باتت أحداث الاقتتال الداخلي بين الفصائل المحلية في #السويداء تشكّل خطراً حقيقياً، ينذر باندلاع حروب عائلية بين أبناء المحافظة، التي رغم تجانسها الديني والإثني، يختلف سكانها إلى حد بعيد في رؤيتهم للمستقبل. ما قد يكلّف المحافظة الواقعة جنوبي سوريا أثماناً باهظة، سبق أن وفّرتها على نفسها، من خلال اتخاذ موقف الحياد في #الحرب_السورية.

حرب أهلية في “صلخد”
لم يكن مشهد الاقتتال الأخير، الذي حصل بين فصيلين محليين في مدينة #صلخد جنوبي السويداء، سوى جولة من سلسلة أحداث دامية، تجري غالباً بين الفصائل المتصارعة على النفوذ.

فالمعركة التي اندلعت ليل الأربعاء، الثاني والعشرين من نيسان، بين فصيل يطلق على نفسه “قوات شيخ الكرامة” من جهة، وفصيل يقوده كل من “مهران عبيد” و”ناصر السعدي” من جهة أخرى، جرت تحت أنظار الجهات الأمنية، التي ألّبت فصيلاً ودعمته على حساب الآخر. لتشهد المدينة معارك تصفية حسابات، تعيد للذاكرة حروب الأهل التي حدثت منتصف القرن الماضي، فيما يسمى أحداث “العامية والطرشان الثانية”، التي كانت حرباً طاحنة جرت بين عائلات السويداء، وحصدت أرواح المئات من أبنائها.

اشتباكات الأربعاء الدامي كانت نتيجتها تصفية ثلاثة من زعماء فصيل “قوات شيخ الكرامة”، ما اعتبره الأهالي بمثابة بداية نهاية هذا الفصيل في مدينة “صلخد”، التي فقدت السنة الماضية أهم زعيم فيها، ويدعى “وسام العيد”، بعد تصفيته من قبل أحد عناصر الأمن العسكري.

أصدقاء الأمس أعداء اليوم
يؤكد مصدر خاص من “صلخد” أن زعماء الفصيلين المتحاربين في المدينة سبق أن طردوا من حركة “رجال الكرامة”، بسبب «خروجهم عن خط الحركة الأساسي ومبادئها»، كما أكّد الجناح الإعلامي للحركة. وكيلت لهم اتهامات عديدة بالخطف وتجارة الممنوعات. ويشير المصدر أن الشيخ “مهران عبيد” كان يتزعم فصيلاً مسلحاً تابعاً لحركة “رجال الكرامة” في عام 2015، معظم أفراده من مدينة “صلخد”، ومن ضمنهم الذين قتلهم فصيله الجديد في الاشتباكات الأخيرة.

واستبعدت الحركة “عبيد” من صفوفها عام 2016، فيما بعد انشق غالبية أفراد الفصيل بمدينة “صلخد” عن الحركة، وشكلوا فصيلاً انضوى تحت تشكيل “قوات شيخ الكرامة”، المنشق أيضاً عن الحركة الأم “رجال الكرامة”.

إلا أن “عبيد” بقي تابعاً لمجموعة مسلحة في مدينة السويداء بعد لجوئه إليها، دون أن يكون له نشاطات علنية تذكر، حتى ظهوره في مضافة “سلطان باشا الأطرش” في بلدة “القريا”، في الثالث عشر من شباط الماضي، ليؤكد أنه لن يعود إليها حتى يقضي على قطّاع الطرق وعصابات الخطف، ومنحهم مهلة محددة، قام بعدها وفصيله بالقبض على عدد من الأشخاص، وتسليمهم للأمن بتهمة الخطف، كما حرّر عدداً من المخطوفين من #درعا، ما جعل كثيرون يصدقون أنه “المخلّص” المنتظر، وتلك الدعاية ساهمت في نشرها جهات استخباراتية.

تابع “عبيد” ظهوره عبر فيديوهات نُشرت عبر موقع “فيس بوك”، وقال إنه سيذهب إلى أي مكان للقبض على العصابات، وهدد باقتحام “صلخد”، وكذلك مدينة #شهبا، لكن تلك التهديدات بقيت مجرد كلام، لم ينتج عنه إلا المزيد من الشرخ والتفكك والعداوات مع غالبية الفصائل والعصابات، خاصة بعد المعلومات التي تسرّبت عن تبعية “عبيد” لشعبة الأمن العسكري، وعلاقته الوثيقة مع اللواء “كفاح الملحم”، والتقائه في “صلخد” مع مجموعة “ناصر السعدي” المسلحة، المتهمة من قبل الأهالي بترويج وبيع المخدرات في المنطقة.

بين خيارين كلاهما مر
مطلع عام 2019 بدأت بعض الأصوات تطالب بعودة سلطة الدولة، وإنهاء نفوذ تلك الفصائل التي تحولت لعصابات محلية، ومصادرة الأسلحة التي انتشرت في السويداء بكثرة بعد هجوم #داعش، حين اتجه الاهالي للتسلح بشكل مضاعف، مخافة أن يتعرضوا لاعتداءات التنظيم.

وأدّت حوادث الخطف والخطف المضاد إلى نشوب نزاعات أخرى بين أهالي السويداء ودرعا، جرى آخرها قبل نحو شهر في بلدة “القريا”، التي شهدت سقوط ستة عشر قتيلاً من أبنائها، في اقتتال نشب مع جماعة “أحمد العودة”، المتمركزة في بصرى الشام.

واستبق أهالي السويداء الحرب المحتملة بين المحافظتين، فاصدروا بيانات تبرّأوا فيها من أبنائهم المسيئين، وتعهدوا بعدم الثأر لهم. إلا أن الفوضى المنتشرة في الجنوب السوري قد تدفع الأهالي لاختيار صعب: إما القبول بسلطة العصابات والمليشيات، أو مطالبة الجهات الأمنية، التابعة للحكومة السورية، بفرض سيطرتها الكاملة على المحافظة مجدداً.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.