تغييرات عسكرية جذرية في “هيئة تحرير الشام”: هل بات مصيرها متعلقاً بالتفاهمات الدولية؟

تغييرات عسكرية جذرية في “هيئة تحرير الشام”: هل بات مصيرها متعلقاً بالتفاهمات الدولية؟

لم يمض شهر على إبرام #الاتفاق_الروسي_التركي حول محافظة #إدلب السورية، في الخامس عشر من آذار/مارس الماضي، حتى أعلنت #هيئة_ تحرير_ الشام عن تغييرات في هيكليتها العسكرية. فأصبحت مكونة من ثلاث وحدات عسكرية أساسية، تسمى “ألوية” بدلاً من “قطاعات”، وهي التسمية التقليدية لوحدات الهيئة القتالية.

تباينت الآراء والتحليلات بخصوص خطوة الهيئة الأخيرة، فالبعض اعتبرها نتيجة طبيعية للمرحلة الراهنة، ومحاولة للتأقلم مع الفترة القادمة، بعد التفاهمات الروسية-التركية، فيما رأى آخرون أنها نابعة من الخلاف داخل الهيئة، خصوصاً مع حملة الإنشقاقات الأخيرة لقيادات فيها، والخسائر العسكرية في أرياف إدلب وحماة، خلال حملة #القوات_الحكومية الأخيرة، مطلع العام الحالي.

استعداداً للمرحلة القادمة

كان من اللافت صدور قرار بتعيين “أبي حفص بنش”، الذي يعتبر العقل الاقتصادي للهيئة، قائداً عسكرياً للواء “طلحة بن عبيد الله” المُشكل حديثاً.  وتربط “أبو حفص” علاقة مصاهرة مع “أبي محمد الجولاني” قائد التنظيم. وكذلك تسمية “أبي ابراهيم عندان” مسؤولاً عن الطرق، بعد أن كان قائد قطاع حلب، إضافةً لإقالة “أبي خالد الشامي” من منصبه متحدثاً باسم الهيئة، وتعيينه مسؤولاً عن “المطبخ العسكري”.

وعن سبب إنشاء الألوية الجديدة، وتبديل القيادات العسكرية، قال مصدر مقرّب من “هيئة تحرير الشام”: «تأتي هذه التغيرات الكبيرة داخل صفوف الهيئة للتحضير للمرحلة المقبلة في إدلب، وهي مرحلة الاستقرار بعد قرار وقف إطلاق النار، وبالتالي قامت الهيئة بإحداث تغييرات، من خلال وضع شخصيات مقبولة أكثر بين عناصر الهيئة، وأكثر مرونة في التعامل».

وأضاف المصدر (فضّل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية) لموقع «الحل نت» أن «الخسائر العسكرية التي تكبّدتها الهيئة خلال الأشهر الأخيرة، وفقدت على إثرها مساحات واسعة ومدن استراتيجية، جعلتها تعمل على ترتيب صفوفها العسكرية من جديد، خصوصاً بعد عمليات الانشقاق المتتالية في صفوفها، وتصاعد الحديث عن الفساد المالي والإداري، وحتى العسكري، داخل التنظيم».

ولدى سؤاله عن سبب تغيير مسمى “قطاعات” إلى “ألوية” أوضح المصدر أن «تسمية ألوية”  تغّير واضح في سياسة “تحرير الشام”، لإعطائها طابعاُ بقرّبها من تشكيلات الجيوش النظامية، فتم تقسيم الألوية إلى قسمين، القسم الأول زجّ في معسكرات، منذ انطلاق المعارك في ريف إدلب الشرقي والجنوبي، وأفراده مستجدون على الهيئة، والقسم الأخر مدرب على التكتيكات العسكرية، ولديه خبرة قتالية. وبالتالي ما حدث هو محاولة خلق توازن بين الألوية الثلاثة التابعة للهيئة، والتي تضم كتائب من مناطق سورية مختلفة».

