قد ينتشر فايروس #كورونا في مخيمات النزوح المكتظة في شمال غربي #سوريا المدمرة أصلاً، حيث يلجأ مليون شخص من الفارّين من #الحرب_الأهلية إلى مخيماتٍ غارقة في الطين أو إلى مبانٍ مهجورة، مشكلاً كارثة لا توصف تزيد من بؤس المنطقة المدمّرة.


«نسيان غسل اليدين والبعد الاجتماعي، مسافة الأمان التي تفصل بين الأفراد»، هي التدابير الوقائية التي أوصت بها السلطات الصحية حول العالم.


إلا أن هناك القليل جداً من المياه الجارية في المخيمات، وربما تنعدم، حيث يعيش ما يزيد عن عشرة أشخاص في خيمةٍ واحدة.


«تريدوننا أن نغسل أيدينا؟»، يسأل “فادي مساهر”، مدير مؤسسة (مرام) للإغاثة والتنمية في #إدلب، ويتابع: «لا يستطيع بعض الناس غسل أطفالهم لمدة أسبوع، إنهم يعيشون في العراء».


يعتقد الأطباء السوريون، بأن الفايروس «قد انتقل بالفعل إلى المخيمات مع ارتفاع عدد الوفيات والأمراض التي تحمل بصمات تفشي المرض». إلا أن الاستجابة الدولية «كانت بطيئة جداً إلى حد العدم»، وذلك بحسب العديد من الخبراء والعاملين في المجال الطبي على الأرض.


من جانبها لم تُسلّم #منظمة_الصحة_العالمية حتى الآن أدوات اختبار فيروس كورونا إلى المنطقة الشمالية الغربية الواقعة تحت سيطرة المعارضة، بالرغم من أنها سلّمتها أول مرة للحكومة السورية منذ ما يزيد عن شهر.


ويرى أطباء، أنه من المحتمل أن هذا التأخير «تسبب بانتشار الفايروس دون اكتشافه لأسابيع في بيئة تتميز بكونها خطيرة».


«توجد لدينا في الوقت الحالي حالات مشابهة للمصابين بفايروس كورونا، وهناك أشخاص قد ماتوا بالفعل»، يقول الدكتور “غالب تيناري”، مدير مستشفيات الجمعية الطبية السورية الأميركية في المنطقة.


ويضيف: «لسوء الحظ لا نملك أجهزة اختبار لكشف المرض، لا يمكننا التأكيد ما إذا كانت هذه الحالات هي حقاً إصابة بفيروس كورونا أم لا».


ويتجمّع نحو ثلاثة ملايين شخص في محافظة #إدلب، التي تقع خارج سيطرة #الحكومة_السورية منذ عام 2012، وهي اليوم آخر جيب يقع تحت سيطرة المعارضة المسلحة في البلاد.


وقد بدأت القوات النظامية وحليفتها روسيا، حملتهما الأخيرة في الربيع الماضي لاستعادة السيطرة على المنطقة، وأدى تجدد الهجوم في أوائل شهر كانون الأول الماضي، إلى نزوح نحو مليون شخص من منازلهم.


وتُقدّر #الأمم_المتحدة أن حوالي ثلثهم يعيشون في مخيمات، وما تبقى ينامون على أطراف الطرقات أو يقيمون في مبانٍ غير مكتملة البناء أو مهجورة أو يتشاركون السكن مع عائلات أخرى.


وبالرغم من استمرار وقف إطلاق النار لمدة أسبوعين، إلا أنه لا أحد يتوقع استمراره. فقد تعهد “الأسد” بمواصلة الهجوم، في حين تعهدت المعارضة المسلحة في المنطقة بالمقاومة.


وتسببت سنوات الحرب الطويلة بتعريض المستشفيات والمرافق الصحية في جميع أنحاء المحافظة للدمار، فقد قصفت القوات الحكومية والطائرات الحربية الروسية المستشفيات والعيادات مراراً وتكراراً في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة طوال فترة الصراع، ما تسبب بمقتل مئات العاملين في مجال الرعاية الصحية.


