«غسل الأيدي بالماء والصابون، أنت بتعرف ما عم نلاقي آكل لحتى نعمل وقاية من كورونا»، هي عبارة قالها أحد القاطنين في #مخيم_الركبان عند سؤاله عن طرق الوقاية من مرض #كورونا، وهو المخيم الذي تحدّه جيوش اقوى دولتين في العالم بأقصى شرقي سوريا.

 عزل دولي دون وقاية

في البادية السورية، جنوب شرقي البلاد، بمحاذاة الحدود مع #الأردن، يقع “مخيّم الركبان”، الذي يعيش فيه نازحون سوريون  حجراً غير صحّي منذ ست سنوات، وهو لا يشبه الحجر الذي يعيشه كثيرون في منازلهم.

يقول “محمد الطيباوي”، أحد النازحين في المخيم، لموقع «الحل نت»: «ما هو موقف أكثر من عشرة آلاف مدني هنا في هذا المخيّم، عندما يقول لهم الأطباء إن #منظمة_الصحّة_العالمية توصي بضرورة غسل الأيدي بالماء والصابون؟ هل منظمة الصحّة تعلم أن النازحين لا يتوفر لهم  الماء أو الصابون أو حتى الطعام، مع أن جيوش #أميركا وروسيا تحاصر المخيم من الشرق؟».

ويضيف “الطيباوي” أن «المنطقة لا يوجد فيها لاصقات جروح طبّية ولا معقّمات، أو حتّى أدوية خافضة للحرارة، فما بالك بالكمامات والقفازات. النقطة الطبية الوحيدة، التي كانت تتبع لمفوضية شؤون اللاجئين، توقّفت بشكلٍ تام بعد تفشي فيروس “كورونا”، ووصوله إلى الأردن».

وتشير “أم محمد”، النازحة من مدينة #تدمر مع أطفالها الأربعة، لموقع «الحل نت» أن «البدائل لمواجهة “كورونا” محلية الصنع، من خلال خياطة الكمامات من قطع قماش مصنوعة من القطن، واستخدام خلّ التفاح أو مادة الكلور للتعقيم».

مساعدات غير شرعية لتوفير الطعام

ومنذ إيقاف دخول المساعدات من الجهات الدولية عبر الأردن، لم تسمح #الحكومة_السورية  وروسيا لأي منظمة محلية او دولية  بإيصال المساعدات لـ”مخيم الركبان”، حتى مع ظهور وباء “كورونا”.

يقول مصدر في الإدارة المدنية للمخيم، رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، لموقع «الحل نت»: «ثلاث منظمات إقليمية ورجال أعمال تبرعوا بأموال إلى تجار، من أجل دخول المواد الغذائية للمخيم، وتوزيع قسم منها على الأسر الأشد فقراً، وتزويد المخيم بمواد أخرى عينيه، من أجل بيعها لبقية العائلات».

وأوضح المصدر أن غالبية العوائل تتلقى مصروفها عبر حوالات مالية من ذويها القاطنين في عدة دول، تتم بوساطة  تاجر موالي لفصيل “مغاوير الثورة”، الذي ينشط تحت جناح #التحالف_الدولي لمحاربة داعش. لافتاً أن هذه المبالغ لا تفي إلا بالقليل من المستلزمات الشهرية للعوائل في ظل الغلاء الفاحش.

ويؤكد “أبو محمد التدمري”، النازح في المخيم، أن «أسعار المواد الغذائية مرتفع جداً، فالخضروات منذ أشهر لا تدخل المخيم، ووصل سعر علبة الحليب 400 غرام إلى نحو 12 ألف ليرة (10 دولاراً)، وكيس الطحين إلى 50 ألف ليرة (38 دولاراً)، ربطة الخبز وزن 600 غرام بـ 500 ليرة (أقل من دولار)، في حين أنّ غالبية الأهالي في فقر مدقع«.

ويرى  “التدمري” أن غاية هذا “الحصار” إفراغ المخيم من سكانه، ودفعهم للخروج إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية، لسوق  الشباب إلى الجبهات، أو الموت جوعاً داخل المخيم، وتفضّل غالبية الناس الخيار الثاني.

