أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية هذا الأسبوع عن جائزة مقدارها عشرة ملايين دولار، لمن يوفر معلومات عن القيادي في #حزب_الله اللبناني، المسؤول عن الملف العراقي #محمد_كوثراني، في محاولة لضرب  نفوذ #طهران في #العراق.

ولمع اسم “كوثراني” في الأوساط العراقية منذ سنوات، وخصوصاً بعد جهوده في إيصال رجال طهران في العراق إلى مناصب سيادية، إضافة إلى عمله على لملمة خلافات الميليشيات المسلحة صاحبة الولاء لإيران، العاملة في العراق، لكن في الأشهر الأخيرة بات السياسي المحنّك تحت المجهر، عقب مقتل “قاسم سليماني” رجل إيران الأنشط إقليمياً، وباتت جميع الدلائل تشير إلى أن كوثراني أصبح رجل إيران الأول في العراق خلفاً لقائد “فيلق القدس”.

 

المنشأ والتاريخ

كوثراني لبناني-عراقي الجنسية، وهناك روايات متعددة حول مكان ولادته، أبرزها أمريكية تقول إنه من مدينة #النجف. وهناك روايتان أخريتان يجري تداولهما محلياً بين الأهالي، الأولى تفيد بأن مكان ولادته لبنان، والثانية أنه ولد في “الاسكندرية” بمحافظة “بابل” العراقية. وفي سجله لدى الولايات المتحدة يوجد ثلاثة أعوام ميلاد مختلفة، هي 1945 و1959 و1961، بحسب البيانات الرسمية المصرح عنها.

للرجل تاريخ طويل بوصفة عدواً لأمريكا، ففي عام 2007 اتهمته واشنطن بالمسؤولية المباشرة عن هجمات ضد التحالف الدولي في العراق، بما في ذلك هجوم كانون الثاني/يناير في “كربلاء”، حيث قُتل خمسة جنود أمريكيين.

وعمل القيادي على الوساطة لدى الحكومة العراقية في 2012 للإفراج عن أحد قادة حزب الله “علي موسى دقدوق”، وهو متورط في عملية كربلاء، بحسب تقرير لموقع “الحرة”.

وتذكر مصادر إعلامية عراقية أن كوثراني كان الرجل الأهم في رأب الصدع بين فصائل “الحشد الشعبي”، وخصوصاً بين الجماعات صاحبة الولاء لإيران، والأخرى التي تعتبر “علي السيستاني” و”موسى الصدر” مرجعية مباشرة.

وللرجل صاحب النفوذ دور أساسي بتمويل الجماعات المسلحة في العراق، إضافة إلى عمله على نقل المقاتلين العراقيين الموالين لطهران للقتال إلى جانب الحكومة في سوريا، وهي اتهامات دفعت أميركا إلى إدراجه على قائمة الإرهاب في عام 2013.

وتقول منظمة “مشروع مكافحة التطرف” غير الربحية (لها مقرات في نيويورك ولندن وبرلين) إن “كوثراني” شارك في المفاوضات التي ترعاها إيران للتأثير على القادة العراقيين منذ 10 سنوات. 

وقالت إنه «في عام 2010 سافر “كوثراني” إلى مدينة “قم” للقاء “سليماني” ورجل الدين العراقي “مقتدى الصدر”، وممثلين عن رئيس الوزراء العراقي “نوري المالكي”، تلى ذلك إعلان “الصدر” تأييده لـ”المالكي” ليبقى فعلاً رئيساً للوزراء في ولاية جديدة، بعد نيله تأييداً إضافياً من سياسيين آخرين من الطائفة الشيعية»، في إشارة إلى دور “كوثراني” بالتأثير على الرأي السياسي لدى الطائفة.

 

«خليفة مؤقت»

وانضم “كوثراني” في 2019 إلى #سليماني في مناقشات مع القادة العراقيين بشأن اختيار رئيس وزراء جديد بعد استقالة حكومة #عادل_عبد_المهدي. وقيل إن “كوثراني” أقنع الصدر أيضاً بدعم “توفيق علاوي”، الذي عُيّن رئيساً لوزراء العراق في شباط/فبراير 2020، قبل أن يعتذر عن التكليف في آذار/مارس من العام ذاته، بسبب عدم تمرير الكابينة الوزارية، وعدم اكتمال النصاب في البرلمان العراقي، وفق المنظمة ذاتها.

