في سبعةِ أشهر فقط، هربت أكثر من عشرين جهادية فرنسية كنّ محتجزاتٍ في مخيماتٍ كردية في #سوريا، ولا يزال البحث جارٍ عن ثلاثة عشر منهنّ. وتحاول صحيفة “لوباريسيان” الفرنسية فيهذا التقرير الكشف عن هويات هاتيك النسوة ومسيرة حياتهنّ حتى وصولهنّ إلى سوريا وفرارهنّ منها. فمن بين النساء الهاربات، هناك من تزوجن بجهاديين شغلوا مناصب مهمة في تنظيم# داعش.

التحقن بالأراضي السورية التي يسيطر عليها التنظيم، بعد أن اعتنقن طريق الجهاد وتنكرن لفرنسا. وألقي القبض على هاتيك النساء، اللواتي تتراوح أعمارهنّ بين 19 و 41 عاماً،  من قبل القوات الكردية في المعارك الأخيرة التي أدت إلى انهيار التنظيم.

لكن (يامنة وشارلوت وسارة وناتالي وحياة وحتى سلمى) هربن ولا يمكن العثور عليهنّ اليوم. فقد استغلّت السجينات حالة عدم الاستقرار في مناطق الإدارة الذاتية ومماطلة المجتمع الدولي حول مصيرهم، ليتمكنّ من الفرار.

وبحسب المعلومات التي حصلت عليها “لوباريسيان”، فإن هناك أكثر من عشرين جهادية فرنسية فررن من السجون والمخيمات الكردية في شمال شرقي سوريا منذ تشرين الأول 2019. عندما شُنّ أول هجومٍ تركي بالقرب من مخيم #عين_عيسى، ما دفع الأكراد لتخفيف الحراسة على المخيم، الأمر الذي جاء أكثر في سياق تخلي #القوات_الأميركية عن التزاماتها.

ثم تكرّرت عمليات الفرار من مخيمات #الهول أو الروج، حيث يتكدّس آلاف الجهاديين من جميع الجنسيات في ظروف صحية سيئة، ويشير مصدر في المخابرات الفرنسية إلى أن «هاتيك النساء يستخدمن الحيلة أو يستفدن من تواطؤ المهربين الذين يدفعن لهم ما يصل إلى 10 آلاف يورو للشخص الواحد» كما يركز التنظيم الآن دعايته على دعوات الهروب من السجون والمخيمات. وقد تم تحديد وتفكيك شبكات تمويل عمليات الفرار هذه حتى داخل #فرنسا.

هروب “حياة بومدين” بمساعدة شركاءٍ داخليين

أُلقي القبض على ما لا يقل عن 10 من الجهاديات الفارات، ورُحّل نصفهنّ من #تركيا إلى فرنسا. ولكن حتى شهر أيار الماضي، كان هناك ثلاثة عشر منهنّ لا يزلن طليقات، وفقاً لمعلوماتٍ من مركز تحليل الإرهاب، أكدتها مصادر أمنية فرنسية. نساء من الضواحي الباريسية ومن الشمال إلى الجنوب الفرنسي، والتي تروي سيرهنّ قصة الجهاد الفرنسي. حيث بتن جميعهنّ هدفاً لأوامر الاعتقال الصادرة عن القضاء الفرنسي.

ولعل أكثرهنّ خطورةً ورمزيةً هي #حياة_بومدين، أرملة “آمدي كوليبالي”، إرهابي هايبر كاشير. فبينما تم الإعلان عن موتها أثناء المعارك في #الباغوز، آخر معاقل التنظيم في سوريا، أكدت إحدى الجهاديات، التي عادت إلى فرنسا، أنها قابلتها في الخريف الماضي، وأنها تعيش بهوية مزوّرة في مخيم الهول.

وهو ما كشفته قناة فرنسا الثانية، فقد تمكّنت هذه الباريسية، 31 عاماً والتي التحقت بالتنظيم في سوريا، من الهرب بمساعدة شركاء داخليين، بحسب ما تؤكده الاستخبارات الفرنسية. ولا تزال “حياة بومدين” مطلوبة للقضاء الفرنسي لمشاركتها المفترضة في الاستعدادات لهجمات كانون الثاني 2015 في #باريس.

ومن الجهاديات الهاربات، “سلمى طاهر عويدات”، 27 عاماً، من عائلةٍ من (روبيكس) في الشمال، والتي انضم 23 فرداً منها إلى صفوف التنظيم عام 2014. وكان شقيقها “فضيل عويدات”، والمعروف باسم “أبو مريم”، أحد الجهاديين الفرنسيين السبعة الذين حُكِم عليهم بالإعدام في #العراق.

وهو الذي كان السبب في تطرف جميع أشقائه الكبار وأقارب زوجته،  وقد هلكت العائلة بأكملها الآن، حيث لم يبق منها سوى شقيقتان فقط في فرنسا. وقد حُكِم عليهنّ كذلك بالسجن منذ ذلك الحين لإرسالهنّ أموالاً، حصلن عليها من الإعانات الاجتماعية، إلى أقاربهن في سوريا.

