دَاليَا: سوريّة في مخيّم الأناضول تعلن الحرب على “كورونا” 

دَاليَا: سوريّة في مخيّم الأناضول تعلن الحرب على “كورونا” 

“أضحكتني تلك العبارات التي يرددها بعض المشاهير كـ “إن فيروس كورونا ساوى بين البشر، وبأن العالم كان بألف خير قبل تفشّيه”، فأنا التي نزحت مراراً مع أولادي هرباً من سماء وطني التي أمطرتنا بالقذائف، أعرف تماماً أن خطر الإصابة بالفيروس ليس قائماً بنفس النسبة بين الناس، كما أن الكمامات وأدوات الوقاية منه ليست موزعة بعدل بين الجميع”. هكذا تقول السيدة داليا الشيخ المقيمة في مخيم الأناضول على الحدود السورية التركية منذ مايقارب العام.

سكّان المخيّم يسخرون من “كورونا”
بعد سلسلة نزوحات، استقرت “داليا” مع عائلتها في مخيم الأناضول، ورغم ضيق المعيشة وصعوبة الظروف، إلا أن شعورها بأنها وأسرتها باتوا بعيدين عن القصف جعلها تشعر بالأمان.

تقول “داليا”: شعرت وكأنني في هدنة، ارتاح فيها من الهرب من القصف والنزوح، ولم يخطر على بالي أن هذه الهدنة التي أعلنتها مع الخوف، سوف تنتهي على يد فيروس قاتل يتشوق للدخول إلى المخيم والتنقل بين بيوته الحجرية المعمولة على عجل.

وتضيف: المخيف أكثر هو استهتار سكان المخيم بالفيروس وخطورته، وعدم اهتمامهم بأتباع أساليب الوقاية منه، فدخول #فيروس إلى #المخيم سيؤدي إلى انتشاره بسرعة كبيرة ووصوله بالضرورة إلى عائلتها.

“لن انتظر أن يتباكى العالم علينا”
تجربة “داليا” الطويلة مع النزوح، أثبتت لها بأن النازحين يواجهون المخاطر وحيدين، وبأن العالم ينتظر وقوع الكارثة كي يتباكى عليهم لا أكثر، وأن الأمر ذاته سيتكرر في حال دخول كورونا إلى المخيم.
“في الشتاء نموت من البرد، لكننا لا نستطيع إيقاف الثلج، وفي الصيف نموت من الحر لكن ما باليد حيلة، أمّا الآن، فيتوجب وقاية أنفسنا من “كورونا”  لذلك عزمت  على المحاولة”.

درست “داليا” في المعهد العالي للفنون التطبيقية، واختصت في مجال #الخياطة، كما أنها تدربت، منذ بداية الثورة، على التمريض وتطوعت كمسعفة، بعدما خضعت لدورة إسعافات أولية، ولذلك قررت توظيف  خبراتها في محاربة “كورونا”، ومنعه من الدخول إلى المخيم، ساعدها في ذلك بعض نساء المخيم بعد أن أقنعتهن بأهمية فكرتها.

 

حملاتُ توعية وكمّامات مجانيّة
“كانت البداية بإصراري على الحديث عن خطورة الفيروس في جمعات القهوة النسائية، ثم بدأت أنبههن إلى أننا نستطيع الحيلولة دون دخول الفيروس وانتشاره في المخيم”، وبعد اقتناع عدة سيدات بذلك، بدأت “داليا” بكتابة منشورات تنبه فيها إلى خطورة الفيروس وسرعة انتشاره، وقامت مع بقية السيدات بتوزيعها على سكان المخيم، الذين رغم عدم أخذهم الموضوع بجدية، إلا أنهم كانو_ كما تقول داليا_  يقرؤون التعليمات على الأقل.

عملت “داليا” وفريقها على رسم لافتات كرتونية توضح فيها طرق الوقاية من الفيروس، وتؤكد على ضرورة تعقيم اليدين وغسلهما باستمرار، الأمر الذي قابله بعض سكان المخيم بالاستهجان والسخرية، والسبب كما أوضحت “داليا”، هو عدم وجود وسائل تعقيم أو صابون يكفي للجميع، كما أن السكان يضطرون إلى شراء الماء من الصهاريج المتنقلة، ولكن بعد الحديث مع بعض المنظمات المدنية بدأت فرق تطوعية بتوزيع معقمات وصابون وأدوات تنظيف، ولو أنها بكميات قليلة، كما قامت “داليا” وفريقها بصناعة الكمامات، معتمدات على خبرتها في مجال الخياطة، وتوزيعها على السكان.

 

 

لاتنكر “داليا” عدم قناعة كافة قاطني المخيم بضرورة ارتداء #الكمامة، لكنهم على، الأقل يأخذونها ويحتفظون بها، كما أن اهتمامهم بالنظافة زاد عن قبل بنسبة كبيرة، رغم أن أغلبهم يطلقون عبارات السخرية خلال أخذ الكمامات، كأن “الفيروس سيهرب من المخيم بسبب سوء الأوضاع المعيشية”، أو أن “من نجا من قصف استمر سنوات، لن يقتله فيروس”.

رغم كل ما سبق تختم “داليا” حديثها بالقول: “في حال وصل كورونا إلى المخيم، لن استسلم سأفعل كل ما بوسعي لأحمي أطفالي منه، ولو اضطررت إلى أخذهم والعيش في الصحراء”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.