراحة، أقول إنهم يتهربون من تنفيذ التزاماتهم. فمنذ الدورة الثانية لأعمال اللجنة وهم يرفضون التوافق على جدول أعمال. ومنذ تلك الدورة إلى يومنا هذا، تقدمنا بثماني اقتراحات، جميعها ضمن إطار تفويض اللجنة وعملها، رفضوها كافة، وتقدموا باقتراح وحيد، وهو اقتراح خارج إطار تفويض اللجنة ومهامها، ورفضناه أول مرة مع التعليل القانوني، وأعادوا تقديمه بالجوهر نفسه مع تبديلات تجميلية في صياغته لثلاث مرات متتالية».

وتم الإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية بقرار وجهود من الجمعية العامة للأمم المتحدة على لسان الأمين العام للأمم المتحدة #أنطونيو_غوتيرش في 23 أيلول/ سبتمبر الماضي، بعد موافقة المعارضة و«النظام السوري» والمجتمع المدني على نسب متساوية بحيث يكون لكل وفد 50 عضو، على أن يعملوا على مناقشة مشروع دستور سوري جديد؛ أو الإشراف على إجراء إصلاحات دستورية لإقرارها لاحقاً في استفتاء شعبي وصولًا لإجراء انتخابات رئاسية، مع دخول الحراك الثوري عامه التاسع.

ووفق المسؤوليات الموكلة للجنة، أشار «البحرة» إلى أن وفد دمشق يختلق عراقيل لمنع عملها، منها: أنه «في ثلاث اقتراحات، ابتكروا مرحلة ما قبل نقاش الإصلاح الدستوري، وابتكروا ما سموه مبادئ ومرتكزات وطنية، وهي لا علاقة لها بالدستور، أو بالإصلاح الدستوري». مشدداً على أن جلَّ عملهم من أجل «إقامة دولة تحقق الفصل الكامل بين السلطات، التشريعية والتنفيذية والقضائية، وأن يضمن الدستور استقلال القضاء ونزاهته، حيث لا سلطة على القانون إلا القانون نفسه»، وفقاً للصحيفة ذاتها.

وكانت عملية وطريقة تشكيل اللجنة الدستورية، قد شكلت جدلاً واسعاً سواءً داخل أوساط المعارضة السياسية والعسكرية ذاتها، أو رفضها من غالبية السوريين المعارضين لحكومة دمشق، هذا الرفض الذي أدى إلى التشكيك بفعالية هذه اللجنة، ومدى قدرتها على تحقيق تطلعات السوريين بعد مقتل واعتقال مئات آلاف ونزوح الملايين، وعشرات الآلاف من المفقودين دون أن تقدم حكومة بشار الأسد، أيّ تنازل حقيقي لأبناء شعبه سواء على مسار العملية التفاوضية السياسية، أو الالتزام بتطبيق القرارات الدولية.

تأتي هذه المخاوف انطلاقاً من تجارب سابقة، والتي عبر عنها العديد من الأصوات المعارضة من أن اللجنة الدستورية قد تكون «عملية التفاف أخير ووأد كامل لهيئة الحكم الانتقالي، التي قد تنهي آخر أمل لتحقيق الانتقال السياسي الذي سعى إليه الشعب السوري، وتسمح من جهة أخرى بإعادة إنتاج (النظام) بوصاية #روسية»، لا سيما وأن أيّ قرار لا يصدر عن دمشق إلا بموافقة #موسكو.

تجدر الإشارة هنا إلى أن معظم التحليلات والأبحاث التي تناولت إشكاليات آلية عمل اللجنة الدستورية أكدت أنها غير واضحة على الرغم من وضع نسب التمثيل والتصويت، وهو ما يجعل الحديث عن صياغة دستور جديد أمر ضعيف، خاصة وأن عوامل الثقة بين (النظام، والمعارضة) معدومة؛ ولا يمكن الرهان عليها، والأهم أن معظم التحليلات ذهبت إلى أن وفد دمشق لم يقبل الدخول في لجنة الدستور إلا لاعتقاده  أن العملية لن تتعدى إجراء بعض التعديلات الشكلية على الدستور الذي وضع في بداية الحراك السلمي 2012، أي جرّ المعارضة إلى التخليّ عن أهم بند ومطلب للشعب السوري والمتضمن تشكيل هيئة حكم انتقالي كامل الصلاحيات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.