بمُباركةٍ تُركيّة.. “داعش” في ضيافةِ «الجيش الوطني» والهدفُ تشكيل كتيبةٍ للتنظيم

بمُباركةٍ تُركيّة.. “داعش” في ضيافةِ «الجيش الوطني» والهدفُ تشكيل كتيبةٍ للتنظيم

بعد القضاءِ عليهِ كتنظيمٍ عسكري وفقدانه السيطرة على آخرِ جيوبه في #سوريا أواخر مارس (آذار) 2019، هرب قسمٌ كبير من عناصر تنظيم #داعش إلى #تركيا، الملاذ الآمن بالنسبة إليهم، فكما سهّلت الأخيرة عملية دخولهم إلى سوريا عبر حدودها في 2014 (فترة تمدد التنظيم)، عملت على احتضان فلولهم بعد هزيمتهم، وخاصة العناصر السورية.

وفي تقرير لصحيفة «ذى إيكونوميست» البريطانية، استندت فيه على  مصادر عراقية وأخرى داخل المؤسسات التركية المعنية بمكافحة الإرهاب، أكّدت أن «عناصر التنظيم استطاعوا تهريب أموال طائلة إلى تركيا لدعم الخلايا النائمة هناك، والتي تخطط لإعادة نشاطها في المستقبل».

وأوضحت الصحيفة أن «الإرهابيين أسسوا شبكة غير رسمية لنقل الأموال عبر وسطاء إلى تركيا»، مشيرةً إلى أن تنظيم “داعش” «استطاع جمع إيرادات مالية كبيرة، عبر عمليات خطف والمطالبة بفدية، كذلك السطو المسلح، والتجارة غير المشروعة في النفط».

حقيقة وجود التنظيم في تركيا واستقوائه بها، أكدها رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي «كمال كليتشدار أوغلو»، الذي أشار إلى أن «السلطان العثماني احتضن تنظيمي “داعش” و”النصرة” وكل التنظيمات الإرهابية، وقدمت كل أنواع الدعم والحماية لها».

وقال “كليتشدار أوغلو” إن «حكومات العدالة والتنمية وكل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية وبتعليمات من “أردوغان” كانت على علاقات وطيدة مع تنظيم “داعش” الذي كان يحصل على كل احتياجاته من تركيا».

مشيراً إلى أن «دخول مئات خلايا التنظيم إلى تركيا، كان بعلم أجهزة الأمن التركية التي لم تمنعها ولم تفكر بالقضاء عليها».

تخوف الأهالي من عودة “داعش”

بعد أن سيطرت تركيا على مدينتي (تل أبيض ورأس العين) شمال شرقي سوريا، ضمن عمليةٍ عسكرية شاركت فيها فصائل تابعة للمعارضة تحت مسمى (الجيش الوطني)، باتت مخاوف الأهالي تزداد من عودة تنظيم داعش كما  في السابق.

يقول الناشط “عبد الحسيب ملا عيسى” من مدينة تل أبيض: «مخاوف أبناء المنطقة من عودة التنظيم ازدادت بعد مشاركة عناصر  وقادة سابقين في “داعش” ضمن عملية احتلال المنطقة، وتسلّمهم مناصب قيادية جديدة».

مؤكّداً في حديثٍ لـ الحل نت: «كل ذلك، أثار حفيظة وخوف الأهالي من عودة التنظيم مجدداً للسيطرة على مدنهم، وعزز لديهم الشعور بعدم الأمان، تزامناً مع بدء نشاط خلاياه وقيامها بعمليات خطفٍ واغتيالٍ بشكل مستمر».

وأضاف، «الأمر لا يقتصر عند عناصر  التنظيم المتواجدين ضمن صفوف الجيش الوطني فحسب؛ بل التخوف من عودة العناصر المتواجدين حالياً في تركيا، بالتنسيق بينهم وبين القادة في “تل أبيض” وعلى رأسهم أمير التذخير السابق في “داعش” المدعو “إسماعيل العيدو” الملقب بـ (أبوعبدالله) أو كما يسميه أبناء المدينة “هرم داعش”، أو البنك المالي له والذي يُعدّ الآن الذراع الأمني للاستخبارات التركية في المدينة، وضمن الأشخاص المطلوبين دولياً لدى التحالف الدولي».

برعاية الجيش الوطني تشكيل كتيبة لعناصر “داعش”

تتحدث شبكة «الرقة بوست» في تقرير لها، عن «تشكيل أول كتيبةٍ لعناصر “داعش” ضمن مناطق “نبع السلام”، وضمها لفصيل #جيش_الشرقية، على غرار كتيبة “داعش” المنضوية تحت لواء #أحرار_الشرقية المتواجدة ضمن مدينة #عفرين ونواحيها، حيث يتمتع عناصرها باستقلالية مطلقة دون الخضوع لأي أوامر أو تعليمات من قادة الفصيل، وهو ما شجع على استنساخ تلك التجربة مجدداً».

ويقول تقرير (الرقة بوست): «بدأت أولى التجمعات العلنية للتنظيم في مدينة تل أبيض خلال الأشهر القليلة الماضية، لتشكيل كتيبة عسكرية من عناصر وقيادات “داعش” السابقين وضمها لـ “جيش الشرقية”».

مُشيرةً إلى أن «الأمر قد خُطط له بدايةً في مدينة “شانلي اورفا” التركية ومدينة تل أبيض، بتخطيط كلٍ من المدعو “خالد العكال” و”إسماعيل العيدو” و “مهند الكجل”».

