فرضت غالبية الحكومات حول العالم، في ظل انتشار جائحة كوفيد-19 (فايروس #كورونا)،  الحجر الصحي على المواطنين الذي يلزمهم البقاء في المنزل وعدم الخروج إلا للضرورة، لمنع تفشي المرض. ورغم نجاح الحجر بتقليص أعداد الإصابات بالفيروس، إلا أن أمراضاً اجتماعية أخرى، كالعنف المنزلي ضد المرأة والطفل، بدأت تطفو على السطح.

 

ما هو العنف المنزلي؟
يمكن أن يكون #العنف_المنزلي جسدياً أو لفظياً أو نفسياً، وقد يتعرض له أي شخص مهما كان عمره، جنسه، عرقه، أو ميوله الجنسية. يتضمن العنف المنزلي أي سلوك يقصد به إخافة أو تهديد الضحية، إيذاؤها جسدياً، أو التحكم بها. ومع أن العنف المنزلي قد يختلف باختلاف العلاقة بين #المعنِف والضحية، ولكن جميع حالات العنف المنزلي تشترك بوجود قوى غير متوازنة والتي تجعل من الشخص المعنِف (غالباً الذكر)، يفرض سيطرته على #الضحية الأضعف جسدياً بأي شكل من الأشكال.

لا يقتصر العنف المنزلي على استخدام القوة الجسدية كالضرب أو الحبس، ولكنه يشمل أيضاً توجيه الإهانات، التهديد، الأذى النفسي، أو الإكراه على ممارسة الجنس. يعاني ضحايا العنف المنزلي من عدم الشعور بأهميتهم، #القلق، #الاكتئاب، وشعور عام بالعجز والذي قد يحتاج إلى مساعدة من المختصين للتغلب عليه.

 

كيفية تأثير العنف المنزلي على الضحايا
يأخذ ضحايا العنف المنزلي غالباً بعض الوقت لمعرفة وتمييز ما الذي يحدث لهم/لهن. من الممكن تمييز آثار الضرب على الضحية من خلال ملاحظة كدمات على الأجساد، كسور في العظام، ضيق تنفس، أو رجفان. يجب التنبه عند مشاهدة هذه الأعراض على بعض النساء لأنهن قد تكن من ضحايا العنف المنزلي. تعاني الضحية أيضاً من مشاكل نفسية قصيرة وطويلة المدى تتضمن الشعور بالارتباك، العجز، الاكتئاب، القلق، حدوث نوبات هلع، واضطراب ما بعد الصدمة.

 

كيفية تمييز الشريك المعنِّف
ليس من السهل اكتشاف الشركاء المعنفين فهم غالباً ما يبدون أذكياء، جديرين بالثقة، ولديهم شخصية ساحرة تجذب الآخرين لهم. يتعلم معظم العنف من عائلاتهم خلال فترة طفولتهم، ويعيدون نشر أنماط العنف نفسها مع زوجاتهم وأطفالهم. يقوم المعنفون غالباً بعزل ضحاياهم عن العائلة، الأصدقاء، العمل، أو أي مصدر دعم للضحية. ينفجر غالباً غضبهم خلال نوبة العنف ليعودوا بعدها لهدوئهم مع الشريكة ومحاولة تهدئتها بالاعتذار لها ووعدها بعدم تكرار هذا التعنيف، ولكن يستمر سلوك العنف بعدها.

يؤمن غالبية الرجال المعنِفين بـ #الأدوار_التقليدية لكل جنس، وعلى وجه التحديد بأن أولوية #المرأة هي الاهتمام بزوجها وأطفالها. يميل هؤلاء الرجال للتحكم ويكونون غيورين جداً وقد يتهمون زوجاتهم بالخيانة دون وجود أي سبب لذلك، مما يجعل لديهم الحاجة لمعرفة كل تحركات زوجاتهم.

 

العنف المنزلي في ظل الحجر الصحي
يزداد العنف المنزلي عادة كلما قضى أفراد العائلة وقتاً أطول مع بعضهم البعض، مثل أوقات الأعياد وإجازات الصيف. والآن ومع اضطرار أفراد العائلة للبقاء في المنزل معاً بسبب الحجر الصحي الذي فرضه انتشار الوباء، تضاعفت حالات الاتصال بـ #الخطوط_الساخنة في جميع أنحاء العالم للإعلان عن وجود حالات عنف منزلي. وقام السكرتير العام للأمم المتحدة، “أنطونيو غوتيريس”، بمطالبة الحكومات حول العالم باتخاذ إجراءات عاجلة لمحاربة العنف المنزلي، ووضع الأولوية لسلامة المرأة عند محاربة هذا الوباء. قائلاً: «يتواجد التهديد الأكبر للنساء والفتيات في المكان الذي يجب أن يكون أكثر أماناً»، ويقصد بذلك المنزل، ويكمل «نحن نعلم بأن الحجر الصحي والبقاء في المنزل ضروريان للحد من انتشار كوفيد-19، ولكن ليس باستطاعتكم حبس السيدات في نفس المكان مع شركائهم المعنِفين».

