عانت النساء في محافظة #الرقة خلال سيطرة تنظيم #داعش من أشد أنواع الظلم والاستبداد، نتيجة قوانين وسياسات التنظيم الصارمة التي فُرضت بحقهن، ومع خروجه من المدينة أواخر 2017، وسيطرة #قوات_سوريا_الديمقراطية عليها، تحسّنت أوضاع النساء، إلا أنهن لايزلن يواجهن القمع والاضطهاد بأشكال مختلفة. فقد تم إشراكهن في كافة قطاعات الإدارة والمجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني، ولكن بشكل صوري فقط، دون أن يكون لهن سلطة حقيقة وفعّالة.
“تمكين” صوري
“رهف عزام”، من سكان حي “البياطرة” في مدينة الرقة، قالت لموقع «الحل نت»: «لم يكن للنساء دورٌ فعّال في المجتمع، خلال سيطرة تنظيم “داعش”، الذي قيدهن بقوانين صارمة، تصل عقوباتها إلى الجلد والرجم والقتل. أضف لذلك العادات والتقاليد المتوارثة، التي لم تكن أقل قسوة من قيود التنظيم، والتي قلّصت دور النساء في المجتمع إلى رعاية الزوج والأولاد وتنظيف المنزل. وأيضاً حرمانهن من أبسط حقوقهن، مثل العمل والتعليم».
وتؤكد “رهف” أن «وضع المرأة تحسّن قليلاً الآن، مقارنةً بأيام سيطرة “داعش”، فاللجان التي شكلتها #الإدارة_الذاتية، عملت على إشراك النساء في كافة الإدارات التابعة لها، وسُلمتهن مناصب قيادية، ونظمت لهن دورات تدريبية مهنية، لإشراكهن بمهن جديدة غير تلك المهن النسائية، التي اعتدن على العمل بها (خياطة، تجميل، الخ)، وذلك بهدف إنعاش اقتصاد المدينة، فأصبحت المرأة تشارك الرجل في عدة مجالات عمل، بالمقابل يُمنع أي نشاط أو تجمع نسائي لا توافق عليه “لجنة المرأة” في المدينة»، وفق قولها.
من جانبها قالت “سميرة العيسى”، وهي معلمة من الرقة، لموقع «الحل نت» إن «المرأة الرقاوية تشارك الرجل في رئاسة معظم اللجان والدوائر في المدينة، إلا أن دورها يقتصر على توقيع الأوراق وختمها لا أكثر، فالقرارات التي تصدر تكون ذكورية بحتة، ولا يتم أخذ رأي النساء بها، فلا تزال الصورة الاعتيادية للمرأة في مجتمعنا هي التبعية للرجل، والوضع لا يزال مزرياً على الرغم من تحسّن وضع النساء مقارنة مع ما كان سائداً فيما سبق». ونوّهت إلى أنه «لا توجد حتى الآن خطوات جادة لتحسين واقع المرأة، فالتهميش لا يزال مستمراً، ولكن بصور مختلفة»، وفق تعبيرها.
أما “وفاء الحميدي”، وهي ناشطة إعلامية في الرقة، فقالت لموقع «الحل نت» إن «النسوة في الرقة لا يستطعن تأسيس مشروع خاص بهن، أو تنظيم فعاليات دون موافقة “لجنة المرأة”. وذلك لا يعني تخليص النساء من قيودهن بل تقييدهن بطريقة أخرى»، على حد وصفها.
تهميش المرأة في مناطق سيطرة الفصائل المسلحة
تقول “مروى علوش”، وهي معلمة من #تل_أبيض، لموقع «الحل نت» إن «المرأة في “تل أبيض”، تعاني من التهميش، ولا يوجد اهتمام حقيقي بقضاياها ومشاكلها من قبل الجهات المعنية، فمعاناتها لازالت مستمرة عقب دخول الفصائل المسلحة، الموالية للجيش التركي، إلى المنطقة، والتي اتبعت أساليب تنظيم “داعش”، لكن بصورة مختلفة. ففرص العمل باتت مقتصرة على الرجال، والنقاب أصبح فرضاً علينا، ولا نستطيع الإحتجاج أو المطالبة بحقوقنا خوفاً من ممارسات عناصر المليشيات المسلحة».
ومثالاً عن ذلك ذكرت “علوش” اعتقال والد الممرضة “وفاء المحمد”، بعد احتجاجها على طردها من العمل في مشفى تل أبيض، بحجة ترميمه من قبل وزارة الصحة التركية.
معاناة المرأة مستمرة في مناطق سيطرة القوات النظامية
تقول “بسمة النجار”، من سكان بلدة #معدان، لموقع «الحل نت» إن «حال المرأة في البلدة من سيئ إلى أسوأ، إذ تتعرض للظلم والتهميش، بسبب ثقافة المنطقة العشائرية، التي تقيّد حرية المرأة بالعادات والتقاليد البالية، فالعمل ممنوع ويقتصر على التدريس في المدارس الحكومية، أو الزراعة ورعاية الأرض، ولا يحقّ للنساء الحصول على عمل من اختيارهن. ويسمح لهن بتعلم القراءة والكتابة فقط، ويتم تزويجهن دون أخذ رأيهن في الزواج. كما أن عادة تزويج القاصرات لا تزال منتشرة».
وإلى جانب العادات العشائرية تعاني النساء من ممارسات #القوات_النظامية والمليشيات التابعة له، وانتشار ظاهرة التحرش في تلك المناطق. الناشطة “ديما قبلاوي”، من “معدان”، قالت لموقع «الحل نت» إن «ظاهرة التحرش باتت تمنع النساء من الخروج للشارع والأماكن العامة، فلا توجد سلطة قادرة على ضبط عناصر المليشيات الذين يتحرشون بالنساء لفظياً، ويُضاقونهن بعبارات بذيئة، ويتتبعونهن إلى مكان عملهن أو سكنهن. كما يقوم عناصر #الميليشات_الإيرانية، الذين يتنشرون في البادية، بحجة ملاحقة خلايا تنظيم “داعش”، بالتحرش النسوة هناك، مُستغلين انعدام الأمن في تلك المناطق».
وأكدت “قبلاوي” أن «الميليشيات الإيرانية اعتقلت، في مارس/آذار من العام الحالي، عائلة مكونة من ثلاثة نساء ورجُلين، أثناء عودهم من بلدة “السبخة” عن طريق البادية، بعد تعرّض النسوة للتحرش من قبل العناصر، وسط تكتم اعلامي عن الحادثة، حفاظاً على سمعة العائلة».
وتشير دراسات أجراها معهد “جورج تاون للنساء والأمن والسلام” (GIWPS)، خلال العام الماضي، إلى أن سوريا تحتل المرتبة رقم 165 عالمياً، في قائمة أنسب البلدان لعيش المرأة وضمان حقوقها، من أصل 167 دولة حول العالم.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.