خلال السنوات التسع الماضية تقاسمت قوات #الحكومة_السورية وفصائل المعارضة السيطرة على محافظة #درعا، الأمر الذي انعكس سلباً على وضع الأقلية المسيحية، نتيجة الانتهاكات التي تعرّض لها مسيحيو الجنوب السوري من طرفي النزاع.

 

السلاح والمتشددون

مع بداية العام 2011 انطلق من درعا حراك شعبي يدعو إلى مزيد من الحرية والديمقراطية، وينادي بإصلاحات سياسية واقتصادية، وتخفيف القبضة الأمنية عن المواطنين، فناصر مسيحيو #حوران، مثلهم مثل عديد من شرائح المجتمع السوري، هذا الحراك في البداية، عبر المشاركة بالمظاهرات.

ويقول “عصمت العبسي”، رئيس محكمة “دار العدل” في درعا سابقاً، لموقع «الحل نت» إن «المسيحيين ساهموا في الحراك الشعبي عبر المشاركة بقوة في المظاهرات، ووصل الأمر بهم لفتح بيوتهم للجرحى والفارين من قبضة الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة السورية».

ويشير “العبسي” أن «انسحاب المسيحيين من الحراك مرّ عبر مسارين: الأول شيطنة الحكومة السورية للاحتجاجات، وجرّها إلى النزاع المسلح، والثاني ظهور الجماعات الإسلامية بقيادة #جبهة_النصرة، وسيطرتها على قرى يقطنها مواطنون من الطائفة المسيحية: فضيّقت عليهم، وفرضت الإتاوات، وتدخّلت حتى في لباس نسائهم، تحت عنوان تطبيق الشريعة، ما أجبرهم على النزوح».

ويضيف “العبسي”: «لم ينخرط المسيحيون المنحدرون من جنوب سوريا في المعارضة السياسية بشكل كبير، فالترشيحات كانت تتم حسب الأكثرية العددية». وعزا عدم تواجد مقاتلين، أو كتيبة خاصة للمسيحيين في الجنوب، لـ«سيطرة الكتائب الإسلامية على المنطقة الشرقية من محافظة درعا، والتي يتواجد فيها أغلب أفراد الطائفة المسيحية».

ويشير “ملحم بشارة”، من أبناء مدينة درعا، لموقع «الحل نت» أن «الحراك المسيحي أخذ منحى الخمول، بعد إصدار “أساقفة دمشق” نداءً عاماً في السادس عشر من حزيران/يونيو 2011، موجهاً إلى مسيحيي سوريا، يدعونهم فيه إلى عدم الانجرار في الصراع، وضرورة تجنب الرهان على الجهات الخارجية. فضلاً عن تحذير البطريرك الماروني “بشارة الراعي”، بعد لقائه “نيكولا ساركوزي”، الرئيس الفرنسي حينها، في أيلول/سبتمبر 2011، من الخطر المحدق بمسيحيي سوريا».

 

المسيحيون بين فكي المعارضة والحكومة السورية

تشير الأرقام إلى انخفاض عدد المسيحيين في سوريا إلى ما يقارب النصف، بين مهجّر خارج البلد، ومقتول بفعل النزاع، فكثير من العائلات المسيحية تقيم في ريف درعا الشرقي، الخاضع لسيطرة المعارضة ذات التواجهات الإسلامية، خاصة في بلدات “طيسيا”، و”غصم”، و”معربة”، “ورخم”، و”خربا”.

ويقول “أبو غياث الشرع”، عضو “مكتب توثيق الشهداء في درعا”،  لموقع «الحل نت»:  «وثّقنا خلال الأعوام السابقة ثلاثة قتلى من المسيحين في قرية “خربا” شرقي درعا، و”نامر” شمالي المحافظة، بقصف للقوات الحكومية. أما في مدينة درعا، وبالقرب من كنيسة “سيدة البشارة” للروم الأرثوذكس، الواقعة على خط التماس بين الطرفين، وثّق المكتب مقتل ثلاثة أشخاص بقصف مدفعي للفصائل المسلحة». لافتاً أن «الكنيسة لم تسلم من الشظايا والقذائف».