الزوجة التي كانت تتعرض للعنف المنزلي كانت تجد في ذهابها أو ذهاب زوجها إلى العمل متنفساً، أما الآن يجب عليها أن تبقى وجهاً لوجه مع معنفها في منزل واحد كل الوقت. والطفل الذي كان يجد في مدرسته مهرباً من معنِفه، يضطر الآن للدراسة في نفس المكان الذي كان يهرب منه.

يفقد أغلب الأشخاص أعصابهم عندما يتم حجرهم لمدة طويلة في المنزل، ويشعرون بالضيق والحاجة إلى التنفيس، ولكن هذا حال الجميع رجالاً ونساءاً وأطفالاً، وهذا ليس مبرراً للمعنِفين الذين لا يملكون القدرة على تحمل الضغوط أو مهارات التأقلم مع الأوضاع غير الطبيعية، ويشعرون بالضعف في مواجهة كل هذه الظروف الصحية والاجتماعية والاقتصادية الصعبة، فيعمدون إلى الحصول على مصادر أخرى تشعرهم بقوتهم مما يجعلهم أكثر خطورة وعنفاً في المنزل، سواء عاطفياً، جسدياً، أو جنسياً.

 

بعض الإجراءات المتخذة لمساعدة ضحايا العنف المنزلي في ظل الحجر
توجد خطوط ساخنة للإبلاغ عن حالات العنف المنزلي في الكثير من البلدان حول العالم. بالإمكان الاتصال هاتفياً بهذه الخطوط، إرسال رسائل نصية، أو زيارة مواقع إلكترونية مخصصة تسمح بالتكلم عن المشكلة (الدردشة)، على مدى 24 ساعة. كما توجد الكثير من المنظمات غير الربحية التي تقدم الدعم لضحايا العنف المنزلي، وتسمح لهم بأخذ قرض عمل لمساعدتهم مادياً والاعتماد على أنفسهم، في ظل هذه الأزمة. وتقوم منظمات الصحة العقلية أيضاً بنشر اقتراحات تساعد العائلات على تقليل الاضطرابات والضغوط في المنزل.

في فرنسا على سبيل المثال بإمكان ضحايا العنف المنزلي في ظل الحجر، الذهاب إلى الصيدليات المفتوحة واستخدام كلمة سر معينة للحصول على المساعدة في مشاكلهم. أما في نيوزيلندا فتوجد عدة فنادق (موتيلات) تعطي ضحايا العنف المنزلي الهاربات غرفاً تلجأن إليها، مع الإبقاء على قواعد ترك مسافات أمان للوقاية من #الفيروس.

 

ماذا عن النساء السوريات؟
تنتشر حالات العنف المنزلي ضد الزوجة بكثرة في سوريا، في غياب وجود قانون يحمي المرأة وحقوقها وينصفها ضد الظلم الذي تتعرض له. كما كثرت حالات العنف المنزلي في ظل النزاع السوري بسبب الفقر، البطالة، والظروف السيئة في مخيمات #النزوح، حيث سجلت حالات عنف منزلي في #سوريا في عام 2018 أكثر بنسبة 25% عن عام 2017، علماً بأن الحالات المسجلة رسمياً قليلة جداً وما خفي أعظم.

تضطر الزوجة في سوريا للصمت عند تعرضها للعنف المنزلي في غالب الأحيان، بسبب ضغوطات المجتمع الذكوري الذي يبرر للرجل وينظر للمرأة نظرة سيئة في حال الطلاق، بالإضافة إلى عدم وجود مأوى آخر لها تستطيع الذهاب إليه غير “بيت زوجها”، مما يجعل فكرة الهرب فكرة مستحيلة التطبيق.

استطاع عدد كبير من ضحايا العنف المنزلي اللواتي قمن باللجوء إلى الدول الأوروبية وأمريكا وكندا، الخروج عن صمتهن بعد أن كن يظهرن للجميع بأنهن بخير ويخفين ما يتعرضن له من ضرب وإهانات لفظية في المنزل. وقامت المنظمات غير الربحية والجمعيات التي تهتم بحقوق المرأة بمساعدة الكثير من اللاجئات السوريات، عبر تقديم الدعم والحماية لهن ليتحررن من معنفِهن. وما يزال البعض في المجتمع السوري للأسف، ينظر للموضوع على أن “أوروبا تسببت في طلاق و انفلات الزوجات”، متعامياً عن المشكلة الحقيقة والعنف المنزلي الذي كانت تتعرض له هؤلاء النساء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.