توجد فجوة كبيرة بين الرجال والنساء في سوق العمل، فعند المقارنة بينهما نجد أن النساء أقل تواجداً، وأنهن تعملن في الوظائف ذات الرواتب الأقل، إضافة إلى أن النساء تجدن صعوبة أكبر في أن تتقدمن في مجالهن الوظيفي. نتيجة لذلك يحصل الرجال على مردود مادي أكبر من النساء، ويصبح لديهم قوة وسيطرة أكبر في المجتمع.

بعض أسباب انخفاض نسبة النساء المشاركات في العمل مقارنة بالرجال

حسب إحصائيات منظمة العمل الدولية في عام 2018، فإن نسبة النساء العاملات في العالم العربي 48.5% من إجمالي النساء مقابل 75% للرجال. هناك الكثير من الأسباب التي تجبر النساء على البقاء في المنزل وعدم البحث عن وظائف مدفوعة نذكر منها هنا الأسباب الأكثر شيوعاً وهي:

– تحديد الأدوار في الحياة اليومية: منذ ولادة الطفلة يقوم المجتمع المحيط بها في البيت والمدرسة بتعليمها كيف تلعب بالدمى كأنها أمهم، وكيف تطبخ في مطبخها الصغير وتقدم القهوة لضيوفها الدمى، بينما يلعب أخاها بسيارته الصغيرة أو يبني بيتاً من الأخشاب في غرفته وكأنه مهندس محترف.

– تحقيق التوازن بين العائلة والعمل: تعاني النساء من تحميلهن المسؤولية كاملة للاهتمام بالعائلة والأطفال، وعند صعوبة تحقيق التوازن، يكون على المرأة التخلي عن مسيرتها المهنية والتضحية بها لأجل العائلة وإلا ستكون أم وزوجة “سيئة” بنظر المجتمع.

– عدم توافر وسائل مواصلات آمنة: يؤثر عدم وجود وسائل مواصلات آمنة وسهلة في بعض البلدان العربية على إمكانية عمل المرأة. في غالبية الأحيان تتعرض النساء للمضايقات وللتحرش اللفظي أو الجنسي بشكل يومي عند خروجهن من المنزل مما يجعل بعضهن يفضلن البقاء في المنزل دون عمل، أو يفرض عليهن ذلك من الذكور في العائلة.

– عدم القدرة على دفع تكاليف روضات الأطفال: بما أن مسؤولية تربية الأطفال تقع على عاتق المرأة وحدها في مجتمعنا، كان لا بد لها من البقاء في المنزل عند عدم التمكن من دفع تكاليف الروضة، والتضحية بأي رغبة لديها للعمل باسم الأمومة، حتى يبلغ الأطفال عمراً مناسباً للالتحاق بالمدرسة الالزامية.

– ضغوطات المجتمع: تنظر بعض المجتمعات إلى عمل المرأة خارج المنزل على أنه عيب غير مقبول، وترفض الكثير من الأسر عمل النساء في الخارج حرصاً على شرف وسمعة العائلة. هذا ويبدأ الأمر منذ طفولة الأنثى عندما تحرص الكثير من المجتمعات المغلقة على عدم السماح للمرأة بالتعلم، بل غالباً ما يقوم أهلها بفرض الزواج عليها وهي طفلة. كل هذا يؤثر على قدرتها لاحقاً على إيجاد عمل.

 

بعض الحلول المساعدة على إغلاق الفجوة بين الجنسين في مجال العمل

– تحقيق المساواة في الرواتب: لتحصل المرأة على راتب مساوٍ لراتب الرجل، يجب أن يكون هذا مضمون أولاً في القوانين المنظمة للعمل في الدولة، وأن تكون هناك مؤسسات قانونية مسؤولة عن مراقبة تنفيذ هذه القوانين بشكل دقيق وعادل. ينص الدستور السوري على المساواة بين الرجل والمرأة في الدولة، ولكن عملياً لا ينفذ أي قانون يحفظ حق المرأة في هذه المساواة.

– عدم ربط وظائف معينة بجنس الموظف: يتم في العادة ربط النساء في وظائف تحتاج إلى جهد جسدي أقل، وغالباً ما يكون في مجال التعليم أو التمريض أو الأعمال المكتبية، وكأن المرأة محدودة غير قادرة على العطاء خارج هذا القالب الذي رسمه لها المجتمع. لا بد من التشجيع على تعلم النساء، العمل على تطوير وعي المجتمع لقدراتهن، ومراقبة اختيار الموظف حسب كفاءته على أرض الواقع وليس بحسب جنسه.

– إلغاء التمييز على أساس الجنس (النوع) في المجتمع وفرض القوانين التي تحمي المرأة من التمييز والمضايقات أثناء العمل، والقيام بحملات لنشر الوعي في المجتمع حول أهمية دور المرأة في بناء الاقتصاد في الدولة.

– المساعدة على إيجاد توازن بين العائلة والعمل: ويتم ذلك عن طريقة حماية حقوق الأمومة، وجود إجازة أمومة مدفوعة، أذونات أمومة للخروج، توفير عمل بدوام جزئي لتستطيع المرأة تحقيق التوازن بين مسيرتها المهنية ورغبتها في قضاء الوقت مع أطفالها، وفرض وجود غرفة رعاية أطفال في مكان العمل. ومن المهم أن يساهم الأب مع الأم في رعاية الأطفال ويتقاسم معها المسؤولية داخل المنزل كما تتقاسمها معه خارجه.

– حماية النساء عند وجود أزمات اقتصادية: تقوم الشركات بتخفيض عدد الموظفين عند وجود أزمات اقتصادية ويقع الاختيار غالباً على طرد الموظفات النساء، علماً أن رواتبهن أقل أجمالاً ويعملن بجد أكبر من الرجال، ولكن يعود هذا إلى إيمان رب العمل بأن الرجال هم الأقدر على تحقيق استمرارية العمل.

 

أهمية عمل المرأة

تشكل المرأة نصف المجتمع، فلا يوجد منطق من تعطيل نصف المجتمع عن العطاء المهني والمشاركة في رفع السوية الاقتصادية للدولة. تهميش المرأة في مجال العمل ما هو إلا قبول بتخفيض نسبة تطور أي مجتمع اقتصادياً وأخلاقياً. ومن المهم أن تدرك المرأة أن عدم انخراطها في سوق العمل، ووقوفها متفرجة على الرجال في عائلتها وهم يحققون أحلامهم المهنية على حساب أحلامها، ما هو إلا سبب جديد لانتصار المجتمع الذكوري عليها. يُعد النجاح المهني والقدرة على الحصول على الدخل المادي من أهم الأسلحة التي تستطيع المرأة بهما الاعتماد على نفسها والتخلص من التحكم الذكوري في حياتها، ولذا يجب ألا تستسلم المرأة لكل المعوقات والتحديات التي يفرضها المجتمع والعائلات وأرباب العمل عليها، وأن تستمر في المطالبة بحقها في المساواة مع الرجل في العمل، الدخل، وإيجاد الفرص التي تحتاجها لتثبت قدرتها ونجاحها.


 

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.