إعادة الثقة

من جهته يرى “سعد الشارع”، الخبير في شؤون الجماعات الجهادية، أن «”تحرير الشام” مع كل تغير لشكل الخارطة العسكرية في سوريا، كانت تقوم بتغيير تنظيم القوات العسكرية لديها، فحملة الحكومة السورية على أرياف حماه وإدلب استطاعت قضم مساحات كبيرة في منطقة “السكة”، التي كان للهيئة سيطرة مطلقة عليها، وبالتالي كان لا بد للهيئة من ترميم قواتها العسكرية، والعمل على إعادة الثقة بين عناصرها، الذين تركوا القتال بعد الخسائر الكبيرة، وأصبحت ثقتهم مهزوزة بقياداتهم، ما دفع الهيئة لوضع شخصيات عسكرية من الصف الثاني، لكنها أكثر قرباً من العناصر، ولديها خبرة قتالية بالوقت نفسه».

وأشار الخبير في حديثه لموقع «الحل نت» أن  «”تحرير الشام” تحاول دائماً التماهي مع الظروف التي تمرّ بها، فلاحظنا قبل سنوات كيف حلّت ارتباطها مع تنظيم #القاعدة، ومن ثم أنشأت تحالفات محلية، عندما شكلت #جبهة_فتح_الشام مع باقي الفصائل، فالإعلان عن إنشاء ثلاثة ألوية هو من وجهة نظري مرتبط بالوضع العسكري، وليس له أي مدلولات سياسية في المنطقة».

وأردف “شارع” قائلاً: «يعتبر الشمال السوري منطقة استعصاء سياسي وعسكري، والهيئة تحاول لملمة بعض العناصر والمجموعات التي تخلّت عن القتال خلال الأشهر القليلة الماضية، وأي تبدلات أو تطورات جديدة في الشمال السوري سيتبعها تعديل من قبل “هيئة تحرير الشام”، حتى لو كان مجرد تعديل شكلي، وبالتالي فمع أي عمل عسكري او تبديل في خارطة المنطقة، سيكون للهيئة كلمة في الموضوع».

ماذا عن التفاهمات الدولية؟

تعتبر المنظمات الإرهابية التي تصّنف “هيئة تحرير الشام” من ضمنها، واحدة من أكبر المعضلات التي تقف في وجه التفاهمات الدولية، لاسيما التركية-الروسية، خصوصاً بعد تعهّد #تركيا في اتفاق #سوتشي الاخير بنزع السلاح من التنظيمات المصنفة إرهابيةً.

ويرى الخبير “سعد شارع” أنه «منذ بداية مساري “أستانة” و”سوتشي” بخصوص سوريا قبل عامين ، كان مطلب #روسيا من تركيا هو التخلص من “هيئة تحرير الشام”، وتركيا لا تريد إنهاء وجود الهيئة، كونها تؤدي دورها، فالمعارك العسكرية لم تنته بعد، كون الهيئة مازالت صاحبة الأفضلية في المعارك العسكرية، وبالتالي من غير المعروف إلى أي مدى أو زمن يمكن أن تُبقي تركيا على وجود الهيئة والتفاهمات الدولية بالنهاية هي من تحدد ذلك».

أما عن موقف “هيئة تحرير الشام” من التفاهمات الدولية، فيؤكد المصدر المقرّب من الهيئة أن «تركيا تحاول ضبط “هيئة تحرير الشام” أكثر من حلّها في الوقت الراهن، وبالتالي تعرف الهيئة أن تركيا هي الضامن الوحيد لبقاءها في الشمال السوري، خصوصاً مع حصار النظام لها من جنوب إدلب، وبدء تحكّمه في الطريق الدولي، وبالتالي فقدت الهيئة مورداً مالياً هاماً، تحاول تعويضه من خلال الالتزام بما تمليه عليها تركيا، حتى وإن كانت التصريحات الإعلامية للهيئة مخالفة للرؤية التركية».

وختم المصدر حديثه بأن الموقف الأميركي مقارب للموقف التركي بما يخص وجود الهيئة، لكبح نفوذ #إيران في المنطقة، وهو ما قاله “جيمس جيفري”، المبعوث الأميركي إلى سوريا، خلال مؤتمر صحفي في شهر شباط/فبراير الماضي: «”هيئة تحرير الشام” تركّز على قتال نظام الأسد، ولم يُشهد لها تهديد على المستوى الدولي منذ فترة من الزمن».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة