مع سيطرة #هيئة_تحرير_الشام على محافظة #إدلب، بعد طرد بقية فصائل #المعارضة_المسلحة منها إلى ريف #حلب الشمالي، عملت الهيئة على إحكام قبضتها الأمنية، وذلك من خلال تأسيس أجهزة أمنية ومعتقلات لاعتقال معارضيها، إضافة إلى نصب حواجز لتفتيش المدنيين.

ويُعتبر سجن “العُقاب” أخطر السجون الأمنية في مناطق سيطرة المعارضة المسلحة في محافظة إدلب، ويتألّف من سلسلة كبيرة من المقرّات، تمتد على طول #جبل_الزاوية، جنوبي المحافظة، على الطرق الجبلية الواصلة بين قرى “البارة، كفرنبل” و”احسم، دير سنبل”.

 

اعتقال قيادات “الجيش الحر”

“أبو ياسر” (اسم مستعار)، وهو قيادي سابق في #الجيش_الحر، خرج بلحية كثيفة وجسم منهك من سجن “العقاب”، قبل ثلاثة أشهر، بعد قضاء سنة وشهرين في السجن، إثر اعتقاله من قبل ملثمين من عناصر “تحرير الشام”.

شارك “أبو ياسر”، منذ بداية الاحتجاجات السورية عام 2011، في المظاهرات السلمية، ومن ثم انضم إلى المعارضة المسلحة، وصار قائداً لكتيبة عسكرية تضم أكثر من مئة مقاتل على جبهات حلب. وتمت ملاحقته من عناصر الهيئة، بعد حملتها على فصائل “الجيش الحر”، وتفكيك أكثر من عشرين فصيلاً في الشمال السوري.

«كنا نقاتل على عدة جبهات في ريف حلب، ولديّ عشرات المقاتلين ضد #القوات_النظامية، ونملك أسلحة ثقيلة، استحوذنا عليها أثناء المعارك، الأمر الذي جعلنا تحت أنظار فصيل “تحرير الشام”، الذي يقوم بالاستيلاء على أسلحة الفصائل الأخرى، وتصفية مقاتليها أو اعتقالهم»، يقول “أبو ياسر” في حديثه لموقع «الحل نت».

وحول اعتقاله يضيف: «علمت بملاحقتي من قبل عناصر الهيئة، لذلك تواريت عن الأنظار. وفي ظهيرة إحدى الأيام حاصرني عدة ملثمين. وتم وضع غطاء على عيني، ومن ثمّ اقتُدت إلى وجهة مجهولة، وبعد وصولي تفاجئت بوضعي في زنزانة منفردة، في سجن يدعى “العقاب”، تابعٌ للهيئة».

ويصف “أبو ياسر” المعاملة التي تعرّض لها في السجن: «تم التحقيق معي عدة مرات، بتهمة التعامل مع غرفة “الموك”، المدعومة من الولايات المتحدة، والتخطيط لاغتيال قادة في الهيئة، وتعرضت للضرب والتعذيب أثناء الاعتقال، فتم وضعي في تابوت، وهذه وسيلة تعذيب عند “أمنيي” الهيئة، لانتزاع اعترافات بالقوة من المعتقلين».

وحول كيفية خروجه من السجن يوضّح: «تم إعدام عدد من قادة “الجيش الحر”، ومن بينهم “أسامة الخضر”، القيادي في “الفرقة 101” مشاة، وكان اسمي ضمن الذين خُيروا بين تصفيتهم أو دفع مبلغ مالي كبير بالعملة الصعبة. ولكن بعد وساطة قام بها أحد أقربائي لدى قيادي في الهيئة، تم الافراج عني مقابل خمسة آلاف دولار».

 

معتقلو الرأي

تعتمد “هيئة تحرير الشام” على عدد كبير من “الأمنيين”، لمتابعة الناشطين والمقاتلين في فصائل “الجيش الحر”. وتعتقل باستمرار من تعتبرهم مناهضين لحكمها منهم. ثم تٌفرج عنهم مقابل مبالغ مادية، أو تحت ضغط شعبي وإعلامي.

“محمد خالد”، اسم مستعار لأحد المعتقلين في “السجن المركزي” في مدينة إدلب، الذي صار تحت سيطرة “هيئة تحرير الشام”، بعد انتزاعه من فصيل “صقور الشام”، إثر المعارك التي دارات بين الفصيلين قبل عدة أعوام.

