أساءَ لَها ولَم يُعالجها: انتقاداتٌ لمسلسل عبر محطّة عراقية تناولَ القضيّة الإيزيدية

أساءَ لَها ولَم يُعالجها: انتقاداتٌ لمسلسل عبر محطّة عراقية تناولَ القضيّة الإيزيدية

فعلياً، تعرّضت الطوائف والقوميات والأقليات في #العراق  للبطش والاضطهاد اللا متناهيَين على امتداد العقود والسنوات الماضية، لكن أكثر قضية شغلت الرأي العام في الأعوام القليلة المنصرمة هي “القضية الإيزيدية”.

الإيزيدية، هي ديانة قديمة في العراق، يعتنقها الناس، كما الديانات الأخرى، ينتشر أهلها في محافظة #نينوى بالضبط في قضاء #سنجار المحاذي لجبال #شنگال، ويقدّر عددهم حتى 2014، قرابة /550/ ألف نسمة،

في 2014، حلّت بهذه الأقليّة المأساة الكُبرى، ذلك عندما اجتاح #داعش مدينة #الموصل، فنال من هذه الأقلية، وبطش بها بمجازر لا تغتفر، وأخذَ النساء الإيزيديات “سَبايا” حيث مدينة #الرقة في #سوريا.

بعد اجتياح “داعش” نزح نحو /360/ ألف إيريدي وإيزيدية من سنجار، هاجر منهم /90/ ألفاً نحو البلدان الأوروبية، وبلغ عدد الأطفال الذين قُتلوا آبائهم وأمهاتهم نحو /2745/ طفلاً.

عُثر على /43/ مقبرة جماعية حتى اللحظة في سنجار والقرى والنواحي التابعة لها، ودمّر “داعش” نحو /68/ مرقداً ومَزاراً إيزيدياً، وأجبر آلاف الإيزيديين على اعتناق الإسلام.

أيضاً، وفي خانة الإحصاءات غير المنتهية، تم تحرير /3048/ شخصاً من قبضة “داعش”، منهم /1092/ امرأة، و /819/ طفلة، و /803/ طفلاً. وما يزال نحو /3369/ في عداد المفقودين.

بقيت كل تلك الأرقام شاهدةً على مأساة هذه الأقلّية، وأمسَت قضية رأي عام، بالضبط حينما أطلّت النائب السابق في #البرلمان_العراقي، الإيزيدية #فيان_دخيل من مجلس النواب وهي تبكي أهلها وتنقل قضية الأقليّة للعالم.

مثلما يعرف، جل الدول والمجتمعات، تحاول تدوين القصص والأحداث التاريخية عبر الدراما والأفلام وما من هذا، واليوم في شهر رمضان الحالي، أطّلّ مسلسلٌ عبر محطة محليّة لتدوين قضية الإيزيديين.

القضية الإيزيدية تم اختزالها في حلقة واحدة لا تتجاوز النصف ساعة، بُثّت منذ أيام قلائل، وما أن انتهَت حتى أثارت الضجّة في منصات #التواصل_الاجتماعي، «لفشلها في معالجة القضية الإيزيدية»، بحسب المنشورات.

ارتكزت الحلقة، على فتاة أخذت دور الإيزيدية، ويقوم مسؤول في “داعش” ببيعها، وسرعان ما يرجعها مشتريها، باعها /7/ مرات، وفي المرة الثامنة باعها لوالدها، وتنتهي الحلقة.

لكن بين طيات هذه القصة، العديد من الأخطاء والتشويه لقضية الإيزيديين، كما يقول ناشطو “التواصل الاجتماعي”، فهي كانت حلقة ساخرة لا درامية، أقرب إلى “الكوميديا السوداء”، لكن الاتقان فشل.

أكثر ما أحدث هذه الضجّة، هو مشهد في الحلقة، يقول فيه المسؤول في “داعش” للفتاة الإيزيدية بسخرية مفرطة مفادها: «من أنتم الإيزيديين؟ كلُّكم /50/ ألف شخص، بـِ “بَصقَةٍ” نمحيكم من الأرض».