من هو “الكجل” و”العكال”؟

أما “مهند الكجل”، فيرتبط اسمه  بـ (كتيبة التماسيح)، المعروفة بجرائمها في عموم محافظة الرقة سابقاً، ومنها قتل الناشط المدني الدكتور (فواز العلي) الذي سبق وتعرّض للاعتقال على يد السلطات السورية بداية الاحتجاجات الشعبية ربيع 2011.

غادر “الكجل” تركيا برفقة عناصر وقياديي داعش ممن هربوا من مدينة تل أبيض، بعد هزيمتهم على يد قوات #بركان_الفرات (ثوار الرقة ووحدات حماية الشعب الكردية)، قبل أن يعود إليها مُجدداً مع العملية العسكرية التركية الأخيرة.

وأما “العكال” فهو أحد أذرع وكالة “أعماق” الإخبارية، المنصة الأشهر لبث إصدارات ورسائل التنظيم، إذ أشرف على عمليات القتل الجماعي والتهجير القسري التي طالت أبناء المنطقة من المسيحيين (اﻷرمن) والأكراد، كما أشرف بنفسه أيضاً، على رمي ناشطين وعناصر من فصائل المعارضة السورية وعناصر من وحدات “حماية الشعب الكردية” في  #الهوتة، إبّان سيطرة التنظيم على محافظة الرقة.

تسهيلات تركيا لقادة “داعش” السابقين

«أواخر مارس آذار الماضي، تمكّن المدعو  “خالد العكال” من دخول مدينة “تل أبيض” قادماً من مدينة أورفا التركية، ونجح في عبور البوابة الحدودية بشكل رسمي بعد وساطةٍ من أحد عناصر جيش الشرقية يُدعى “أبو الحارث كبرص”، وبتنسيقٍ مع مدير البوابة التابعة للحكومة السورية المؤقتة “فائز الكاطع” وجهاز الأمن التركي»، بحسب شبكة (الرقة بوست).

أحد عناصر الجبهة الشامية في “تل أبيض” والذي رفض الكشف عن اسمه،  قال لموقع الحل نت: إن «”هرم داعش” أو “العيدو”، كان بانتظار “العكال” برفقة “الكجل” عند طرف البوابة من الجهة السورية، قبل أن يتوجّهوا معاً إلى  منزل “العيدو” حيث كان بانتظارهم نحو 50 عنصراً مسلحاً، بحماية شرطة المدينة».

مؤكّداً أن «#الجبهة_الشامية أشرفت على تنسيق الاجتماع بالكامل بقيادة “صالح الكطوز” و “أبو علي صقور” و”أبو الوليد الأمني”، حيث تم الأمر بشكل علني وعلى مرأى من جميع الفصائل الأخرى، ومجلس المدينة المحلي أيضاً»، على حد قوله.

ما الهدف من الاجتماع؟

«صحيفة جسر»، كشفت في وقتٍ سابق، عن فحوى الاجتماع عبر مصادر  قالت إنها «خاصة» في مدينة تل أبيض، ورجّحت أن يكون هدف الاجتماع هو  «إعادة ترتيب صفوف التنظيم مُجدداً، عبر  قياديين سابقين في داعش من أبناء المنطقة، شريطة أن يتم ذلك تحت أنظار تركيا والفصائل الموالية لها».

الصحيفة أضافت، أن «مجموعة عناصر ضمن تشكيلٍ تابع لـ (الجبهة الشامية) يسمى “أحرار الرقة” من أبناء المدينة وريفها، اعترضوا طريق المدعوين للاجتماع وحاولوا اعتقالهم على خلفية عداواتٍ سابقة تعود إلى فترة سيطرة التنظيم على المنطقة، إلا أن المخابرات التركية تدخّلت وأوعزت إلى عناصر من الجيش الوطني، لتأمين الحراسة ومواكبة الرتل إلى مكان الاجتماع».

تظاهرات منددة بعودة عناصر “داعش”

شهدت مدينة تل أبيض مؤخّراً، مظاهراتٍ منددة بعودة التنظيم مُجدداً، بعد انتشار كتاباتٍ على الجدران في الشوارع الرئيسة والفرعية للمدينة، تهدد بعودة “داعش”، قبل أن تُزيل الجهات الأمنية تلك العبارات.

“ثامر غياث” /اسم مستعار/ من أبناء مدينة تل أبيض أكّد لموقع الحل نت، أن «تظاهرات عدة شهدتها المدينة مطلع الشهر الجاري، منددة بعودة التنظيم في منطقتهم ضمن فصائل الجيش الوطني، بعد أن لوحظ نشاطٌ واسع لقياداتٍ سابقة في التنظيم، بهدف تشكيل كيانٍ عسكري يضم أعضاء سابقين له».

ولفت إلى أن «المتظاهرين طالبوا “الجبهة الشامية”، الفصيل المسيطر على مدينة تل أبيض، بمحاسبة عناصر “داعش” الذين تسببوا في تهجيرهم لمدة ست سنوات، كما طالبوا الحكومة التركية، التي تفرض سيطرتها هناك، بتمكين أهالي المنطقة من قيادة منطقتهم»، وفق قوله.

ويرى مراقبون، بأن ما يجري الآن من انفلاتٍ للقوى العسكرية في المنطقة، وتعددية الفصائل العسكرية وفوضى السلاح، يُعيد للأذهان  تجربة مريرة عندما تم تشكيل أول نواة لجبهة النصرة في شمالي الرقة، وخرج من عباءتها فيما بعد تنظيم “داعش” قبل نحو سبعة أعوام، وتسبب بمقتل وتهجير وتشريد آلاف المدنيين.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.