“كورونا” في لبنان: إجراءت وقائية وسط الانهيار الاقتصادي ومعاناة اللاجئين

“كورونا” في لبنان: إجراءت وقائية وسط الانهيار الاقتصادي ومعاناة اللاجئين

مع وصول فيروس #كورونا إلى #لبنان، تعددت إجراءات السلطات اللبنانية لمواجهة انتشاره، فهناك الإجراءات التي اتخذتها الأجهزة الأمنية مع #الجيش_اللبناني، ووزارة الصحة اللبنانية، والبلديات،  إضافةً لمبادرات مجتمعية متعددة.

#حزب_الله، على سبيل المثال، أعلن خطة لمواجهة الفيروس، شرحها رئيس مجلسه التنفيذي “هاشم صفي الدين”، وذكر فيها أعداد الكوادر الصحية والمراكز والآليات الإسعافية المجهزة للتصدي للمرض. بينما قامت أحزاب وتيارات أخرى، مثل #حركة_أمل و#التيار_الوطني_الحر و#القوات_اللبنانية بحملات تعقيم، يشكك الخبراء في جدواها، وتوزيع لكمامات بدائية، طُبع على بعضها شعارات حزبية، إضافةً لتوزيع سلل غذائية لدعم صمود المناصرين الملتزمين بالحجر.

ورغم عدم رضى مواطنين وناشطين كثيرين عن الأداء الحكومي تجاه الوباء، إلا أنه لا يمكن تجاهل فاعلية التعبئة العامة التي أعلنتها #الحكومة_ اللبنانية، وتحديدها لساعات العمل، والمصالح الصناعية والتجارية المسموح لها بمزاولة نشاطها، ثم فرض حظر ليلي للتجول. ورغم أن الالتزام بهذه الإجراءات كان مختلفاً بين منطقة وأخرى، إلا أن الأرقام الرسمية لعدد المصابين بالفيروس يومياً تشير إلى أن الأمور تسير على نحو مقبول، وأن التعبئة والحظر أثبتا حداً ملحوظاً من الجدوى.

 

معاناة الفئات الأضعف

بيّنت التجربة، حتى الوقت الحالي أن الحلقة الأضعف في الإجراءات المتخذة لمواجهة الوباء هم أصحاب الدخل المحدود، الذين لا يتحملون توقف أعمالهم اليومية البسيطة، وانقطاع أجورهم. خاصة وأن الوباء الحالي يأتي بعد تسارع انهيار القطاعين الاقتصادي والمالي في لبنان، وتراجع سعر صرف الليرة بشكل حاد أمام الدولار، وإغلاق عديد من المؤسسات أبوابها وصرفها لموظفيها، واحتجاز المصارف أموال مودعيها.

قامت الحكومة اللبنانية مؤخراً بتوزيع معونة مالية تعادل 400 ألف ليرة لبنانية (145 دولاراً تقريباً) للعائلات الأشد فقراً، أتى بعدها قرار من #مصرف_لبنان، يسمح لصغار المودعين بالدولار في المصارف بسحب أموالهم بالليرة اللبنانية بسعر عادل، مما يوفر سيولة نقدية أكثر بيد تلك العائلات، ولكن ما لم تلحظه الحكومة اللبنانية فعلياً هو وضع #اللاجئين_السوريين، غير المستفيدين من إجراءات المساعدة الأخيرة.

في #مخيم_صبرا، جنوب العاصمة بيروت، حيث يعيش اللاجئون السوريون إلى جوار أقرانهم الفلسطينيين، تبدو الحركة اليومية طبيعية تماماً، مشاة كثيرون في الأزقة الضيقة المعتمة، وسيارات، وبيع وشراء، والشباب العاطلون عن العمل متجمعون على المفارق، وفي مقاهي “الأركيلة” والإنترنت وألعاب الفيديو، يسخرون من “كورونا” عند سؤالهم عنها، قائلين إن من لم تقتله #الحرب_السورية وأحوال مخيمات اللجوء، والاشتباكات المتكررة بين #الفصائل_الفلسطينية المسلحة، لن يقوى عليه فيروس “تافه”. حسب تعبيرهم.

رغم ذلك قامت بعض المنظمات الناشطة في المخيم بحملات توعية، على سبيل رفع الوعي بكيفية تجنب التقاط العدوى ونشرها، وقامت بعض هذه المنظمات بتوزيع معقمات كحولية، وما اصطلح على تسميته “سللاً صحية”، تتضمن مواد تنظيف عام ومعقمات ومستلزمات النظافة الشخصية.

