كان يوماً كئيباً في #العراق، حيث الناس محجورون بسبب فايروس #كورونا، ونظام الرعاية الصحية المتهالك في العراق جعل من الصعب على البلاد مواجهة تهديد الفيروس، في وقتٍ لا يزال الناس في المناطق التابعة لشمالي العراق في مرحلة التعافي من حرب تنظيم #داعش.

في مخيم #مخمور للاجئين، والواقع قرب خط الحدود بين حكومة #إقليم_كردستان المستقلة ذاتياً وقوات الأمن العراقي، يواجه اللاجئون والنازحون مشقات وصعوبات يومية في التنقل عبر نقاط التفتيش للبحث عن عمل.

وبالرغم من حقيقة أن المخيم يتواجد داخل نقاط التفتيش الأمنية وأن المنطقة معرضة فعلياً لتهديد داعش، إلا أن #تركيا تنفّذ غاراتها الجوية على تلك المنطقة دون عقاب.

حيث تدعي أنها تضرب ما تُسميهم بـ «الإرهابيين»، إلا أن السكان المحليين قلقون بشأن الغارات الجوية التي جاءت وسط حالة عدم الاستقرار المتزايدة وعودة التنظيم واستهداف الأقليات المعرضة للخطر أصلاً.

فقد حلّقت يوم الأربعاء طائرات بدون طيار ومقاتلات عسكرية في سماء العراق وقصفت نقاط قريبة من مخيم للاجئين يقع بالقرب من مخمور. الأمر الذي أسفر عن مقتل وإصابة العديد من الأشخاص.

ووقعت إحدى الغارات الجوية على مسافة 200 متر من وحدة تابعة للبيشمركة، القوات المسلحة لحكومة كردستان، في #راواندوز. كما أسفر الهجوم عن تدمير برجين للاتصالات تستخدمهما شركة #كورك في شمالي العراق. فيما تزعم تركيا أن «أربعة من عناصر #حزب_العمال_الكردستاني قد قتلوا في الهجوم».

وكان يوم الأربعاء هو رأس السنة بالنسبة للأقلية الإيزيدية في العراق، التي استُهدِفت صيف 2014 من قبل تنظيم داعش، وما تزال تناضل لأكثر منذ خمسة سنوات بعد أن تم بيع الآلاف منهم في شمالي العراق للعبودية والذبح.

وكانت تركيا قد استخدمت المناسبات الإيزيدية لاستهدافهم في الماضي، زعماً منها أنهم مرتبطين بـ «الإرهابيين» وحزب العمال الكردستاني.

ففي شهر آب 2018، أدت غارة جوية تركية إلى مقتل رجل إيزيدي كان في طريق عودته من حضور مناسبة إحياء ذكرى ضحايا الإبادة الجماعية، في حين ادعت أنقرة أنها استهدفت عضواً في حزب العمال الكردستاني وهو “مام زكي شنغالي”.

وكان حزب العمال الكردستاني قد شارك في إنقاذ آلاف الإيزيديين من تنظيم داعش في آب 2014، واستمر في محاربة التنظيم لسنوات.

وقد ادعى العديد من النساء والأطفال الإيزيديين أنه تم تهريبهم من قبل تنظيم داعش إلى تركيا، عندما انتقلت عائلات كبار قادة التنظيم إلى #إدلب عبر تركيا. كما خطف مقاتلو المعارضة السورية المسلحة المدعومين من تركيا الإيزيديين في مدينة #عفرين وقاموا بتطهيرهم عرقياً بعد غزو المدينة تموز 2018.

وبعد غزو تركيا واحتلالها مناطق في شمالي سوريا في شهر تشرين الأول 2019، اضطر مئات الآلاف من الإيزيديين للفرار من الغزو التركي وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها عناصر المعارضة المدعومة من تركيا. وقد نفذت تركيا العديد من الغارات الجوية على مناطق الإيزيديين في شهر تشرين الثاني من العام ذاته وكذلك في شهر كانون الثاني من العام الجاري.

ويبدو أن تركيا تلجأ تلك الغارات ضد الأقليات الضعيفة في العراق والمناطق غير المستقرة كوسيلة لادعائها محاربة الإرهاب في الخارج، في حين أنها في الواقع تنفذ غارات جوية فقط في المناطق التي يمكنها تنفيذها حيث لا يوجد دفاعات جوية ولا تستطيع حكومة الإقليم الحلول دون حدوث التوغلات التركية.

ولم تشن تركيا غارات جوية على تنظيم داعش في العراق، فغاراتها كانت فقط ضد الأكراد والإيزيديين. وأظهرت وسائل الإعلام التركية صوراً لمقاتلات F-16 في تقارير عن قتلها عناصر من حزب العمال الكردستاني، إلا أنها ذكرت أن العملية وقعت في #جبل_قنديل وليس في مخمور.

ولم يتم التحقيق مع تركيا، العضو في الناتو، على الإطلاق ولم تعتذر حتى عن الغارات التي أسفرت عن مقتل مدنيين، في حين غالباً ما يحقق أعضاء الناتو الآخرين في غاراتهم الجوية ويعلنون المسؤولية عن الغارات الجوية التي تقتل المدنيين.

وقد دعت المنظمات الدولية، بما فيها #الأمم_المتحدة ومنظمة العفو الدولية، تركيا إلى وقف المجموعات التي تدعمها من ارتكاب الجرائم في سوريا. إلا أن هذه المنظمات لم تعلق حتى الآن على الغارات الجوية في العراق.

وكان العراق قد اشتكى في الماضي إلى تركيا بشأن هجماتها. وتم استدعاء سفير تركيا في شهر كانون الأول 2018 على إثر الغارات الجوية وفي شهر كانون الثاني 2019. والعراق اليوم غارق في خضم أزمات سياسية ويواجه صعوبة لحشد أي دعم دولي للاحتجاج على الغارات التركية.

كما أن أزمة فايروس كورونا تترك العراق عرضةً للخطر، والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة يقوم بإعادة تمركز القوات والانسحاب من قواعده، مما يعني أن العراق سوف يواجه مزيداً من الصراعات المستقبلية، بالإضافة إلى التعامل مع الهجمات التركية.

 

عن صحيفة (The Jerusalem Post)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة