تَقترحُ #فرنسا نَقل نموذجها  لـ “الخدمة العسكرية المُعدّلة” إلى #العراق، لإعادةِ الحياة المدنيّة لعشراتِ الآلاف من رجال المليشيات العاطلين عن العمل منذ انتصارهم على جهاديي تنظيم #داعش.

ففي عام 2018، وُلِدت الفكرة على يد رئيس الفرقة الجوية الجنرال (فريديريك باريزو) الذي قاد العمليات المدنية- العسكرية للتحالف الغربي المناهض لتنظيم داعش في العراق. حيث يمكن لهذه الآلية، بالعودة إلى الحياة المدنية، أن تستقطب العديد من الميليشيات العراقية.

وكانت فرنسا قد أنشأت هذه الآلية العسكرية للتأهيل المهني للشباب في الأقاليم الفرنسية في ما وراء البحار عام 1961. وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة في #باريس: إن «السلطات العراقية رحّبت بهذا المقترح بشكلٍ إيجابي».

فبعد أربع سنوات من إعلانها في #الموصل، هزم العراق بالتعاون مع #التحالف_الدولي “خلافة” تنظيم داعش المزعومة. وعندما تم إنشاؤه في شهر حزيران 2014، استجاب عشرات الآلاف من الشباب لدعوة آية الله #علي_السيستاني، أعلى سلطة روحية شيعية في العراق، للتجنيد في وحدات #الحشد_الشعبي، لذلك بات من الضروري إيجاد حل لهذا الخزان البشري والذي يقدر بأكثر من 100 ألف شخص.

الشعور بأن لك فائدة

في خريف 2016، أصدر #البرلمان_العراقي قانوناً يدمج وحدات الحشد الشعبي في قوات الأمن العراقية، تحت سلطة رئيس الوزراء. لكن العديد من رجال هذه المليشيات فضّلوا البقاء خارج السرب، بينما تم تجنيد آخرين من قبل #إيران وأزلامها في العراق.

وهو أمرٌ يبعث على القلق بالنسبة للعديد من العراقيين، لاسيما جميع أولئك الذين تظاهروا على وجه الخصوص لمدة ثمانية أشهر في #بغداد وجنوبي البلاد ضد الجماعات شبه العسكرية، التي تتهمها #منظمة_العفو_الدولية بارتكاب جرائم حرب. وكذلك هو الحال بالنسبة لشركاء بغداد الغربيين في الحرب ضد تنظيم داعش.

يقول دبلوماسي عراقي من بغداد، فضّل عدم الكشف عن اسمه، بهذا الخصوص: «الفكرة ليست نسخ النموذج الفرنسي، بل تكييفه مع بيئتنا. حيث يحتاج العديد من الشباب المنتمين إلى الحشد الشعبي إلى تعلّم مهنة ما ليشعروا بأن لهم فائدة. فحالياً، تتمثل مأساتنا بأنه لا يمكنهم العثور على عمل. وبذلك باتوا فريسة سهلة لتجنيد الجماعات الإرهابية، أو لارتكاب أعمال خارج القانون. إن “هذه الخدمة العسكرية المعدّلة” يجب أن تدربهم على العودة إلى حياة صحية وصحيحة».

وفي شهر تشرين الأول الماضي، زار وفدٌ عراقي مشترك من عدة وزارات جزيرة (ريونيون)، أحد الأقاليم الفرنسية  في ما وراء البحار، وكذلك المركز العسكري للتدريب المهني في منطقة (فينديي) غربي فرنسا. وقد صرّحت هيئة الأركان العامة الفرنسية حينها، قائلةً: «أكد شريكنا العراقي، بعد تلك الزيارات، اهتمامه بالنموذج الفرنسي».

ويجمع المشروع الفرنسي بين العديد من الوزارات العراقية (الدفاع والتربية والعمل)، وكذلك مركز العمليات الوطنية التابع لرئيس الوزراء والأمانة العامة للدفاع والأمن القومي العراقية.

حيث يقول الدبلوماسي العراقي المذكور، موضحاً: «ستحدد وزارة العمل القطاعات التي يجب أن نركز جهودنا عليها، أما وزارة التربية، فستقدم المساعدة اللوجستية للتدريب المهني. وعندما يتخرج الشباب العراقي من هذا البرنامج، سيبقون عسكريين، ولكن مهامهم ستكون مدنية وفي خدمة المجتمع، في المستشفيات والبلديات، على سبيل المثال».

