كورونا تثقل كاهل السوريين في لبنان وتضعهم أمام خيارات محدودة

كورونا تثقل كاهل السوريين في لبنان وتضعهم أمام خيارات محدودة

في الوقت الذي شلَّ فيروس كورونا المستجد، حركة الاقتصاد العالمي، وجعل الملايين من الناس حول العالم جالسين في منازلهم دون عمل، ثمّة من يعاني من آثارٍ اقتصادية مضاعفة لهذا الفيروس.

في لبنان، تتخذ السلطات سلسلة إجراءات احترازية للحد من تفشّي الفيروس التاجي، الأمر الذي زاد من المصاعب #الاقتصادية للبلد، الذي يعاني أصلاً ممّا بات معروفاً بـ “أزمة المصارف”.

وانعكس إغلاق #المصارف سلباً على المواطنين اللبنانيين، بينما مُني اللاجئون السوريون بخسائر مضاعفة، تتجسّد في فقدان جميع مواد الدخل من جهة، وسياسة التضييق على حركتهم بحجّة فيروس كورونا من جهةٍ أخرى، بينما يتوقّع خبير اقتصادي لـ موقع (الحل نت) أن ينعكس #الفيروس مستقبلاً على حجم تمويل الدول للمفوضية، ما يزيد من مأساة #اللاجئين.

69% من الأسر تحت خط الفقر… مصاعب اقتصادية قبل “كورونا”

لم تكن الحياة الاقتصادية “وردية” بالنسبة للاجئين السوريين في لبنان، حيث أن نسبةً كبيرةً منهم لم تكن تحصل سابقاً على أساسيات المعاش (حد الكفاية) بسبب الغلاء، وتدنّي الدخل، ومنعهم من العمل وشُح المساعدات الأممية المقدّمة لهم، وانقطاعها في بعض الأحيان.

أبرز الدراسات، التي وصّفت هذه الحادثة، كانت تلك الدراسة الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، حول أوضاع #اللاجئين السوريين في لبنان بتاريخ 26 كانون الأول 2018.

وتكشف الدراسة أن 88% من الأسر السورية في #لبنان، كان عليها ديون بمبلغ وسطي 800 #دولار أمريكي في عام 2016، وارتفع الرقم إلى 900 دولار في عام 2017، ثم قفز إلى 1000 دولار في عام 2019.

وأوضحت الدراسة أن اضطرار #اللاجئين إلى “الديون” من أجل العيش يدل على أنه حتى مع المساعدات الإنسانية، لا يزال اللاجئون يفتقرون إلى الموارد الكافية لتغطية احتياجاتهم الأساسية.

وبحسب الدراسة، تطبق 90% من عائلات اللاجئين السوريين في لبنان مجموعة متنوعة من استراتيجيات تكيّف سلبية مع الديون، تتراوح هذه الإجراءات من تناول طعام أرخص إلى قضاء أيام دون تناول الطعام، وعمالة الأطفال، مشيرةً إلى أن تسعة من أصل عشر عائلات تطبق استراتيجيات التكيف المتعلقة بالغذاء.

ذات الدراسة، كشفت أن 69% من عائلات اللاجئين السوريين تحت خط الفقر، في حين يعيش 51% دون الحد الأدنى للإنفاق البالغ 2.90 دولار في اليوم، في حين أن 80% من الأطفال ذوي الإعاقة ينتمون إلى عائلات تعيش تحت خط الفقر.

خطة الحد من انتشار كورونا تثقل كاهل السوريين

منذ منتصف آذار الماضي، اتخذت الحكومة اللبنانية سلسلة إجراءات للحد من انتشار فيروس كورونا، ضمن خطّة “التعبئة العامة”، حيث تم فرض إغلاق تام على الأنشطة التجارية باستثناء الأفران، ومحلات بيع المواد الغذائية، والصيدليات.

ومنذ ذلك الوقت وحتّى الآن، لا يزال “مازن شهاب” دون عمل، بعد إغلاق المطعم الذي كان يعمل به.

مازن متزوّج وزوجته حامل في شهرها الثامن، وهو يستعد لاستقبال مولود، ولكنّه لا يملك في جعبته سوى 35 دولار أمريكي.

يقول لموقع (الحل نت) إن «مالك المنزل الذي يعيش فيه سمح له بتأجيل إيجار المنزل حتّى يعود للعمل كنوع من التضامن لكن هذا لم يحل شيئًا من أزمته».

ويردف «منذ أواخر عام 2019 قُطعت المساعدات عنّي، وأصبحت أعتمد على عملي كمصدر للدخل، ولكنّ أجري اليومي 20 دولار يكفيني وزوجتي يومياً وفي حال لم أعمل فلن أحصّل قوت يومي».

وكانت حالة “عبد الله” الاقتصادية أفضل بكثير من غيره من السوريين، فهو “معلم شاورما” وراتبه الشهري يبلغ 900 دولار أمريكي يكفيه لإعالة أسرته، ولكنّه منذ أكثر من شهر دون عمل، كان قد وفّر القليل من الأموال ولكنّها نفدت، والآن يحاول اقتراض الأموال من أحد معارفه ليحصل على الأغذية، والأدوية لابنته المريضة.

3 تحديات و3 حلول أمام اللاجئين السوريين في لبنان

يقول “جهاد يازجي” رئيس تحرير نشرة (سيريا ريبورت) في لبنان لموقع (الحل نت) إن «المصاعب الاقتصادية على اللاجئين السوريين تزيد مع انتشار فيروس كورونا، ولا سيما أن النسبة الأكبر من اللاجئين السوريين في لبنان هم من النساء والأطفال».

وأضاف يازجي، أن هناك ثلاثة تحدّيات تواجه اللاجئين السوريين في لبنان، الأولى هي فيروس كورونا وفقدانهم لأعمالهم، والثانية هي الأزمة اللبنانية المصرفية، حيث أن الكثير من السوريين فقدوا أعمالهم بسبب هذه الأزمة، التي بدأت من تشرين الماضي، كما أن مستوى دخلهم تحوّل من الدولار الأمريكي إلى الليرة اللبنانية وخسر جزءًا من قيمته الشرائية.

أما التحدّي الثالث بحسب يازجي، فهو أنّه نتيجة جائحة كورونا فإن إمكانيات الدعم المالي الموجّهة للمفوضية من الممكن أن تنخفض العام القادم لأن هذه الدول أصبح لديها أولويات أخرى بالتزامن مع تفشّي #الفيروس فيها، وهذا قد يجعل الفترة القادمة على السوريين أكثر صعوبة.

ويرى يازجي أن أحد الحلول الموجودة أمام اللاجئين السوريين هي العودة إلى سوريا خاصة الاشخاص غير  المطلوبين أمنياً هناك، وفي حال لا يستطيعون من الممكن إرسال أفراداً من أسرته بسبب مجانية العلاج والتعليم والخدمات في سوريا.

أو محاولة الهجرة خارج لبنان بطريقةٍ ما، أمّا الحل الثالث فهو التقشّف في الغذاء والملبس والدواء وأساسيات الحياة وقد يضطروا إلى تشغيل الأطفال وهنا قد يتعرّضون لاستغلال في العمل.

كما يوضّح أن الاهتمام بقضيّة اللاجئين تراجع في الإعلام العالمي حتّى قبل تفشّي جائحة كورونا، وبالتالي خفّت الضغوطات على الحكومات الأوروبية لتقديم المزيد من الدعم المالي للاجئين، وهو ما يجعل المستقبل القريب “مقلق جداً”، بحسب يازجي.

يذكر أن عدد اللاجئين السوريين في لبنان يبلغ أكثر من مليون لاجئ، بحسب أرقام مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، فيما تقدر الحكومة اللبنانية عدد اللاجئين السوريين بنحو 1.5 مليوناً.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.