رائحة صابون وفاكهة في غير موسمها … الوحام بين الخرافة والعلم

رائحة صابون وفاكهة في غير موسمها … الوحام بين الخرافة والعلم

تناولت الدراسات فترة الحمل عند المرأة من جميع الجوانب، كما نقلت الكثير من المقالات العبارات والتعليقات التي كانت تتبادلها السيدات حول فترة “الوحام” والمؤشرات والتكهنات التي تدل على جنس المولود وطبيعته، فهل تغير كل شيء بعد اكتشاف أجهزة الموجات فوق الصوتية التي تبيّن جنس الجنين منذ الشهور الأولى؟ وهل تغيرت أعراض “الوحام” في العصر الحديث؟

 

“حمل الصبيان مثل حجارة الصوان”

سمعت الجدة “سعاد” هذه العبارة من والدتها منذ أكثر من خمسين عاماً، وكانت هذه العبارة تشعرها بالقلق خصوصاً عند ازدياد شعورها بالتعب والثقل، لكنها كانت تقاوم النوم والراحة كي لا تسمع من جاراتها تعليقاً مثل “وحام الخسعة للتسعة” الذي يعني أن الاستسلام لأعراض التعب المرافقة للحمل هي كسل ودلال ليس إلا.

تقول الجدة “سعاد”: كانت السهرات تجمع أفراد العائلة الكبيرة وزيارات الجيران الدورية كذلك، ولم تكن تخلُ من سيدة حامل أو أكثر أحياناً، فكانت التسلية الأكثر متعة هي تكهن جنس المولود من خلال مراقبة التفاصيل مثل حجم وشكل بطن الحامل وتصرفاتها.

وكانت كثير من حكاياتنا تدور حول ما نحب وما نكره في فترة الوحام مما يزيد من التكهنات والتبريرات حول علاقة هذه الأعراض بجنس المولود ومدى تأثيرها عليه في المستقبل.

إذ كان البعض يقول إن اشتهاء الحلو يعني أن المولود سيكون صبياً أما اشتهاء المالح فيعني أن الجنين بنت، وكان هناك من يقول العكس تماماً مما يسخن الأجواء ويزيدها مرحاً أحياناً وتوتراً في أحيان أخرى.

وكان أكثر ما يخيف الشابات في ذلك الوقت هو الأخبار الغريبة حول اشتهاء الحامل لمواد مثل الصابون أو الكلس أو فاكهة نادرة، وخطر عدم توفر تلك الأمور على الجنين، فمنهم من يقول إن هذا سيسبب ظهور وحمة كبيرة في وجه الطفل ومنهم من يقول إن المولود لن يكون جميلاً.

رغم ميل الكثيرين لتصديق هذه المقولات في ذلك الزمان غير أن “سعاد” اكتشفت من خلال انجاب اولادها الخمس وأحفادها الاثني عشر أن التوقعات والتحليلات لا يمكن أن يعوّل عليها، فهي تصح مرة وتخيب مرات.

 

أعراض ودية

يشرح الدكتور “سامر جمالي” المختص بأمراض النساء والولادة وطفل الأنبوب إن الوحام يسمى علمياً “الأعراض الودية للحمل” وهذه الأعراض تحدث بسبب تغير مستويات مجموعة من الهرمونات المصاحبة للحمل خصوصاً الاستروجين والبروجسترون، وتتجلى بشكل عام ببعض الوهن وتغيير في حاسة الشم والذوق وتغير في المزاج يبدأ منذ الثلث الأول من الحمل، وفي الثلث الثاني من الحمل يزداد الميل إلى النوم والشعور بالارتخاء بسبب افراز هرمون الريلاكسين، وتبدأ الازعاجات الهضمية مثل الحرقة والامساك بالازدياد أحياناً لتصبح أكثر وضوحاً في الثلث الثالث من الحمل بتأثير الهرمونات المؤدية لتأخر إفراغ المعدة من الطعام وكذلك بسبب ضغط الرحم على المعدة. ولكن الأعراض ليست مزعجة دائماً فمن الأعراض السارة تحسن البشرة والشعر والأظافر خلال فترة الحمل بسبب زيادة التروية الدموية.

يقول الدكتور “جمالي” إن الأعراض الودية لا تتعلق بجنس الجنين، كما تختلف حدتها من سيدة لأخرى وتختلف أيضاً من حمل لآخر عند السيدة نفسها.

لاحظت “غالية” حفيدة الجدة “سعاد” وبنات جيلها اللاتي مررن بمراحل الحمل والولادة حديثاً أن اشتهاء مواد غريبة لم يعد أمراً شائعاً بقدر ما كان في الماضي، فحصول الحامل على الفيتامينات الكافية والعناية الطبية الجيدة له الفضل في تحقيق توازن أفضل للصحة.

ورغم فقدان عامل التشويق فيما يخص معرفة جنس المولود منذ بدايات الحمل إلا أن الاطمئنان على سلامة الجنين حتى لحظة الولادة هو الأهم، فقد خفف هذا الاطمئنان من الاضطربات النفسية والقلق الذي كانت تعاني منه الحوامل قبل اختراع الأجهزة الحديثة.

تدافع بعض الحوامل عن المقولات رغم معرفتهن بأنها قد لا تصدق، لكنها تبقى بالنسبة لهن مصدراً لحكمة ما أو تواصلاً  مسلياً بين الماضي والحاضر.


 

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.