تم عتقال “محمد خالد” بتهمة رسم صور مسيئة للفصائل الإسلامية، على أحد الجدران في منطقته في ريف إدلب الشرقي. «اعتقلني “أمنيو” الهيئة من منزلي أمام عائلتي، بسبب قيامي بالتعبير عن رأيي، من خلال رسمة على أحد الجدران، بعد وشاية أحد عملائهم في المنطقة»، يقول المعتقل السابق لموقع «الحل نت».

وحول الأوضاع في السجن يقول: «يتم تقديم وجبات تضم البطاطا والبيض والبرغل ورغيف خبز لكل سجين، ويتم تسجيل مبلغ عشرة دولارات على كل سجين عن كل يوم، يدفعها بعد خروجه من السجن. في حين يأتي أحد “الشرعيين” لإعطاء السجناء دروساً دينية بشكل يومي، إضافةً إلى عرض إصدارات عن معارك الهيئة داخل السجن».

 

ملاحقة النشطاء الحقوقيين

من جهته يشرح أحد الناشطين الحقوقيين عملية اختطافه من قبل “هيئة تحرير الشام”، من منزله الواقع بريف إدلب الجنوبي، حيث تم اعتقاله أمام أطفاله وزوجته ووالده، في الساعة الثالثة من فجر أحد الأيام، واقتياده إلى سجن “العقاب”.

يقول الناشط الحقوقي، الذي رفض الكشف عن اسمه، لموقع «الحل نت»: «سجن “العقاب” عبارة عن مغارة قديمة، تم توسيعها لاحقاً، وتقسيمها لغرف ومكاتب. يتألف السجن من أربع وعشرين زنزانة منفردة، بطول مترين وعرض متر، وباب يقود الى مرحاض مساحته متر بمتر تقريباً، ويقومون أحياناً بوضع سجينين او ثلاثة في الزنزانة، لعدم توفر الأمكنة».

ويضيف: «أقمت في إحدى هذه الزنازين لمدة مئة وستة وعشرين يوماً. توجد أيضاً زنزانتان يطلق على كل منهما اسم “الرباعية”، لأنهما تتسعان لأربعة معتقلين. كما توجد ست زنازين تسمى “الجماعيات”، يتسع بعضها لخمسة وعشرين سجيناً، وأخرى لخمسة وأربعين».

ويشير إلى أن  «إضاءة السجن تعتمد على مولدة كهرباء، يتم تشغيلها مرتين يومياً لمدة أربع ساعات. داخل المنفردة مدفأة كهربائية صغيرة. في “الجماعيات” لا توجد مدافئ، لأن العدد الكبير للسجناء يجعل جو الغرفة معتدلاً. أما عن صوت التعذيب فكان أصعب من التعذيب نفسه».

ووثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” اعتقال #جبهة_النصرة، التي صار اسمها فيما بعد “هيئة تحرير الشام”، لحوالي 2057 شخصاً،  بينهم 29 سيدة و13 طفلاً، منذ الإعلان عن تأسيس الجبهة مطلع عام 2012 وحتى أذار/مارس 2020.

وتقول “نور الخطيب”، مسؤولة ملف المعتقلين في “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”: «نحن نعمل على تقرير موسع حول مراكز الاحتجاز التابعة لـ”هيئة تحرير الشام”، وحتى اليوم رصدنا ما لا يقل عن اثنين وثلاثين مركز احتجاز تابع لها، بعضها سيطرت عليه القوات النظامية، أثناء حملتها العسكرية الأخيرة على ريف محافظة إدلب».

وعن انتهاكات حقوق الإنسان في هذه المعتقلات تؤكد “الخطيب”: «تتنوع أساليب التعذيب في هذه السجون، وأهمها: الجلد، الصعق الكهربائي، الشبح، الحبس الانفرادي لفترات طويلة، التهديد بالإعدام، السوق للإعدام الوهمي والتجويع».

وتضيف أن «المعتقلين والمختطفين من قبل الذراع الأمني للهيئة لا يمثلون أمام المحاكم التابعة للقضاء، الذي أنشأته “تحرير الشام” في مناطق سيطرتها، وإنما يخضعون لمحاكم سرية، غالباً ما تكون مؤلفة من “لجان شرعية”، على رأسها رجال دين، معظمهم من الأجانب. كما أن معظم المعتقلين يُحرمون من زيارة عائلاتهم أو توكيل محامٍ، ويحتجزون في مراكز احتجاز سرية وخاصة بالهيئة فقط، ويتحولون إلى مختفين قسريا».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.