 

طعام المخيم يذهب إلى داعش

ويتهم عدد من أهالي المخيم، خلال حديثهم لموقع «الحل نت»، “عقبة البطاح”، مسؤول دائرة التموين في “جيش مغاوير الثورة”، الذي يسيطر على المنطقة، بتهريب السلال الغذائية إلى البادية، وبيعها لعناصر تنظيم #داعش، رغم حاجة الناس الشديدة لها في مخيم “الركبان”، عبر استغلال موقعه بوصفة مسؤول نقطة الإمداد الغذائي في منطقة الـ”55كم”.

ويقول “مزاحم السلوم”، المنسق السابق بقسم الشؤون المدنية والعلاقات العامة في التحالف الدولي في سوريا، لموقع «الحل نت»، إنه «خلال اندلاع الاحتجاجات السورية، أسس “عقبة البطاح” مكتباً لتلقي الدعم باسم الثورة، ونشط في المجال الإعلامي والإغاثي، ولما جاء الجهاديون عمل معهم ايضاً».

ويضيف “السلوم” إن «تسهيل انضمام “البطاح” لـ”مغاوير الثورة” سببه المال الذي جلبه معه عقب انفصاله عن تنظيم “داعش”، وسهّلت قيادات في الفصيل عودته للعمل مع الأميركيين، خاصة أن الفريق الأميركي لا يقوم بإجراءات دراسة السيرة الشخصية عادةً، إذا تم ترشيح شخص للعمل معه من قبل قيادات “المغاوير”».

ويؤكد “السلوم” أنه قام بإرسال ملف “البطاح” للفريق الأميركي، بعد أن طلبوا أدلة عن إمداده  تنظيم “داعش” بالسلاح والغذاء والمخدرات، فقد كان بحوزة “السلوم” مقاطع صوتية تثبت هذا الأمر، تمّ تسليمها للتحالف، فقاموا حينها بإبعاد “البطاح”، ولكنه عاد من جديد بمجرد تبديل الفريق الأمريكي في بداية عام 2019، وقدوم فريق جديد، بعد أن توسّط له فصيل “المغاوير” مرة اخرى.

 

المنظمات الدولية عاجزة

“شكري الشهاب”، المتحدث باسم “هيئة العلاقات العامة والسياسية” في مخيم “الركبان”، صرّح أن الضغوط الروسية تسببت في منع وصول المساعدات الإنسانية إلى المخيم، بمقدار 2300 حصة، عبر منظمة #الأمم_المتحدة في نهاية شهر نيسان/إبريل الماضي، رغم مضي أكثر من نصف عام على وصول آخر شحنة مساعدات.

وأعلنت وزارة الخارجية الأردنية في الشهر ذاته أن وزير الخارجية الأردني “أيمن الصفدي” أبلغ في اتصال هاتفي “غير بيدرسون”، المبعوث الأممي الخاص الى سوريا، أن الأردن لن يسمح بدخول أي مساعدات إلى مخيم “الركبان” من أراضيه، أو دخول أي شخص منه إلى أراضي المملكة لأي سبب كان، وأن حماية المواطنين الأردنيين من جائحة “كورونا” هي الأولوية الأولى.

وعبّرت “دانيال مويلن”، وهي مسؤولة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، عن قلقها بشأن الوضع الإنساني في المخيم، الذي بُني بشكل عشوائي عام 2014، ويشهد انعداماً للأمن الغذائي، ونقصاً في خدمات الرعاية الصحية، مؤكدة على «عدم تسجيل أي إصابات بالفيروس المستجد داخل المخيم حتى الآن».

وينحدر غالبية سكان المخيم من أرياف الرقة ودير الزور وحمص وحماة، وتديره فصائل معارضة مدعومة من التحالف الدولي، وبلغ عدد سكانه  نحو ثمانين ألف شخص، ليتقلص العدد لحوالي عشرة آلاف شخص، لا سيما بعد انتقال جزء كبير منهم، عبر طرق التهريب، إلى مناطق شمال شرق سورية، ومناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري. جزء آخر انتقل إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية، تحت ضغوط الحصار والحاجة إلى العلاج، بحسب الأمم المتحدة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة