دير الزور… كورونا تختار ضحاياها وفق استثناءات المتنفذين

دير الزور… كورونا تختار ضحاياها وفق استثناءات المتنفذين

يفرض الخوف من انتشار فيروس كورونا المستجد، المسبب لمرض كوفيد-19، واقعاً جديداً أمام السكان في محافظة دير الزور شرقي سوريا.

إذ يعيش أهالي وسكان #دير_الزور، واقعاً سيئاً في ظل الحظر الجزئي الاحترازي المفروض عليهم مؤخراً بسبب كورونا، وإغلاق معظم المصالح، والمهن في المنطقة، الأمر الذي يزيد من معاناتهم، مع التدهور المستمر لليرة السورية مقابل العملات الأجنبية الأخرى.

ويشكو الأهالي في معظم أنحاء المحافظة الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، من ارتفاع أسعار المستلزمات الأساسية للحياة اليومية، كالمواد التموينية، والأدوية #الطبية، وسط انعدام بعضها في الصيدليات بعد إغلاق غالبية الطرق، ومنع التنقل بين المحافظات.

استغلال وغياب الرقابة

“رقية شميط” من سكان الأحياء المأهولة تحدثت لموقع (الحل نت)، وقالت إن «بعض #التجار وأصحاب محال اللحوم أيضاً، استغلوا الحظر الجزئي المطبق، لرفع الأسعار بشكل جنوني، لعدم وجود رقابة عليهم، مبررين ذلك بتدهور #الليرة_السورية، على الرغم من أن منتجاتهم محلية المصدر»، وفق تعبيرها.

ويبدو أن الموظفين في قطاع الدولة والمياومين، هم الفئة الأكثر تضرراً من تدهور الليرة، والارتفاع المستمر بأسعار المواد #الغذائية والأساسية، لا سيما أن مرتباتهم الشهرية لم تشهد تغييراً كبيراً مقارنة بالهبوط الحاد لليرة أمام #الدولار الأميركي واليورو، منذ أواخر العام الماضي.

ولم يقتصر الضرر عليهم وحدهم، بل يضاف إليهم فئات أخرى في المجتمع ممنْ فقدوا أعمالهم ومصادر رزقهم، نتيجة نزوحهم من مدينة إلى أخرى إثر #الحرب التي شهدتها المنطقة.

“لا يدخل جيبي قرش واحد”

يقف “ياسر العمر” (47 سنةً) من حي هرابش، وهو أحد العمال المتضررين، منهكاً ومهموماً في طابور للحصول على سلة غذائية من إحدى المنظمات الإنسانية، حاله كحال عشرات العمال الآخرين، الذين باتوا عاطلين عن العمل بعد تفشي فيروس #كورونا.

ويقول العمر الذي وضع قفازات وكمامة بينما يقف أمام مركز لتوزيع المواد الغذائية في حي القصور وسط ازدحام كبير، لموقع (الحل نت) «ليس لدي سوى ذراع واحدة تعمل نتيجة إصابة بقصف لداعش أثناء حصاره للحي في 2014».

وتابع «كنت أكسب رزقي من تقديم المشروبات في قهوة صغيرة في الحي، الآن لا يدخل جيبي قرش واحد بعد إغلاقها»، مضيفاً أن «عدم الاكتراث بحالنا في الوقت الراهن، أخطر من الإصابة بالفيروس»، على حد وصفه.

ويقول “مهند الخليفة”، وهو نجار وأب لطلفين، بينما يقف خلف العمر في الطابور ذاته، «منذ أن بدأت هذه الأزمة المتعلقة بكورونا ونحن نجلس في بيوتنا من دون أي مدخول مالي، فمنذ تطبيق الحظر توقف عملي، والذي يعتبر مصدر دخلي الوحيد».

وأضاف «لا نعرف كيف نأمن مستلزمات أطفالنا الضرورية حتى، وفي حال حصل شيء صحي لأي منهم، لن أستطيع دفع فاتورة أي مستشفى»، وفق تعبيره.