وبحسب منظمة الصحة العالمية، فقد تضرر ما يزيد عن 48 مستشفى ومنشأة طبية في شمال غربي البلاد أو دُمّرت أو أُجبرت على الإغلاق منذ بدء الهجوم في شهر كانون الأول الماضي، أما تلك التي لا تزال تعمل، فهي تفتقر إلى المستلزمات الطبية الضرورية.


يقول الدكتور “ناصر المهاويش” منسق المراقبة في شبكة الإنذار المبكر والاستجابة التابعة لوحدة تنسيق المساعدة، وهي مجموعة مستقلة: «في مستشفى إدلب المركزي، المختبر يفتقر إلى الأدوات اللازمة لاختبار فايروس كورونا».  

ويُضيف: «طلب الأطباء السوريون المزيد من المعدات الوقائية مثل الكمامات والقفازات، إلا أن أول شحنة جديدة من منظمة الصحة العالمية وصلت فقط يوم الثلاثاء الماضي».


عندما زرنا محافظة إدلب الأسبوع الماضي بعد العبور من #تركيا، لم نجد أي نقطة فحص للكشف عن الفيروس.  وتتوزع الخيام غير الرسمية، المنصوبة في الحقول الزراعية وعلى التلال، على طول الطريق من الحدود إلى بلدة #معرّة_مصرين الصغيرة.


ويعمل الأطباء المجهدون في غرفة العمليات في الطابق السفلي، بينما حشود من الناس تنتظر في الأعلى.  «لسوء الحظ، لا تتوفر لدينا أماكن للحجر الصحي في شمالي سوريا»، يقول “عبد الرزاق زقزوق”، مساعد إعلامي لصالح الجمعية الطبية السورية الأميركية في المستشفى.


ويضيف: «إذا كان هناك أية حالة مصابة بفايروس كورونا في شمالي سوريا، فإن الوضع سوف يكون مأساوياً».


ويعتقد الأطباء في المنطقة، بأن مليون شخص في إدلب يمكن أن يصابوا بالفايروس وأن ما بين 100 ألف إلى 120 ألف شخص يمكن أن يموتوا، وأن عشرة آلاف شخص سيحتاجون للتدخل الطبي من أجل المساعدة على التنفس، بينما يوجد في المحافظة اليوم 153 جهاز إنعاش فقط.


ويقول الدكتور “تيناري”: «ربما تكون قد لاحظت بأن دول مثل #الصين و#إيطاليا، دول لديها نظام حجر صحي، ومع ذلك لم تتمكن من التعامل مع ضغط كل هذه الحالات. تخيل إذاً ما ستؤول إليه الحال هنا، نحن نعيش في حالة حرب وليس لدينا نظام رعاية صحية مناسب. إنه نظام مشلول تماماً».


من جانبه يقول “هيدين هالدورسون”، المتحدث باسم جهود منظمة الصحة العالمية عبر الحدود في جنوب تركيا، بأن منظمة الصحة العالمية تتوقع أن تصل الأجهزة اللازمة لاختبار فيروس كورونا إلى إدلب في غضون الأسبوع المقبل.


ويضيف بأنه «لا يعرف بالضبط عدد الأجهزة التي سوف ترسل ولا حتى متى بالضبط سوف تصل»، مشيراً إلى إمكانية إرسال العينات إلى تركيا في غضون ذلك».


موضّحاً، بأن نقاط تفتيش لفحص الإصابة بالفايروس «ستقام قريباً على الحدود ويتم تسليم المزيد من المعدات الوقائية من المرض، بالرغم من أنه لا يعرف الكمية ولا موعد تسليمها».


وقالت مديرية صحة إدلب «الحرة»: «هناك احتمال كبير لانتشار الوباء في المناطق المحررة في المستقبل القريب، هذا إن لم يكن قد انتشر بالفعل».


كما أصدرت المديرية توصيات للحيلولة دون انتشار الفايروس بما في ذلك إغلاق المدارس والجامعات التي لا تزال مفتوحة وإغلاق المقاهي والمطاعم باستثناء تلك التي تعتمد على خدمات التوصيل، وإيقاف الصلوات الجماعية وإلغاء الزيارات الاجتماعية والسفر غير الضروري.


