السوريون يستقبلون شهر رمضان مع شبح كورونا والأسعار والحرب

السوريون يستقبلون شهر رمضان مع شبح كورونا والأسعار والحرب

على الرغم من أن شهر رمضان المبارك، كان يأتي مختلفا كل سنة عن الأخرى خلال سنوات الحرب، إن كان من حيث الغلاء؛ أو من حيث الوضع الأمني، إلا أن التحضيرات والاحتفالات بالشهر الفضيل المعتادة كانت موجودة ولا بد منها، لكن هذا العام يبدو مختلفا بالفعل عن كل ما سبق في سنوات الحرب، وذلك تحت وطأة المخاوف من انتشار فايروس #كورونا، والإجراءات الاحترازية المتبعة لمواجهته كفرض حظر التجول، وتوقف الكثير من المهن، مترافقاً بارتفاع جنوني للأسعار وصل أضعاف ما كان عليه العام الماضي.

بأي حال عدت يا رمضان

يشهد السوريون هذا العام شهر رمضان مختلف عما عهدوه في سنوات الحرب وما قبلها، إذ يتزامن مع انتشار فيروس كورونا الذي سيغير العادات المرافقة لهذا الشهر الفضيل، بالتزامن مع ترديّ مستويات المعيشة لمعظم السوريين.

يقول «عماد» وهو متقاعد لـ«لحل نت» إن «شهر رمضان المبارك كان يختلف من سنة لأخرى منذ بدء #الأزمة_السورية مقارنة بما قبلها، وذلك فيما يتعلق بالتحضيرات والاستهلاك والعادات والإقبال على الأسواق وغيرها»، مشيراً إلى أن «شهر رمضان هذا العام مختلف تماما عن كل سنوات الأزمة، مترافقاً بأعباء أثقلت كاهل السوريين».

من جهته، قال (حاتم. ش) لخلال حديثه لـ«الحل نت» إن «أكبر مخاوف #السوريين هذا العام هو العامل الاقتصادي، خصوصاً مع احتياجات هذا الشهر الكريم المختلفة عن باقي الأشهر، في ظل تزايد استهلاك المواد الغذائية».

وأضاف «حاتم» أن «حالة الإغلاق المفروضة منذ شهر تقريباً، زادت الضغوط الاقتصادية على السواد الأعظم، كما أن العديد خسروا وظائفهم بسبب توقف عدد من #الشركات، واستغناء بعضها الآخر عن عدد من الموظفين لتوفير النفقات».

بدوره، قال (محمد. ج) الذي يعمل موظفاً إن «ارتفاع الأسعار أدى إلى تآكل #الرواتب بشكل كبير، حيث لم يعد يسد احتياجات الأسرة»، لافتاً إلى أن «شهر رمضان هذا العام سيكون مختلفاً حيث تعيش معظم الأسر السورية أوضاعاً عصيبة، بسبب ارتفاع الأسعار الجنوني، وإجراءات الحجر المفروضة بسبب كورونا».

تغير في السلوك الاستهلاكي

مع أن السوريين اعتادوا على شراء ما يحتاجون ويشتهون في إطار تحضيراتهم لشهر رمضان قبل الحرب، إلا أن تلك بدأت تتغير شيئاً فشيئاً بسبب الوضع الأمني والمعيشي، وصولاً إلى هذا العام الذي يعتبر الأقسى على معظم الأسر السورية، إذ سيفرض تغيراً جذرياً على أولويات الأنفاق والسلوك الاستهلاكي الذي سيركز على السلع الأساسية فقط».

يتحدث (خالد. ج) صاحب سوبر ماركت عن ذلك لـ«الحل نت» من أن معظم «الأسر انحصر استهلاكها الغذائي بالأساسيات فقط، كالمعكرونة والأرز والبقوليات بسبب #ارتفاع_الأسعار الكبير الكل السلع»، متوقعاً «استمرار هذا السلوك الاستهلاكي في شهر رمضان، بسبب الظروف الصعبة التي يعاني منها السوريون، خاصة بعد الحجر وفقدان الكثير من الأسر لدخلها».

وتوقع «خالد» غياب العديد من «المأكولات هذا العام عن موائد أغلبية السوريين، بسبب ارتفاع الأسعار وخاصة اللحوم والحلويات»، لافتا إلى أنه «حتى أسعار الخضروات مرتفعة جداً مقارنة بالعام الماضي».