وبسبب حنكته السياسية، وقربه من “سليماني”، ولقربه من معظم زعماء الكتل الشيعية في العراق، جاء تسليمه دور “خليفة سليماني” منطقياً، لكن “مشروع مكافحة التطرف” يرى في الوقت ذاته أن إشرافه على عمل الميليشيات التابعة لطهران «أمر مؤقت حتى تحدد إيران استراتيجيتها في أعقاب وفاة “سليماني”».

 

حاضنة مسلّحة لا شعبية

ويقول الصحفي العراقي “محمد الباسم” في حديث لموقع “الحل نت”، إن كوثراني «لا يملك قاعدة شعبية هنا، لكن لديه صداقات متينة جداً مع قادة فصائل “الحشد الشعبي”، وتحديداً الجناح الموالي لإيران، وخلافات مع الألوية العسكرية التابعة لمرجعية مدينة “النجف”، كونها توالي المرجع الشيعي “علي السيستاني”».

وأفادت وسائل إعلام عراقية محلية بأنه مع اندلاع الاحتجاجات في العراق خلال الأشهر الفائتة ضد النفوذ الإيراني، أشرف “كوثراني” و”سليماني” على محاولات قمعها باستخدام العنف المفرط، وهو ما وثقه نشطاء شاركوا في المظاهرات.

وأفاد “الباسم” خلال حديثه للموقع بأن «”كوثراني” و”سليماني” متهمان بتوجيه أموامر لعناصر من كتائب “حزب الله” (الجناح العراقي) و”حركة النجباء” و”سرايا الخراساني” بقتل المحتجين في الأشهر الأولى من عمر التظاهرات الشعبية، التي انطلقت في تشرين الأول/أكتوبر من عام 2019».

وتابع الصحفي العراقي: «بطبيعة الحال “كوثراني” أداة إيرانية تسعى إلى ترتيب صفوف الكتل السياسية والفصائل الشيعية، بعد أن تفشت المشاكل والخلافات فيما بينهما. وتسعى إيران إلى استخدامه كما الحال مع اسماعيل قاآني، نائب سليماني وخليفته الرسمي، من أجل تحقيق ذات الهدف، هو تكوين تحالف شيعي واحد على المستويين العسكري والسياسي. 

واختتم “الباسم” حديثه بالتأكيد على أن «هذه الفكرة لا تبدو واقعية، لوجود مرجعية “النجف” التي ترفض كل تدخلات إيران، إضافة إلى زعيم التيار الصدري “مقتدى الصدر”، غير الثابت في توجهاته».

 

لن يملأ فراغ رحيل سليماني

وتعد الفصائل المدعومة من طهران مهمّة لجهود إيران للحفاظ على هيمنتها على العراق، الذي مازالت أميركا تحتفظ فيه بنحو 5000 جندي، يؤرقون إيران، ولذلك فإن تأمين قيادة واضحة لها بعد اغتيال المسؤولين عن ذلك، أمر هام جداً لطهران، ولو أن ذلك يعني توسيع دور “حزب الله” في المنطقة بطريقة غير مسبوقة.

ونقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول إقليمي موال لإيران، في تحقيق نشرته منذ شهرين، أي بعد اغتيال “سليماني”، أن «توجيه حزب الله للجماعات المسلحة في العراق سيستمر إلى أن تتولى القيادة الجديدة في “فيلق القدس”، الذي كان يقوده “سليماني” في “الحرس الثوري” الإيراني، التعامل مع الأزمة السياسية في العراق».

وأكد مصدران عراقيان لرويترز أن «الاجتماعات بين جماعة حزب الله وقادة الجماعات المسلحة العراقية بدأت في كانون الثاني/يناير بعد أيام فقط من اغتيال “سليماني”»، وقال أحد المصدرين إنها عقدت في بيروت، بينما ذكر الآن أنها عقدت إما في لبنان أو إيران.

ولفت “علي الكرملي” وهو صحفي مهتم بشؤون الأقليات في العراق، في حديث لموقع “الحل نت”، إلى أن “كوثراني”، «رغم نجمه الساطع، لكن ثمّة بعض قادة الفصائل الذين لا يجمعون حوله وحول ما يطرحه، على خلاف طاعتهم السابقة لـ”سليماني”». 

وأوضح “الكرملي” أن تفسيره هذا يعود «قيادات تلك الفصائل صارت، بعد مقتل سليماني والمهندس، تتنافس عن الزعامة، وأن يمتثل الآخرون لطروحاتها. لذلك أخفق “كوثراني” مراراً وتكراراً في توحيد صف البيت الشيعي في اختيار رئيس حكومة للبلاد».

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة