ما التغييرات التي طرأت على حقوق المرأة في القانون السوري منذ 2011؟

ما التغييرات التي طرأت على حقوق المرأة في القانون السوري منذ 2011؟

انضمت سوريا إلى اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (#سيداو) منذ عام 2004، مع تحفظات تجاه بعض مواد هذا الميثاق وعلى رأسها المادة (رقم 2) المتعلقة بحق المرأة في إعطاء جنسيتها لأولادها، بالإضافة إلى بعض البنود الأخرى المتعلقة بالميراث والحضانة وغيرها. لم يكن  قانون الأحوال الشخصية المعتمد منذ عام 1953 والمعدل في العام 1975 متوافقاً مع اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وكذلك لم يكن يتوافق بالكامل مع نص دستور سوريا بحد ذاته فهو ينص في مادته  الـ (33) على تساوي المواطنين في الحقوق والواجبات، دون تمييز بينهم على أساس الجنس.

أقر مجلس الشعب السوري في شباط عام 2019 القانون رقم 4 المعدل لقانون الأحوال الشخصية، فماذا تغير؟

اعتبر حقوقيون وناشطون أن استبدال مصطلح «عقد نكاح» بـ «عقد زواج»، واعتماد «يحلان لبعضهما»، ليس بالتغيير الجذري، إلا أنه، برأي المحامي “محي الدين الميداني”، يحمل في طياته إقراراً صريحاً بأن الزواج عقد شراكة حياة وحقوق وواجبات، وهذا مؤشر جيد. فماذا عن باقي التفاصيل؟

 

بين القانون والأمر الواقع، زواج القاصرات والعنف الأسري
تأثر المجتمع بالحرب التي بدأت في سوريا منذ حوالي تسع سنوات، وازدادت الظروف المعيشية صعوبة، فسجل المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية في عام 2015 ارتفاع نسبة زواج #القاصرات من 7 إلى 30 في المائة، فهل ساعد التغيير الجديد على حماية القاصرات؟

يقول المحامي “الميداني” إنه رغم تجريم زواج القاصرات تحت سن 18 سنة، بحسب التعديل الجديد على قانون #الأحوال_الشخصية، إلا أن تزويج القاصرات مازال قائماً، وذلك أيضاً رغم منع الزواج الجاري خارج المحكمة تحت طائلة العقوبة بالحبس للزوجين والولي وعاقد الزواج، وبدلاً من الالتزام بالقانون لجأ بعض المخالفين إلى اعتماد العقود الشفهية دون أي وثيقة، فالمشكلة من وجهة نظر “الميداني” اجتماعية بقدر ما هي قانونية.

يحمي القانون القاصر إذا تقدمت بشكوى عند إكراهها على الزواج، وبناءً على تلك الشكوى يتم إبطال عقد الزواج فوراً ولكن، ولكن هل تملك القاصر في مجتماعتنا القدرة على تقديم شكوى؟ وهل هناك من يدعم قرارها أو يحميها من رد فعل ولي أمرها؟

ليس هناك مادة خاصة متعلقة بالعنف المنزلي الجسدي أواللفظي في القانون السوري، علماً بأن التصريحات الرسمية لرئيس الهيئة العامة للطب الشرعي في عام 2016، أكدت على ازدياد نسبة العنف الأسري ووصول نسبة تعرض المرأة للضرب إلى 50% في السنوات العشر الأخيرة. بالمقابل يضمن القانون لكل مواطن حق مراجعة مخفر الشرطة في حال التعرض للضرب أو الإيذاء والتقدم بادعاء شخصي مرفق بتقرير من الطبيب الشرعي لبيان مقدار الأذى، وتحدد العقوبة للمدعى عليه مهما كانت صلته بالمدعي بحسب مقدار الأذى الجسدي الذي تسبب به. ربما يساعد هذا القانون المرأة المعنفة، خصوصاً إن كان لديها جهة تلجأ لها، أو قدرة مادية على الاستقلال، لكن مامدى توفر هذين الشرطين لـ #نساء مجتمعنا وماذا عن القاصرات؟

 

قوانين أكثر إنصافاً
ارتاحت كثير من #الأمهات المطلقات للتعديل الأخير لقانون الأحوال الشخصية، الذي «رفع سن حضانة الأطفال، الذكور و #الإناث، إلى سن 15 عام، يخيّر الطفل بعدها مع مَن يريد أن يعيش. ولم يعد من حق الأب سحب الحضانة من الأم في حال عملها، كما لم يعد من حقه السفر مع الأولاد إلا بموافقة الأم وذلك حتى في أثناء الزواج ولا يقتصر ذلك على حالات الطلاق».

بالإضافة إلى ذلك «يمكن للمرأة التراجع عن تنازلها عن الحضانة، والتراجع عن تخليها عن النفقة عند الطلاق». إذ أن ظروف المرأة يمكن أن تتغير بالإضافة إلى ضرورة حمايتها من احتمال اضطرارها لتقديم تلك التنازلات تحت الضغط والإكراه أحياناً.

ومن القوانين التي تغيرت أيضاً لمصلحة #المرأة الفقرة (3)من المادة (5) التي تفيد بـ «حساب قيمة المهر الشرائية عند الاستحقاق وليس وقت توقيع عقد الزواج، وهذا يعطي فرصة كبيرة للمرأة التي ترضخ لظروف الإساءة والاضطهاد كونها لا تملك القدرة المادية على فسخ عقد الزواج». وأصبح التعويض عند الطلاق من حقها، دون شروط بعد أن كان هناك شروط غير عادلة في القانون القديم، تنتقص من كرامة المرأة وحقوقها وتعتبرها من أملاك الزوج.

يمكن للمرأة أيضاً بحسب التعديل في المادة (14)، «تقييد عقد الزواج بشروط خاصة، على ألا تخالف الشرع والقانون»، مثل اشتراط حقها في العمل أو الدراسة أو عدم جمعها مع زوجة ثانية على سبيل المثال، ولكن في واقع الأمر ليس هناك ما يمنع الزوج من مخالفة الشروط، إنما يمكن للمرأة فسخ العقد عند مخالفة أي شرط إن أرادت، أو بصيغة أكثر واقعية إن أرادت وتمكنت من ذلك لظروفها الاجتماعية والمادية.

 

مواضيع حساسة
تعي معظم السوريات أن ثمة نقاط مفصلية في المواد المتعلقة بحقوق النساء في القانون السوري، على رأسها قانون الجنسية وحق المرأة في منح الجنسية لأولادها في حال زواجها من غير سوري إذ أنها ليست أقل قيمةً أو مسؤولية من الرجل.

وعلى هذا الصعيد يرى المحامي “الميداني” إن تعديل القوانين أنصف المرأة في بعض حقوقها، لكن المشكلة ما تزال متعلقة بالعادات والتقاليد التي تظلم المرأة فعلياً، فهناك بعض المحافظات والقرى السورية التي لا يلتزم بعض أفرادها بالقانون القديم، ولا الجديد، ولا تُعطى المرأة حقها في الميراث مطلقاً، على سبيل المثال لا الحصر، ولا يمكن للمرأة الاعتراض إلا فيما ندر وعندها تصبح معرضة لكافة أنواع الخطر والضغط الاجتماعي.

 

خطوة كبيرة
صدر القانون رقم 2 في آذار 2020 ليحمل تغييراً جذرياً وتم فيه إلغاء العذر المخفف من قانون العقوبات لمرتكب ما يسمى بـ «جريمة الشرف». فقد كان نص المادة في قانون العقوبات الصادر عام 1949 يعفي القاتل تماماً من العقوبة، وعدّل في عام 2009، ليصبح للقاتل العذر المخفف الذي يحدد فيه الحد الأدنى للعقوبة بالحبس لمدة سنتين، ثم عدل في عام 2019، ليصبح الحد الأدنى للعقوبة الحبس من خمس إلى سبع سنوات.

يعتبر هذا التغيير خطوة كبيرة، خصوصاً وأن كثير من الجرائم التي تم التغاضي عنها تحت هذا «العذر»، ارتكبت بدوافع الانتقام الشخصي أوبعض العادات الاجتماعية المتطرفة، مثل رفض الزواج من شخص من الأقارب أوالتعرض للاغتصاب ولوم الضحية والاقتصاص منها.

يبقى نشر الوعي في المجتمع هو الطريق نحو العدالة والمساواة في الحقوق، أما عن القانون ففي بلد يرزح تحت سطوة الحرب والسلطات الديكتاتورية على تنوع خفلياتها، يبقى أي تعديل حبراً على ورق ما لم يكن في جسم الدولة هيئات تشرف على تطبيق القوانين وتحاسب أي انتهاك مهما كان مصدره.

 

 

 

 

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.