شبكات تضامن اجتماعي

تشتم “فخرية بدرة”، اللاجئة السورية القادمة مع زوجها الفلسطيني السوري من #ريف_إدلب، هذه المنظمات، وتقول إن لديها الكثير ضدها، وتستطرد بالقول إن «الشكر واجب لها على كل حال، بسبب ما وزعته من سلل صحية»، وتشرح أن «مصيبة اللاجئ المقيم في المدن الكبرى وجوارها هي توقف مصدر رزقه، مع تطبيق الجر الصحي والتعبئة العامة، وتوقف عمل المؤسسات التي كانت تشغّله بظروف سيئة وراتب ضئيل، زاده الانهيار المالي ضآلة».

توضّح “فخرية” أن كون زوجها فلسطينياً أمّن لعائلتها بعض المساعدات الإضافية، وأن شبكة تضامن اجتماعي غير معلنة بين العائلات اللاجئة قد تسهم في صمودهم لأيام دون دخل، ولكن «الحال من بعضه» كما تقول، ولا يمكن البقاء دون مصدر دخل، جراء توقف الاعمال لفترة طويلة.

مصدر في المخيم تكلّم عن اشتباك مسلح، تخلله إطلاق رصاص حي، اندلع قبل أسبوع بين تنظيمين فلسطينيين معروفين، بسبب وصول مساعدات مخصصة لسكان المخيم لواحد من التنظيمين، وعدم توزيعها حتى بعد مرور أسبوع على استلامها، ما دفع البعض لاتهام الفصيل بالسرقة والفساد والمحسوبية.

أحد الأطباء السوريين العاملين في المخيم، يؤكد عدم وجود إصابات مؤكدة حتى اليوم في المخيم وجواره، بغض النظر عن جنسيات السكان المتنوعة، وينفي في الوقت نفسه صحة المقولات الشعبية حول المناعة القوية للاجئين، بسبب البيئات التي يعيشون فيها، لافتاً إلى أن المساكن غير الصحية التي تضم هؤلاء، وارتفاع الرطوبة وضعف التهوية، تجعل الآفات الصدرية مستشرية، وهو ما قد يشكّل نقطة ضعف قاتلة في حال الإصابة بالفيروس.

 

ممارسات عنصرية

من الجانب اللبناني قامت بعض البلديات في “بريتال” و”كفرحبو” و”دار بعشتار” وغيرها، بفرض إجراءات عنصرية بحق اللاجئين السوريين، الذين عوملوا في بعض الحالات وكأنهم «فيروسات تسير على قدمين»، على حد تعبير أحد اللاجئين، ففرضت عليهم حظراً للتجول، يفوق بكثير ذاك الذي جرّبت الحكومة اللبنانية فرضه على مجمل السكان. في بعض الحالات سُمح للاجئين السوريين بالخروج من مساكنهم من الساعة الثانية بعد الظهر إلى السابعة مساءً، وفي حالات أخرى، لم يتم التثبت من صحتها، تم منعهم من الخروج منعاً كاملاً.

يخشى بعض اللاجئين من التصريح بإصابتهم بالفيروس، في حال حدوث هذا، خوفاً من محاسبتهم لعدم حيازتهم إقامة صالحة، وهو الأمر الذي يتحمل جزء كبير من مسؤوليته #الأمن_العام_اللبناني، ويعيد الحديث المتكرر عن الأوضاع القانونية للاجئين في لبنان، وعرقلة تجديد إقاماتهم.

وقد يشكل وصول الوباء إلى مخيمات اللاجئين السوريين، وتجمعاتهم المدنية المكتظة، كابوساً لأي سلطات صحية أو منظماتٍ إغاثية، خاصة مع ضعف القطاع الصحي اللبناني، وتراجع قابليته لاستقبال أعداد قد تفوق طاقته.

حتى السوريون والأجانب، الذين يمتلكون إقامات وتاميناً صحياً خاصاً، سيبقون محرومين من تلقي العناية الطبية على نفقة شركات التأمين، في حالة إصابتهم بالفيروس، بحسب المعلومات المتوافرة حتى الآن. وهو قرار متخذ من قبل أغلب شركات التأمين العاملة في لبنان، ويطال أيضاً اللبنانيين أصحاب التأمين الخاص، غير المشمولين بالضمان الاجتماعي الحكومي، وهو أمر تبرره تلك الشركات بعرف عالمي وارد في عقود التأمين، يقضي بعدم تغطية المصابين في حالات الأوبئة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.