وحسب “ملحم بشارة” فإن «قرى “نامر” و”شقرا” و”المسمية” و”خبب” و”تبنة” ومدينة درعا شهدت حالات خطف خلال الأعوام الثلاثة الأولى للثورة، منها خطف لرجل في الخمسين من عمره، تم التواصل مع ذويه من قبل الخاطفين، لدفع مبلغ خمسة ملايين ليرة سورية، لقاء إطلاق سراحه. وجرى اختطاف رجل مسيحي من قرية “شقرا”، وذبحه وتقطيع جثته، وإرسالها إلى أهله في كيس».

 

روسيا تحاول استعادة ثقة المسيحيين

كنيسة “سيدة البشارة” واحدة من ثلاث كنائس فقط في مدينة درعا، وإن كان وضعها أفضل من غيرها، إذ أن كنيسة البروتستانت الإنجيليين أغلقت أبوابها تماماً، في حين لا يتواجد كاهن كنيسة “يوحنا الدمشقي” للروم الكاثوليك بشكل دائم فيها، وحسب “بشارة” فإن «خمسمئة عائلة مسيحية كانت تعيش في المدينة قبل الحرب، لكن العدد تراجع إلى النصف خلال سنوات النزاع المستمر منذ نحو تسع سنوات».

ويشير الناشط “محمد الحوراني” لموقع «الحل نت» أن «مسؤولين عسكريين روس في الجنوب السوري، عقدوا اجتماعات مع مسؤولي الحكومة السورية في #السويداء، ووجهاء عشائر البدو، للتنسيق حول عودة بعض المهجرين المسيحيين إلى أرياف السويداء ودرعا، متعهدين بإعادة منازلهم، التي كانت تسيطر عليها قوات “شباب السنة”، التي تحولت إلى #الفيلق_الخامس، بعد سيطرة #القوات_الحكومية على جنوب سوريا، نهاية 2018».

وأوضح “الحوراني”: «القوات الروسية رعت في الرابع من مايو/أيار، اتفاقاً بين أهالي بلدة “خربا” جنوب غربي السويداء من جهة، و”الفيلق الخامس”، يضمن عودة الأهالي إلى منازلهم التي هجروها في العام 2014، بعد سيطرة “قوات شباب السنة” على البلدة ذات الغالبية المسيحية، الواقعة بالقرب من الحدود الإدارية بين محافظتي درعا والسويداء».

ويؤكد “الحوراني” أن «أجراس كنيسة “خربا” قُرعت للمرة الأولى منذ سنوات، وعاد إليها فعلياً قسم من العائلات، برفقة وجهاء من العشائر في حوران، ووجهاء من أهالي البلدة، وقادة من “الفيلق الخامس”، الذي يقوده “أحمد العودة”». لافتاً أن القرية «يقطنها حالياً نحو ثلاثة آلاف نسمة، معظمهم من المسلمين، إضافة إلى عشائر بدوية من الريف الغربي في السويداء، جلبتها فصائل المعارضة بعد سيطرتها على القرية ونزوح أهلها. وكان عدد المسيحيين في قرية “خربا” ألفا وخمسمئة نسمة حتى عام 2011».

 

“إفراغ الشرق من المسيحيين”

وبينما لم تصدر الحكومة السورية أية إحصائيات رسمية بعد حول التغيرات التي طرأت على أعداد المسيحيين في البلاد، قال “معين المرعبي”، وزير الدولة اللبناني لشؤون النازحين، خلال استقباله “نيكولا كليس”، منسقة شؤون الهجرة واللاجئين السويدية، في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، إن «تركيز الدول الغربية على اللاجئين المسيحيين دون سواهم من شأنه إفراغ الشرق من المسيحيين».

يقول “ملحم بشارة” بهذا الصدد: «منذ بداية عام 2012 بادرت الحكومة السورية إلى توزيع السلاح على المسيحيين، من خلال شعبة #حزب_البعث، فلم يحمل السلاح إلا من كان معروفاً بحبه للمشاكل والتسلط، ولكن الغالبية رفضت حمل السلاح، واختارت الهجرة إلى بلدان الجوار، ومنها إلى أوروبا».

وأكد “يوحنا إبراهيم”، أسقف السريان الارثوذكس في حلب، أن «نحو ثلث المسيحيين السوريين هاجروا من سوريا، منذ بدء الأحداث في آذار 2011، وأنه يجد صعوبة في إقناع هؤلاء السوريين الأصيلين، والبالغ عددهم نحو مليون ونصف، بعدم الهجرة، نتيجة صعوبة الظروف الامنية، والتهديدات التي يواجهونها يوميا»، حسب تعبيره.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.