البعض منهنّ لن يترددن في مهاجمة فرنسا

نجد بين الفرنسيات الهاربات، العديد من اللواتي لعبن دوراً نشطاً في دعاية التنظيم، مثل “سارة ديريل” 26 عاماً والمعتنقة للإسلام، والتي دعت النساء الجهاديات، في مجلة (دار الإسلام)، لقبول وفاة أزواجهن على الجبهات، وأشادت بالمقاتل الفرنسي الذي فجّر نفسه في شاحنة محملة بالـ TNT. حيث كتبت هذه الشابة، المولودة في (بوندي) والتي تعيش في (سورين) منذ سبع سنوات، تقول: «أخواتي، […] أحبن أزواجكن في الله ودعوهن يذهبون إذا أرادوا العودة إلى ربهم. يجب أن نشجعهم  سواء على الذهاب للقتال أو على الاستشهاد. علينا أن نظهر لهم أننا نساء قويات».

وكما هو الحال بالنسبة لـ “سارة ديريل” فإن العديد من هؤلاء النساء كنّ متزوجات من جهاديين شغلوا مناصب مهمة في التنظيم، مثل “شارلوت بون” حيث تظاهرت هذه المرأة، البالغة من العمر 28 عاماً والمولودة في مدينة (أكس أن بروفنس) في الجنوب، بالذهاب للتزلج في كانون الثاني 2015 للالتحاق بـ “دولة الخلافة” والزواج من “أبو لقمان”. وهو شخصية “كاريزمية” معروفة في الشبكة الجهادية في (شامبيني سور مارن) إحدى ضواحي باريس.

وتثير عمليات الفرار هذه، العديد من القضايا الأمنية والإنسانية في آن معاً، حيث يمكن إغراء جزء من هؤلاء الهاربات، اللواتي يعتبرن خطيرات، بالعودة سراً إلى فرنسا باستخدام طرق الهجرة أو بتواطؤٍ من شبكات المهربين.

ويُحذّر مسؤولٌ في مكافحة الإرهاب من أن «البعض منهنّ لديه ملف مخيف ولن يترددن في الهجوم على بلادهن الأصلية، وقد أظهرت التجربة أن بإمكان هذه النسوة تنفيذ عمليات إرهابية فعلاً. وبالتالي، فإن عودتهن إلى أوروبا بأفكار خبيثة خطر يجب أخذه في الاعتبار حتى لو ظلت عمليات الهروب هذه قليلة في الوقت الحالي ولا تشكل ظاهرة هائلة».

لكن في المقابل، فإن البعض من هؤلاء الجهاديات الهاربات يود بالاستمرار في العيش تحت حكم تنظيم داعش. وبحسب معلومات استخباراتية فرنسية، فقد تم رصد ستة هاربات في جيوب التنظيم الأخيرة في شمال غربي سوريا، وأخرى في تركيا.

الطفل ينسى بسرعة

في النهاية، ترغب بعض النساء الفرنسيات في العودة إلى بلادهنّ بأي ثمن، لتتم محاكمتهنّ هناك، حتى لو كان السجن محتوماً عند وصولهنّ، حيث يقول “نبيل بودي” محامي العديد من الجهاديات الهاربات: «لم يعدن يحتملن الحبس التعسفي في المخيمات الكردية ويردن الاستسلام للسلطات التركية، ليتم ترحيلهنّ إلى فرنسا، لقد أدرك البعض أنهنّ لا يردن أن ينشأ أطفالهن في هذه المخيمات في ظروف صحية متدهورة، الطفل ينسى بسرعة، ولكن كلما تركناه في هذه المخيمات، زادت صعوبة إخراجه من دوامة التطرف الدينية».

وفي مواجهة الانتقادات الموجّهة لإدارة سجونهم ومراكز احتجازهم، يطالب أكراد سوريا اليوم بالمزيد من المساعدة من الدول الغربية وإجراء المحاكمات لهؤلاء الجهاديين على الفور. «صحيحٌ أن هذه المخيمات ليست بنية تحتية مخصصة لعدد كبير من المعتقلين، ولكن الوضع ليس فاشلاً تماماً»، يؤكد “خالد عيسى” ممثل الإدارة الذاتية في فرنسا.

ويتابع قائلاً: «لقد هزمنا تنظيم داعش في ساحة المعركة، ونحن قادرون على احتجاز إرهابييهم، لكننا نأمل الآن أن يوفر لنا حلفاؤنا المزيد من الدعم اللوجستي وأن ينجزوا العمل الذي بدأناه معاً من خلال تقديم هؤلاء الإرهابيين إلى العدالة».

وعلى الرغم من عمليات الفرار هذه وخطر ازديادها، فإن فرنسا مصرّة على موقفها في عدم إعادة الجهاديين الفرنسيين، وترك أمر محاكمتهم للسلطات المحلية هناك.

 

المصدر: (leparisien.fr)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.