ومن خلال هذه الآلية الجديدة، يسعى العراق كذلك إلى مساعدة القطاع العام المتعثر، وهو أمر بات أولوية، في وقت أدى فيه انخفاض أسعار النفط إلى جفاف الإيرادات الحكومية.

«يُفضّل الكثير من الشباب الخريجين الالتحاق بالوظائف العامة، في حين أننا بصدد إعادة بناء القطاع الخاص، علينا أن نعكس هذا التوجه»، يقول “حسن” أكاديمي من بغداد.

من فرنسا، تبحث بغداد عن مدربين مدنيين لتدريب كل هؤلاء الشباب، «بمجرد أن تطلب #السلطات_العراقية ذلك، فإن لجنة استشارية من الخبراء الفرنسيين قادرة على دعمهم في صياغة “خدمة عسكرية معدَلة” خاصة بالعراق»، صرّح مصدر في هيئة الأركان العامة للجيش في باريس.

حيث أكد المصدر المذكور أنه «إذا التزمت فرنسا، بفضل تعاونها الثنائي مع العراق، بدعمها في إنجاز هذا العمل، فإن تنفيذ هذا المشروع سيقع بالفعل تحت السلطة السيادية للدولة العراقية».

ومن الواضح أن هذا لن يكون سهلاً بالنسبة لبغداد، حيث لا تتفق جميع الفصائل السياسية على هذا التعاون، وقد تنظر الميليشيات الشيعية القوية المؤيدة لإيران إلى ذلك بعين الريبة.

مَنفعةٌ مُشتركة

بسبب جائحة #كورونا التي اجتاحت العراق، كما اجتاحت بقية دول العالم، جُمّد  المشروع في الوقت الحالي، ويقول الدبلوماسي العراقي من بغداد: «بالنسبة لنا، يبقى هذا المشروع بالغ الأهمية».

ويتابع قائلاً: «من وجهة نظر المسؤولين العراقيين، تتمتع فرنسا بميزة على حلفائها الأميركيين والبريطانيين. فهي ليست لديها أجندة خفية مثل غيرها، في الوقت الذي ترى فيه #الولايات_المتحدة، التي ساعدتنا في التخلص من حكم #صدام_حسين، العراق اليوم من خلال حربها ضد #إيران. هذا المشروع له منفعة مشتركة لبلدينا. لم يعد الفرنسيون يريدون بقاء قواتهم على الأرض، ولكن من خلال هذا التعاون سيكونون قادرين على الحفاظ على نفوذهم وجعل أنفسهم محبوبين من قبل الشعب العراقي».

في نهاية شهر آذار الماضي، وبسبب الخطر الذي يُشكّله فيروس كورونا، سحبت باريس 200 جندي من العراق، كانوا يشاركون في مهام تدريبية للجيش العراقي.

من جانبها، بدأت الولايات المتحدة بإعادة نشر جزء من قواتها، بانتظار نتائج الحوار الاستراتيجي الذي بدأ هذا الشهر في بغداد مع المسؤولين العراقيين، على الرغم من أن البرلمان العراقي كان دعا في شهر كانون الثاني المنصرم إلى رحيل القوات الأجنبية عن البلاد.

كما زار #مصطفى_الكاظمي، رئيس الوزراء العراقي الجديد، الذي كان موضع تقدير في باريس، قبل أسبوعين مقر ميليشيا الحشد الشعبي. حيث يريد رئيس المخابرات السابق، أن يجد لهذه الميليشيات بديلاً اجتماعياً. ولكن كان عليه أن يتعامل مع المعارضة الأكثر راديكالية في الحشد الشعبي.

ويقول نائب عراقي لصحيفة لوفيغارو: «في حين أن الشركات الفرنسية لا تزال مترددة في العودة إلى العراق، فإنه ومع هذا المشروع لـ الخدمة العسكرية المعدّلة، سيكون لدى فرنسا بطاقة حقيقية للعبِ دورِ في العراق».

 

المصدر: (Le Figaro.fr)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة