كورونا يفرض شروطه على عادات أهالي دير الزور في رمضان

كورونا يفرض شروطه على عادات أهالي دير الزور في رمضان

يستعد السوريون لاستقبال شهر رمضان هذا العام، وسط غياب فعاليات اجتماعية ودينية جراء تفشي فيروس كورونا المستجد، وما رافقه من إجراءات احترازية.

ودفع انتشار الفيروس إلى فرض حظر تجوال جزئي، وتعليق الصلاة في المساجد، وتجنب التجمعات العائلية، وتوقف الحركة في الأسواق، الأمر الذي سيغير بالتأكيد الوجه المألوف والمميز لهذا الشهر.

وكبقية المحافظات الأخرى، يستعد أهالي محافظة #دير_الزور شرقي سوريا، لاستقبال شهر رمضان بحرص شديد، مع ضرورة التخلي عن كثير من العادات والتقيد بالتعليمات الصحية، في ظل انتشار #كورونا.

واعتاد الأهالي، قبيل حلول شهر #رمضان، الإقبال بكثافة على #الأسواق والمحلات، حتى أن التجار كانوا يعدون مخازن خاصة لهذه الفترة.

ويمثل شهر رمضان عادة مصدراً لازدهار تجارة صغار الباعة والجوالة أيضاً، ويزداد الإقبال على محلات بيع المرطبات، والحلويات وغير ذلك.

الأسواق في مدينة #دير_الزور وريفها من أهم معالم استقبال هذا الشهر الفضيل، إذ لا يحلو للسكان الاحتفال بشهر الصوم، إلا بشراء مختلف أنواع #السلع الغذائية.

ويأتي التمر، والزبيب، وقمر الدين، والعرقسوس، والتمر الهندي، والمعجنات في مقدمة الرغبات الشرائية، التي لا تتأثر بأي ظرف حتى ولو بـ فيروس #كورونا.

التمر مكون أساسي في موائد رمضان

ومع اقتراب شهر رمضان في كل عام، ترتفع أسعار التمر، والزبيب، وقمر الدين، كما ترتفع معها أسعار كل ما تدخل هذه المواد في صناعته كبعض أنواع الحلويات والعصائر.

والتمر أساسي على مائدة سحور أهالي دير الزور وريفها، فقد اعتاد الأهالي على تناول وجبة تدعى (الحنيني) عند السحور بشكل يومي، حيث يوضع التمر من دون العجوة مع القليل من السمن أو الزبدة في مقلاة على نار هادئة ويرطب بقليل من الماء ويهرس ويقلب لمدة عشر دقائق، ويوضع ساخناً على مائدة السحور، ويتم تناوله بالخبز.

التجار واستغلال كورونا

“ساهر الخلف” صاحب بقالية من سكان حي الجورة قال لموقع (الحل نت) إن «التجار يلعبون دوراً  في ارتفاع أسعار التمر قبيل شهر رمضان، من خلال احتكاره قبل عدة أشهر ومن ثم طرحه في #السوق بكميات كبيرة عند اقتراب الشهر».

وما ساعدهم لمضاعفة سعره بشكل أكبر الآن هو أزمة الكورونا ، فطمع #التجار بالربح، وغياب الرقابة أدى إلى طرح كميات كبيرة من التمور غير صالحة للاستهلاك، خلال الأسابيع القليلة الماضية، على حد قول الخلف.

وتباينت أسعار التمور في أسواق مدينة دير الزور وريفها تبعاً للمصدر والنوعية، إذ تراوحت أسعار الكيلو لبعض أنواع التمور من النوع الجيد في المحلات بين 8000 و12000 #ليرة سورية، وهي قليلة الطلب لارتفاع أسعارها.

في حين عرضت المحلات الشعبية و”البسطات” أنواعاً مختلفة من التمور بأسعار تتراوح بين 3500 و4000 ليرة، و بعضها بسعر 1000 ليرة، وتشهد إقبالاً كبيراً.

غياب التمر عن بعض الموائد بسبب الغلاء

يرى سوريون كثر أنه لا يمكن الاستغناء عن التمر في شهر رمضان، فلا بركة بالإفطار من دونه، بحسب عدد من الأهالي، أما البعض فقد اضطر للامتناع عن تناوله نتيجة ضيق الحال، وكثرة عدد أفراد الأسرة.

وقالت “ليلى العيسى”  تقطن في مدينة البوكمال لموقع (الحل نت) إن «سعر كيلو تمر واحد بالوقت الحالي نعمل فيه فطور يومين».

أما “أمين الرجب” من مدينة العشارة ، فكان رأيه أنه «مو ضروري الناس تتسحر أو تفطر على تمر، لو بطلوا يشتروا كان رخص سعره، أنا مع مقاطعة كل شي مو ضروري وعم يرفعوا سعره مستغلين أزمة الكورونا» وفق تعبيره.

نصائح صحية لرمضان في زمن “كورونا”

وقدم الطبيب “تيسير الحماد” مدير المركز الصحي في مدينة الميادين، عدة نصائح للمواطنين، قبل شراء أي مواد أو سلع مكشوفة، دون انتقال الفيروس، قائلاً يجب الحرص على غسل اليدين جيداً لمدة 20 ثانية، وتعقيمها بمطهر كحولى قبل وبعد عملية الشراء، وغسل عبوات المشتريات جيداً تحت تيار ماء جارٍ قوى.