هذه الضجّة لم تقف عند حد “التواصل الاجتماعي” فقط، بل تعدّتها وتفاعلت معها الجهات السياسية، لعل أبرزها بيان القيادية في #الحزب_الديمقراطي الكردستاني “فيان دخيل” الذي نشرته اليوم ممتعضَةً.

قالت “دخيل”: «اطلعنا بذهول وصدمة يمتزج معهما ألم المأساة وجروحها التي لم تندمل بعد على مشاهدة حلقة خاصة بسبي الإيزيديات التي عُرضت على احدى الفضائيات».

«وكيف أساءت للقضية وتجاوزت بشكل غير مبرر على ديانةٍ أصيلة ومكون أساس من مكونات الشعب العراقي، وكيف استخدمت المأساة بكل استهتار واستخفاف وعدم شعورٍ بالمسؤولية».

«وذلك من أجل تسويق العمل والقناة بقصد الربح على حساب أرواح وأعراض آلاف الضحايا الإيزيديين ومئات الآلاف من أبناء جلدتهم»، توضّح وتتساءَل “دخيل” في بيانها.

القيادية الإيزيدية، استنكرَت بشدة «المفردات السوقية الخادشة للحياء التي تضمنها العمل، والتي مثّلت تجاوزاً كبيراً على المجتمع الإيزيدي وعلى الديانة الإيزيدية بوجه خاص».

«إننا نذكّر القائمين على هذه القناة انكم لعبتم في الماضي القريب دور الجلاد، ولن يغفر لكم اليوم التخفي في دور المتعاطف مع الضحية»، توجّه “دخيل” رسالة في بيانها لراعي المحطة الفضائية.

والمحطّة الفضائية لسمها “U TV” افتتحَ بثُها لأول مرة في أول يوم من شهر رمضان الحالي، والمسلسل الذي يعرض عليها يدعى “بنج عام”، ويرعى المحطة، القيادي في المكوّن السنّي “خميس الخنجر”.

«نعلن أمام الرأي العام العراقي والدولي اننا باشرنا باتخاذ الإجراءات القانونية بحق القناة وإدارتها، وبحق القائمين على العمل بشكل مباشر»، تبيّن عضو مجلس النواب العراقي سابقاً.

«وبحق هيئة الإعلام والاتصالات التي وكما يبدو أنها لاتعلم أبجديات عملها، عندما تغافلت أو غضت الطرف بشكل متعمد عن هذه الإساءة الكبيرة للإيزيديين»، تردف مُشيرَةً.

وطالبَت #الحكومة_العراقية «بالقيام بواجبها الشرعي والأخلاقي تجاه آلاف المفقودات والمفقودين الإيزيديين والعمل بكل الوسائل على الكشف عن مصيرهم وإعادتهم إلى ذويهم».

«وجبر خواطر عشرات آلاف العوائل الإيزيدية الأخرى التي انتهكت حرماتها وقتل أعز رجالها. نطالبها بذلك بدل وقوفها متفرجةً على تلك الإساءات ومثيلاتها»، تختتم “دخيل” بيانها.

كانت #وزارة_الثقافة العراقية قد أصدرَت بياناً بشأن ذلك جاء فيه «نتابع ما أثير من ضجة بشأن مسلسل درامي، (…)، ولا سيما الحلقة التي تناولت مأساة الطائفة الإيزيدية المحترمة».

وقالت: «نرحب بأي عمل يتناول الحياة الاجتماعية في العراق من دون إسفاف أو استهانة بأي مكون تحت أية ذريعة، (…)، ونستنكر المس بالمكون الإيزيدي الكريم ونتعاطف أشد التعاطف مع مأساته».

«نُطالب صناع الدراما بتوخي الدقة في تناول الموضوعات الحساسة والالتزام بالضوابط والمعايير الفنية والأخلاقية التي تنسجم مع تقاليد مجتمعنا، بما يسهم في تدعيم الوشائج الاجتماعية».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.