على عكس سلفه #حيدر_العبادي، ودّع ناشطو #التواصل_الاجتماعي في #العراق، رئيس #الحكومة_العراقية السابقة #عادل_عبد_المهدي بوابل من الشتم والنقد، حتى وصلَت كثيرٌ منها إلى مناداته بـ «المُجرم».

جاءت كل تلك الامتعاضات منه، ما أن صُوّت على حكومة #مصطفى_الكاظمي، الخميس، الذي خلف “عبد المهدي” بعد عام على توليه رئاسة الحكومة و /5/ أشهر على تصريف أعمالها نتيجة استقالته.

جاء “عبد المهدي” إلى قيادة دفّة الحكومة، كحل وسط بين كُتلَتي #سائرون بقيادة #مقتدى_الصدر و #تحالف_الفتح بزعامة #هادي_العامري بعد اختلاف كل منهما على أحقيّة الكتلة الأكبر نيابياً.

لم يرشّح الرجل السبعيني في انتخابات 2018، وكان قد ابتعد عن العملية السياسية منذ نصف عقد تقريباً، لكن الانسداد السياسي جعل بالقوى السياسية تلتف حوله، وتسنّمه رئاسة الحكومة العراقية.

جاء مدعوماً من الفصائل المُسلّحة، ومتمتّعاً بعلاقات وطيدة مع #إقليم_كردستان، ودون أيما تاريخ عدائي مع القوى السنيّة، مع تاريخ سياسي طويل يعود إلى سبعينيات القرن المنصرم.

كل هذه المعطيات، جعلت من الساسة أن تصف “عبد المهدي” بأنه «شخصية قادرة على إمساك العصا من المنتصف»، خاصة فيما يتعلق بالموقف من #أميركا و #إيران، وإبعاد البلاد عن صراعهما فيها.

مرّت /8/ أشهر على توليه دفة الحكومة، وبعدها تظاهر عدد قليل من حملة الشهادات العليا مطالبين بتعيينات، سرعان ما تحوّلت إلى اعتصامات في منطقة #العلاوي قبالة مكتبه، بعد قمع المحتجين من الأمن.

بعد شهرين من الاعتصام وسط صيف شديد الحرارة، بقي الوضع ذاته، دون حلول للمعتصمين، ما حول الاعتصام لتظاهرات متوسطة الحجم في (1 أكتوبر 2019)، بعد حملة حدّدت هذا التاريخ موعداً للاحتجاج.

هُنا ومنذ النهار الأول، تعامل “عبد المهدي” بأساليب قمعية بحق المحتجّين، إطلاق للرصاص الحي، ورمي المتظاهرين بالقنابل الغازية المُسيلة للدموع، ثم قطعَ الإنترنت عن كافة البلاد لمدّة أسبوع تقريباً.

أنهى هذه الدفعة الأولى من الاحتجاجات، مع قناص للفصائل التي دعمته لمنصب رئاسة الحكومة، قنصت المتظاهرين في #ساحة_التحرير، فضلاً عن خطف الناشطين وتعذيبهم..

هذه المشاهد التعنيفية، سرعان ما حوّلت التظاهرة إلى انتفاضة شملت جميع محافظات الوسط والجنوب العراقي، شاركت فيها كل الشرائح المجتمعية، قُتل فيها (500 – 800) محتج، وجرح أكثر من /25/ ألفاً.

“فرانس بريس”، وعن مسؤول مقرب من “عبد المهدي” نقلَت قوله، «إنه في مواجهة عشرات آلاف المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع، كان مقتنعاً بأن عليه أن يقاتل ضد انقلاب».

أيضاً، يضيف المسؤول في حديثه للوكالة: «كان “عبد المهدي” يعلم بأنه لا يستطيع أن يكون ثورياً، وتمسك بحلفائه السياسيين؛ لأنه ليس لديه أي حزب أو دعم شعبي».

لكن كل ذاك لم ينفعه، فوسط تزايد وتيرة الاحتجاجات، التي يتصاعد العنف بحقها كلّما زاد حجمها، لم يستطع أن يصمد، وجاءت خطبة #مرجعية_النجف مطلع ديسمبر المنصرم كالصاعقة عليه، فاستقال.

“عبد المهدي” الذي تنقّل سياسياً منذ ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم بين #حزب_البعث و #الحزب_الشيوعي، وأخيراً #المجلس_الأعلى، لم يسلم باستقالته من نقد المتظاهرين.

حمّلوه مسؤولية قتل زملائهم على يد #مكافحة_الشغب، وميليشيات متعددة اشتركت في قمعهم، وأصبح لقبه لديهم بـ “قاتل المتظاهرين”، و “المجرم الكبير”، رغم أنه أول رئيس حكومة يستقيل بعد 2003

أيضاً، كانت حكومته شاهدة على مقتل  للجنرال الإيراني #قاسم_سليماني والقيادي العراقي #أبو_مهدي_المهندس، عقب استهداف معسكرات أميركية في العراق على يد ميلشيات #طهران.

كذلك شهد “عبد المهدي” الرد الإيراني على #الولايات_المتحدة بقصف قاعدة في #الأنبار بصواريخ باليستية، ولاحقاً تبادل الطرفان، بشكل غير مباشر، قصف مصالح أحدهما الآخر، بحسب موقع “الحرة” الأميركي.

يقول مصدر مقرب منه لموقع “الحرة”، «ربما كنت تتوقع أن الرجل الذي تعامل بعنف شديد مع المتظاهرين، سيكون أكثر حزماً حينما يشاهد دولتين تتبادلان القصف على أراضي بلاده، لكن هذا لم يحصل».

يقول أحد كبار المسؤولين الذين عملوا مع “عبد المهدي” لـ “فرانس بريس”، «إنه يحب الإجماع ويكره اتخاذ قرارات جذرية»، لكن ردّه على خرق السيادة «كان وديعاً»، بحسب حديث الصحفي “منتظر ناصر” لموقع “الحرة”.

جاءت في عهد “عبد المهدي” أيضاً جائحة #كورونا واجتاحت البلاد، وأدّت هده إلى انخفاض أسعار النفط، وهذا الانخفاض أدّى إلى أزمة اقتصادية خانقة، جعلَته في حيرة من أمره، وكيفية تأمين رواتب الموظفين.

لكن هذه الأزمة جعلته يختم عهده بقرار سبب صدمة لشريحة المتقاعدين والموظفين، حينما أمر مكتبه #وزارة_المالية، الثلاثاء، بـ «وقف التمويل» موقفاً بذلك رواتب الملايين من العراقيين.

كان “عبد المهدي” قبل إسناد مهمة رئاسة الحكومة له، يترأس ويدير صحيفة “العدالة”، ومن خلالها يكتب عمود منتظم عن كيفية إدارة الدولة وإنجاحها، وأصدرَ مؤلّفات اقتصادية أيضاً.

«كنّا كمُراقبين، آخذين بنظر الاعتبار، أطروحاته الاقتصادية والسياسية، وكذا ابتعاده عن الأحزاب في سنوات ما قبل قيادته للحكومة، ننظر خيراً له، لكن تبيّن لَنا لاحقاً، أنّهُ مُجرّد مُنظّر ليس إلاّ».

قالت ذلك لباحثة السياسية “ريم الجاف”، وتُضيف موضّحةً لـ “الحل نت”، «لقد خُدعنا به، توضَّحَ أنّه لا يقدر على مجابهة مدير مكتبه الموالي لإيران، والذي يدير الحكومة باسمه رغماً عنه، يالَ الصدمَة».

وهكذا رحل “عبد المهدي”، ليترك لخلفه “الكاظمي” مسؤولية كبيرة، وصفها العديد من المراقبين بـ “الانتحار السياسي” وسط أزمات اجتماعية، أمنية، صحيّة، واقتصادية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.