«إلا أنه من المستحيل تطبيق مثل هذه التوصيات في المخيمات، إذا كان هناك مسن مريض أو أي شخص آخر، لا أستطيع أن أرى كيف ييحجرون أنفسهم»، يقول “ميشيل أوليفيير لاشاريتيه”، منسق الأزمات في منظمة #أطباء_بلا_حدود.


في مخيم #أطمة، الواقع على الحدود التركية /30/ ميلاً شمالي مدينة إدلب، تجري مياه الصرف الصحي بشكلٍ مفتوح في الطرقات ولا يوجد هناك عمليات نقل للقمامة بشكلٍ منتظم.


“أمينة الكعيد” التي تعيش هناك مع زوجها ووالديها وابنتها ذات عشرة أشهر، قالت: إن «زوجها بنى حمام خاص لبيتهم الصغير، ولكن في جوارهم، هناك ما يزيد عن 40 شخصاً يستخدمون خمسة مراحيض بدون أن يكون هناك مكان لغسل أيديهم. وتتجمع النسوة كل يوم لملئ أواني الماء من الصهريج والحصول على الخبز».


وتوضّح “الكعيد” قائلة: «وهذا الخبز ملفوف في أكياسٍ يمكن أن تحمل الفايروس ومن ثم ينتقل إلى هؤلاء الناس».


عيادة المخيم صغيرة ومكتظة ومثقّلة، وعمال الإغاثة الذين جاؤوا لتعليم سكان المخيم لم يكونوا يرتدون الكمامات أو القفازات ولا حتى عقّموا أيديهم.


وتضيف “الكعيد”: «لذلك يمكن لهذا الفايروس هنا في شمالي سوريا أن يتسبب، في غضون شهرٍ واحد فقط، بمقتل عدد من الناس يفوق العدد الذي قتله الجيش النظامي خلال السنوات العشر الماضية».


وبحسب خبراء، فإن تلك الظروف ستُسهّل انتقال الفايروس بشكلٍ كبير. حيث يرى السيد “لاشاريتيه” أنه «مع وجود مستشفيات وعيادات منهكة بشكلٍ مسبق بفعل سنوات من الصراع، فإنه من المرجح أن يكون عدد الوفيات أعلى بكثير منه مقارنةً بالبلدان التي تتمتع بتجهيزات بشكلٍ أفضل».


تخضع محافظة إدلب لسيطرةٍ فعلية من قبل #هيئة_تحرير_الشام، وهي منظمة جهادية انشقت عن #تنظيم_القاعدة عام 2017 ولجأت إلى استخدام العنف ضد الناشطين في مجال المجتمع المدني، بالرغم من أنها بذلت مؤخراً جهوداً في سبيل تحسين صورتها. إلا أن الهيئة لم تصدر حتى الآن أي بيان بشأن الاستعدادات لمواجهة خطر الفايروس القاتل.


وعقدت منظمة بنفسج السورية للإغاثة والتنمية، في وقتٍ سابق، دورات تدريبية لما يزيد عن 40 ممرضاً وسائقي سيارات الإسعاف، لتأهيلهم ليكونوا في الخطوط الأمامية للتصدي لهذه الجائحة في إدلب.


وتخطط المنظمة، لتنظيمهم ضمن فريقين: فريقٌ يقدم النصائح وسلال تحتوي على الصابون ومعقم اليدين وكتيبات فيها إرشادات، وفريقٌ ينقل الأشخاص المشتبه في إصابتهم بالفايروس.


إلا أن الطلب العالمي على المعقمات، جعل من (بنفسج) غير قادرة على شراء الكثير منها، بحسب “فؤاد عيسى”، مؤسس المنظمة.


وإذا ما بدأت الحالات بالانتشار بشكلٍ تصاعدي، كما هو متوقّع، فإن المرض سينتشر بسرعةٍ كبيرة، وقد لا تكون هناك فائدة حينها من وصول أجهزة الاختبار ومعدات الحماية.


المصدر: (النيويورك تايمز)

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.