علت في الأيام الأخيرة صرخات بعض اللبنانيين احتجاجاً على ما قالوا إنه وصول طائرات إيرانية جديدة إلى مطار “رفيق الحريري” الدولي في بيروت، رغم قرار إغلاق المطار، حاملةً مواطنين إيرانيين يشتبه بإصابتهم بفايروس “كورونا”.

لم يتأخر بالمقابل رد إدارة المطار المذكور في بيان رسمي، ورد فيه أن المطار «لم يستقبل أي طائرة إيرانية منذ تاريخ 11 آذار/مارس، وكانت آخر طائرة وصلت بيروت من الخطوط الجوية الإيرانية تحمل طلاباً لبنانيين».

 وتابع البيان  أنه تم السماح لطائرة قطرية بالقيام برحلات بين الدوحة وطهران وبيروت، بهدف نقل البريد السياسي وبعض البضائع، مثل المواشي، دون نقل أي ركاب.

وكانت الاعتراضات على وصول طائرات إيرانية إلى مطار بيروت قد تصاعدت مع بدء انتشار الفيروس في إيران على نطاق واسع، وعدم تأثر حركة الطيران النشطة بين البلدين بذلك. وقد اعتبرت أوساط من “حزب الله” أن الاعتراضات سياسية الخلفية، لا تحمل قيمة حقيقية، ولا تتعلق بالفيروس والمرض، بقدر ما تتعلق باستهداف إيران والحزب.

 “حمد حسن”، وزير الصحة العامة اللبناني، المقرّب من “حزب الله”، أعلن أن الإصابة الأولى في لبنان بفيروس “كوفيد 19” قادمة من إيران. وجواباً على سؤال بخصوص إيقاف الرحلات القادمة من هناك، قال إن “قرار إلغاء الرحلات إلى إيران هو قرار حكومي وله اعتبارات سياسية”، معلناً، فيما بدا  محاولةً لتخفيف هلع اللبنانيين، إجراءات وقائية تتضمن فحص القادمين من إيران وغيرها في المطار، قبل السماح لهم بالدخول، وهو الإجراء الذي قال أطباء ومختصون إنه غير ذي قيمة فعلية، في ضوء طول فترة حضانة جسم الإنسان للفيروس، دون ظهور أي أعراض عليه. وزاد من الشكوك انتشار فيديوهات مصوّرة في المطار، تُظهر طرق الفحص العشوائية والبدائية المتبعة فيه.

وكانت الحكومة اللبنانية قد أعلنت، مع تفشي انتشار الإصابات في لبنان، قرار التعبئة العامة، بتاريخ 15 آذار/مارس الجاري، تبعه بعد أيام قرار إغلاق المطار والحدود البرية والبحرية، إلا في حالات محددة.

يُذكر أنه في مرحلة ما قبل إغلاق المطار والحدود البرية، كان العديد من القادمين من إيران يصلون إلى الأراضي اللبنانية براً عبر معبر “المصنع”، بعد أن تحطّ الطائرات التي تحملهم من إيران في مطار دمشق.

ويضاف إلى المعابر الحدودية الرسمية بين لبنان وسوريا معابر غير شرعية،  طالما كانت محل شكوى من القوى السياسية المناوئة للحكومة السورية و”حزب الله” و”محور المقاومة”،  التي اعتبرت هذه المعابر مخلّة بالسيادة، وتسمح بتهريب البشر والمقاتلين والبضائع، ما يؤثر سلباً على لبنان أمناً واقتصاداً، ولكنّ الجديد أن بعض الشكاوى ارتفعت لدى متحدثين على شاشات وسائل إعلام سورية، اعتبروا هذه المعابر مصدراً ممكناً لوصول مصابين بالفيروس، دون إمكانية رصدهم.

لم يركن “حزب الله” إلى الاتهامات الموجهة إليه بشأن وصول “كورونا” إلى لبنان عبر المطار من إيران، فأطلقت جهات محسوبة عليه، على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام مقربة منه، رواية أن الرهبنة اليسوعية في لبنان هي التي أدخلت المرض إلى لبنان، عبر راهب مصاب بالفيروس.

وكانت الرهبنة قد أعلنت رسمياً قبل ذلك بأيام، أن أحد رهبانها قد أصيب بالفيروس، وعليه فقد عزل بقية الرهبان أنفسهم في أحد الأديرة تحت إشراف طبي لمنع نقل المرض. وبعد الاتهامات الموجهة للرهبنة، اضطر رئيسها الإقليمي إلى إصدار بيان رسمي ثان يشرح فيه ملابسات ما حصل، والخطوات التي اتبعتها الرهبنة بمعرفة السلطات المعنية، ما أعاد الحديث عن أن السبب الرئيسي لدخول الفيروس إلى لبنان هو إصرار “حزب الله” على إبقاء الرحلات الجوية القادمة من إيران إلى مطار بيروت قيد العمل.

ومع إغلاق المطار والحدود البرية تظهر مشكلة الطلاب اللبنانيين العالقين في الخارج، فقد بدأت مجموعات طلابية لبنانية تعلن عبر موقع “فيسبوك” عن معاناتها ورغبتها في العودة إلى البلاد، خاصة مع الصعوبات الجمة التي تعترض ذوي الطلاب في تحويل النقود إليهم من لبنان، مع الانهيار المالي والقيود المصرفية المشددة وتراجع سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار.

 وعبّرت والدة أحد الطلاب اللبنانيين في أوكرانيا بغضب عن أن المطار، المفتوح أمام مقاتلي “حزب الله” وطلاب الحوزات الدينية، أمسى قلعة حصينة في وجه طلاب العلم “الحقيقيين”، الذين يودّون العودة، حسب تعبيرها.

من جهته أعلن “هاشم صفي الدين”، رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله”، خطة الحزب لمواجهة الفيروس، والتي تتمثل، حسب قوله، في حشد 4500 كادر طبي من أطباء وممرضين، و20000 من التقنيين والمخبريين والصيادلة وغيرهم، وتجهيز  مستشفى “سان جورج” في منطقة “الحدث”، التابع لمستشفى “الرسول الأعظم”، بالإضافة إلى 32 مركزاً طبياً في مختلف الأراضي اللبنانية، لاستقبال المرضى. وكأن الحزب يلعب دور الدولة المغيبة. حسب قول بعض ناقديه.

وتؤكد مصادر مقربة من الحزب أن الإغلاق ومنع السفر هي حالة عالمية لا تمنع منظمة بحجم ومرونة “حزب الله” من تدبّر أمورها، فيوجد من الأسلحة والذخائر ما يكفي في لبنان، وفي حال الحاجة إلى إمدادات فالمعابر غير الشرعية مع سوريا موجودة، والطيران مؤمن من طهران إلى دمشق، والتمويل يصل عادة على شكل أوراق نقدية لا تحويلات بنكية، لتجنب التتبع، ولذلك لا يحتاج إلى جهد كبير.

 تبقى حركة المقاتلين الشيعة بين إيران والعراق ولبنان وسوريا، لأغراض عسكرية ودينية وصحية،  المسألة الأهم للحزب، وهذه قد تم تداركها قدر الإمكان قبيل إغلاق المطار.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.