والحرص على مسح عبوات السلع كالسمن والزيوت، بمناديل ورقية بمطهر كحولى، يفضل تعقيم وتطهير الأيدي جيداً بمطهر كحولي، أو الماء والصابون، قبل الإمساك بالمشتريات وتفريغها، ويجب التخلص من الأكياس الشرائية على الفور أثناء العودة من المنزل، تجنباً للإصابة بعدوى كورونا، بحسب الحماد.

وتابع الحماد، في حديثه لموقع (الحل نت) أنه «يجب شراء التمر و التين المجفف والزبيب، مغلفة أو معلبة والابتعاد تماماً عن السائب، لأنه يكون أكثر عرضة للتلوث أو رذاذ أي إنسان مريض، وشراء المشروبات مثل التمر هندي والعرقسوس، مغلفة في أكياس، وتجنب السائب المباع عند البسطات، أو الأماكن المكشوفة، ويمكن إعادة تحميص المكسرات مرة أخرى في مقلاة على النار أو في الفرن في حال شرائها سائبة أيضاً».

“سلوى” ترتدي كمامة واقية، وتقف بطابور لشراء الخضار في شارع الوادي في حي الجورة أشارت لموقع (الحل نت) إن «رمضان هذا العام ليس كأي رمضان، لقد فقدنا نكهة التسوق استعداداً للشهر المعظم كما السنوات الماضية».

 أولويات المواطن مواد التعقيم والأقنعة

وهذا العام، قام كثير من الناس بتحويل المخصصات #المالية لشهر رمضان وتحويلها إلى شراء القفازات، والأقنعة، وغيرها من أساليب الوقاية من فيروس كورونا.

في مدينة الميادين، قال رياض (44 سنةً) «قمت بادخار مبلغ من أجل شراء تجهيزات رمضان، لكن الآن أقوم  بإنفاقه بدلاً من ذلك على شراء أشياء للحجر الصحي والوقاية من الفيروس».

وأضاف لموقع (الحل نت) «لا ولائم ولا زيارات هذا العام، فقد أعادنا الفيروس إلى أيام رمضان في زمن سيطرة #داعش» على حد وصفه.

بينما شبهت  “أم حسان” من حي هرابش، حصار #داعش للمدينة في 2014، بحصار كورونا الحالي، وضربت أمثلة على وجه التشابه بين الاثنين، بأن «الشراء  بات يتركز بشكل كبير على البقوليات والعدس والأرز كونها تصمد في التخزين لفترات طويلة، إلى جانب سهولة طبخها بدون تكاليف إضافية، ما ساهم بارتفاع أسعارها بشكل لافت، وهذا ما حصل أثناء حصار التنظيم»، وفق قولها.

الموائد الخيرية غائبة في رمضان هذا العام

وذكر “محمد خير الله” من سكان حي الموظفين لموقع (الحل نت)، أن «الفئة الأكثر تضرر خلال رمضان، ستكون من المحرومين والفقراء الذين دائماً يلجؤون إلى موائد الإفطار الجماعي أو كما تعرف بموائد الرحمة، التي تنظمها بعض المساجد والجمعيات الخيرية، طيلة الشهر، ولكن لا تجمعات مسموحة في فترة الحجر».

الموظفين والعمال من الفئات المتضررة

وقال “ثامر الحسن” موظف في سلك الاتصالات لموقع (الحل نت) إن «الحكومة السورية لم تعلن حتى الآن عن أية إجراءات لدعم الموظفين أو العمال الذين توقفت  أعمالهم نتيجة الأزمة الحالية».

واقتصرت المساعدات على أشكال إجرائية، فمثلاً قررت صرف المعاشات في قطاع الاتصالات والصحة في وقت مبكر، ووعدت بتيسير حصول الفئات الفقيرة على المساعدات الغذائية والخبز.

مخاوف من عدم الالتزام بتعليمات الوقاية من كورونا خلال رمضان

وتكثر المناسبات خلال شهر رمضان في محافظة دير الزور، على غرار تنظيم مناسبات عائلية كعقد القران والخطوبة، حيث ينتهز الأهالي قدسية الشهر.

وقال أستاذ علم الاجتماع في جامعة الفرات “عمران حماد صليبي” في حديث (الحل نت) إن «رمضان في زمن كورونا سيكون الأقسى على الجميع في غالبية المحافظات السورية، إذ سيُحرمون من عادات وتقاليد، وخاصة شهر رمضان يدل على الألفة والجماعة، إلا أن التعليمات الصحية وضرورات الالتزام بالحجر الصحي العام ستحول دون ذلك».

وأشار إلى أن «رمضان كان يمثل مناسبة دينية واجتماعية للتقارب الأسري والعائلي في وقت تفرض الجائحة التباعد والالتزام بالتواصل عن بعد، خشية الإصابة وانتقال العدوى».

واختتم  “صليبي” حديثه قائلاً إن «قرارات الحظر الاحترازية وإجراءات السلامة المفروضة حالياً، والمتمثل بعض منها بإلزام الناس بعدم زيارة أهلهم وذويهم، ستخلف أثاراً نفسية ومجتمعية، فلم يعتد الناس، خصوصاً في رمضان، قطع العلاقات، مما يزيد من مخاوف كسر التعليمات الصحية لدى البعض ممن يعدون قضاء رمضان وسط العائلة والأهل أمراً ضرورياً».

يذكر أن الحكومة السورية اتخذت إجراءات احترازية تحسباً لـ كورونا، أدت إلى ارتفاع كبير في الأسعار، وتوقع في عدد من الفعاليات الاقتصادية، الأمر الذي ترك عمالاً كثر بدون أي دخل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.