“عبد القادر الخليل” (34 سنةً) سائق سيارة أجرة من حي الجورة، لا يبالي بتحذيرات الجهات المسؤولة من عدم الاختلاط، أو الوجود في تجمعات للحصول على بعض المساعدات الغذائية، والتزام المنزل حرصاً على عدم الإصابة بالفيروس.

قال الخليل لموقع (الحل نت) غاضباً «ماذا تفرق إذا أصبت بـ كورونا من عدمه؟ أنا الآن بلا دخل منذ أكثر من أسبوعين، ولا أجد قوت يومي، بعد توقف النقل حتى داخل المنطقة، نتيجة الحظر المفروض، وإذ استمر الحال هكذا، سأموت جوعاً أنا وأطفالي، وإذا أصبت بـ كورونا سوف أموت… إذا النتيجة واحدة»، على حد وصفه.

فساد ومحسوبيات في عمليات توزيع المعونات

“مها سليم” وهو اسم مستعار لسيدة من سكان القصور، أم لأربعة أطفال، ذكرت لموقع (الحل نت)، إن «فيروس كورونا عاد بذاكرتنا إلى أسوأ أيام عاشتها المدينة خلال حصار تنظيم داعش لها».

«وما زاد الأمر سوءاً حينها، هو استغلال المسؤولين وحتى عناصر الهلال الأحمر، للمعونات أما بتوزيعها وفقاً للمحسوبيات على عوائل الضباط والنافذين في المنطقة، وعناصر المليشيات على اختلاف مسمياتها، أو تخزينها وبيعها بأسعار مرتفعة، بدون رقيب، وهذا هو حالنا اليوم مع كورونا والقائمين على #المنطقة، إذ يتم تكرار واستنساخ سيناريو الحصار بطريقة أشنع»، بحسب تعبيرها.

وأشارت إلى أن «المعونات تصل لبيوت المسؤولين، الذين يجنبون عوائلهم الازدحام والاختلاط، عن طريق متطوعي الهلال الأحمر، أو بعض عناصر المليشيات، بينما يتعارك المدنيون في الحصول على ما يزيد من تلك #المعونات، ضمن طوابير مزدحمة في معركة البقاء، والحصول على سلة #غذائية حتى وإن حملت في إحدى جنباتها الفيروس».

ارتفاع جنوني للأسعار بسبب كورونا

وفي جولة لموقع (الحل نت) في أسواق المحافظة، لمعرفة أسعار بعض السلع والمواد الغذائية بعد الارتفاع الكبير الذي شهدته خلال الأيام القليلة الماضية، تبين أن أغلب المحلات التجارية تبيع بحسب سعر صرف الدولار، والأسعار غير ثابتة بين يوم وآخر بسبب تغيرات سعر صرف الدولار.

وبسبب الارتفاع الكبير في الأسعار باتت الحركة الشرائية في الأسواق ضعيفة مقارنة مع الحاجات اليومية، لاسيما حركة شراء اللحوم والفروج والبيض، وأنواع عديدة من الفواكه والخضروات، وفقاً للمصدر ذاته.

وأضاف أن «كيلوغرام #السكر الأبيض ارتفع إلى 800 ليرة بعد أن كان سعره 500 – 575 ليرة، وارتفع سعر الشاي ليصل سعر الكيلو إلى 7500 ليرة، بعد أن كان سعره قبل فترة قليلة بـ 4500.

والزيت النباتي “دوار الشمس” وصل سعر 4 لترات إلى 6500 ليرة بعد أن كان سعره 4000، كذلك أسعار الأرز ارتفعت لتصل إلى 1500 للكيلوغرام بسعر وسطي وحسب النوعية.

وتباع الأنواع ذات الجودة الممتازة من الأرز بسعر 2200 ليرة، والبرغل بسعر 850، أما الفاصولياء فقد سجّلت سعر 1500 للكيلو، بحسب نوعية الجودة، والعدس 900، بعد أن كان سعره 600.