وعما إذا كان تخزين المواد الغذائية في الآونة الأخيرة لمواجهة كورونا أفاد السوريون للتحضير لشهر الصيام، أوضح أن «هذا الأمر قد يفيد بعض الأسر التي خزنت الكثير من المواد، علماً أن الاستهلاك زاد في فترة الحجر، إلا أن هذا قد يؤثر سلباً على معظم الأسر التي قامت بتخزين كميات قليلة، كونها فقدت مدخراتها في تخزين سلعها التي من المؤكد أنها ستنفذ».

كورونا قضت على العادات

وليس الاستهلاك هو المتأثر بل العادات والطقوس المرافقة للشهر الفضيل، إذ يقول (بدر الدين. ع) إن ما يميز رمضان هو «الجو العائلي الذي كنا نشهده في السابق، ولمة العائلة والأصدقاء على موائد الإفطار ومشاعر السرور والبهجة، إلا انه هذا العام فان هذا الأمر ملغى بسبب كورونا».

وأضاف أن «ممارسة طقوس العبادة والشعائر الدينية في المساجد أيضاً، هي من الطقوس التي لن يقوم بها السوريون هذا الشهر بسبب إجراءات الحظر المتبعة، والتي كانت تضفي جوا من الألفة بين السوريين».

ومن عادات شهر رمضان في سوريا اجتماع العائلات على موائد الإفطار، وتبادل الجيران للطعام (السكبة)، إلا إن هذه العادات تأثرت في سنوات الحرب. كما ستنحصر موائد الإفطار والسحور للأسر الميسورة في البيوت فقط؛ حيث كان عدد من تلك الأسر من رواد المطاعم التي تم إغلاقها حاليا لمواجهة فيروس كورونا.

باحث اقتصادي: رمضان هذا العام هو الأقسى على السوريين

من جانبه، قال الباحث الاقتصادي (ز. ح) لـ«لحل نت» إن «شهر رمضان هذا العام يعتبر الأقسى على السوريين، وذلك مع وصول مستويات المعيشة إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، بسبب فيروس كورونا الذي أثر على الاقتصاد العالمي برمته، والذي ترافق بارتفاع جنوني للأسعار».

وأضاف الباحث أن «التقديرات تشير إلى أن تكلفة المعيشة للأسرة السورية، وصلت إلى نحو 430 الف #ليرة_سورية، بسبب ارتفاع #سعر_صرف_الدولار الذي قارب 1300 ليرة، بالتزامن مع خسارة الكثير من السوريين لأعمالهم بسبب انتشار جائحة كورونا، وهذا بدوره سيفرض تغيرات مؤلمة على سلوك السوريين في هذا الشهر، خاصة وان #معدلات_الفقر تجاوزت 83 % قبل انتشار الفيروس».

وأردف الباحث الاقتصادي أن «عاملاً آخر أثر على متطلبات واحتياجات الأسر في شهر رمضان، هو تحويلات المغتربين في الخارج لأسرهم، وخاصة في شهر رمضان وعيد الأضحى المبارك، إلا أن إجراءات الحظر المتبعة في معظم دول العالم ستؤدي إلى انخفاضها، حيث تشير تقديرات اقتصادية سورية أن حجم #التحويلات قد ينخفض بنحو 50 % ليصل إلى 2 مليون #دولار يومياً».

وتوقع الباحث (ز. ح) اقتصار موائد رمضان هذا العام لأغلب الأسر على الأساسيات، مع غياب شبه تام للحوم والحلويات التي ارتفعت أسعارهما بشكل كبير.

ردم الهوة بين الدخل والاستهلاك

وعن الإجراءات الحكومية لمعالجة تدهور مستويات المعيشة وخاصة في شهر رمضان، شكك الباحث الاقتصادي بنجاعة تلك الإجراءات، قائلا إن «الحكومة فشلت في الأشهر الأخيرة في الحد من ارتفاع الأسعار من جهة، ولم تسفر إجراءاتها في تامين بعض السلع بالسعر المدعوم، في ردم الهوة السحيقة بين الدخل والاستهلاك من جهة ثانية، وهذا سيستمر في شهر رمضان».

وكانت #وزارة_التجارة_الداخلية وحماية المستهلك، قد طلبت من المؤسسة السورية للتجارة العمل على تأمين مستلزمات واحتياجات المواطنين من المواد والسلع الغذائية وغير الغذائية كافة، وخاصة فيما يتعلق بمتطلبات المائدة الرمضانية، وبأسعار منافسة وبالجودة والنوعية الجيدة. كما طلبت الوزارة من مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك في المحافظات إجراء عملية سبر للأسعار ولجميع المواد وبشكل يومي، والتأكد من توفر المواد والسلع وانسيابها بالأسواق بالشكل الكافي والجودة والمواصفة والسعر المحددين أصولاً.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.