أما أسعار لحوم العجل فقد سجّلت سعر 9000 ليرة للكيلوغرام، بعد أن كان الكيلو بـ 7500، والفروج بـ 2400، بعد أن كان سعره 1900، وصحن البيض 2000.

عجز حكومي وواقع اقتصادي متدهور

قال “ماهر العيسى” أستاذ سابق في كلية الاقتصاد بدير الزور لموقع (الحل نت) إن «الفيروس والتداعيات الاقتصادية الناجمة عنه يمكن أن تؤدي إلى “مجموعة من النتائج غير المتوقعة بينها خلل في إمدادات المواد الغذائية وضغط هائل على النظام الصحي للبلاد، الذي يعاني أساساً من تبعات الحرب».

وحذر العيسى من أن «انتشار فيروس كورونا بشكل كبير في سوريا، إذا حدث سيؤدي لإيقاف جميع القطاعات الاقتصادية، وبالتالي ستغيب المواد الغذائية عن الأسواق وسترتفع أسعارها أكثر مما هو عليه الآن، في حين أن القدرة الشرائية ستتراجع خاصة لدى الموظفين والعمال».

“ماهر الحسين” (44 سنةً) موظف في اتصالات المحافظة، قال لموقع (الحل نت) إنه «على الرغم من تطبيق الحظر الجزئي، وإغلاق المعاهد والجامعات والمقاهي والمطاعم وغيرها، لكن الموظفين في دوائر الدولة لا يزالون يواصلون مهاهم»، وأضاف ساخراً «لم يشملنا قرار الحظر وكأن فيروس كورونا لا يصيب موظفي دوائر الدولة».

استثناءات للقاطرجي وقادة ميليشيات ومتنفذين

“عمر الحسين” ناشط مدني من مدينة دير الزور قال لموقع (الحل نت) إن «هناك استثناءات لقرارات الإغلاق والحظر في دير الزور».

وأوضح أن «تلك الاستثناءات منحت لأصحاب بعض المهن والقطاعات الخاصة، في المحافظة، إلى جانب ما قيل عنها بالمهمات الفردية التي تمنح من قبل المحافظ أو نائبه».

وعلى سبيل المثال، محلات بيع #السيارات، والأدوات المستعلمة أي “سوق التعفيش” في شارع الوادي بحي الجورة، الذي استثني مؤخراً من قرارات الإغلاق، والكل يعلم أن السوق يخضع لسيطرة “فراس العراقية” قائد مليشيا الدفاع الوطني في ديرالزور، بحسب الحسين.

وأردف أن «سوق التعفيش يشهد ازدحاماً كبيراً في ساعات الصباح وفترة الظهيرة، أي الفترة المسموح بها لخروج الأهالي».

«كما سُمح لمناشر الأخشاب في حي الصناعة، ومراكز بيع مواد البناء في القصور، والتي تعود ملكيتها لمجموعة القاطرجي، بمزاولة عملهم أيضاً، في وقت منع فيه أصحاب مناشر وبعض محال بيع مواد البناء في الأحياء الأخرى من فتح محالهم، بحجة عدم امتلاكهم لتراخيص»، بحسب الحسين.

وأضاف أن «التعليمات المتعلقة بالحظر المفروض حالياً، استثنت القطاع الطبي ومحال الأغذية، والصيدليات وموظفي الدوائر الرسمية، ثم ما لبثت أن بدأت الإضافات على هذه الاستثناءات يوماً بعد آخر».

وختم الحسين بأنه «لا أحد يعلم ما هي السقوف، التي ستقف عندها هذه الاستثناءات في ظل استمرار التعامل مع استثناءات الحجر الصحي حالياً بنفس طريقة التعامل مع الاستثناءات على الحواجز الأمنية على الطرقات».

يذكر أن الحكومة السورية سمحت باستئناف عمل عدد من المهن، التي تقرر إغلاقها تحسباً لانتشار كورونا، لكن وفق شروط وأوقات محددة، وسط دعوات لصرف منحة للسوريين بخاصة مع قدوم شهر #رمضان.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.