من “سواعد الخير” إلى “الفَلَاح”: “هيئة تحرير الشام” تواصل التضييق على حياة المدنيين في إدلب

من “سواعد الخير” إلى “الفَلَاح”: “هيئة تحرير الشام” تواصل التضييق على حياة المدنيين في إدلب

أفاد ناشطون في مدينة #إدلب أن عناصر جهاز الحسبة التابع لـ”هيئة تحرير الشام”، والمعروف باسم “سواعد الخير“، استأنفوا نشاطهم بشكل واسع في المدينة، ولكن هذه المرة تحت مسمى “مركز الفلاح”، الذي أنشأته الهيئة الشهر الماضي.

وبحسب المصادر فإن الممارسات الأساسية للمركز هي التضييق على الفرق التطوعية والناشطين، ومراقبة المدنيين في الأسواق والشوارع العامة، وملاحقة صالونات الحلاقة والتدخين والألبسة النسائية، بدعم كبير من القوى الأمنية التابعة لـ”هيئة تحرير الشام”.

ويقوم عناصر “مركز الفلاح” بالتجول في أحياء المدينة، واعتقال الفرق الإنسانية التي يعمل فيها النساء والرجال معاً، إضافة للتجول في الأسواق، ومنع الناس من ارتداء الملابس الضيقة.

 

التضييق على العمل الإنساني

“محمد سامر” (اسم مستعار)، ناشط ومسؤول بفريق إنساني، استدعي لـ”مركز الفلاح” بطلب من رئيسه، ويتحدث عن تجربته هذه لموقع «الحل نت»: «طلب منا رئيس المركز أسماء العاملين في الفريق وأعمارهم، وعدد الرجال والنساء فيه، وأوقات الدوام الرسمي، وعنوان مكتب الفريق، كي يتمكن عناصر المركز من زيارته وتفتيشه في أي وقت يريدون. وفرض علينا تشكيل مكتب للنساء وآخر للرجال. إضافةً لمنع خروج الجنسين بالسيارة نفسها أثناء الجولات على المخيمات».

ويضيف: «حواجز “مركز الفلاح” بدأت تنتشر في المدينة، ويقوم عناصرها بتوزيع منشورات “توعوية”، على أساس مبدأ “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”. يستخدم عناصر المركز لغة التهديد والوعيد ضد المدنيين، ويعتمدون على الدعم الذي تقدمه لهم أجهزة الهيئة الأمنية».

وتسعى #هيئة_تحرير_الشام لفرض وجودها بشكل أكبر على أهالي مدينة إدلب، مركز الثقل الشعبي في المحافظة، بعد أن تمت لها السيطرة الكاملة على مفاصل المدينة عسكرياً ومدنياً وأمنياً، وباتت هي القوة الوحيدة المتحكمة بحياة عشرات آلاف المدنيين.

 

إرضاء التيارات المتشددة

يقول “عرابي عبد الحي عرابي”، الباحث في شؤون الجماعات الجهادية في “مركز جسور للدراسات”: «في أواسط عام 2019 قامت الهيئة بإيقاف مركز “سواعد الخير”، وذلك عقب خروج الأهالي بمظاهرات ضد الهيئة، بسبب قيام المركز بالتدخل يحياة الناس والتضييق على حرياتهم، وتزامنت تلك الاحتجاجات والمظاهرات مع الهجمة الشرسة، التي شنتها #القوات_النظامية وحلفاؤها. ومع مطلع شهر أيار/مايو الماضي قامت الهيئة بإعادة افتتاح المركز، لكن باسم جديد هو “مركز الفلاح”، لتستأنف بذلك نشاطاتها في تطويع الحياة الاجتماعية لمبادئها».

ويضيف “عرابي”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنه «لا توجد أسباب معروفة لتشكيل “مركز الفلاح”، لكن قد يكون هناك سببان مهمان، أولهما أن الهيئة تريد أرضاء عناصرها من التيارات الأكثر تشدداً، كي تضمن عدم انشقاقهم عنها؛ والسبب الثاني أن الهيئة مستفيدة من وجود هذا المركز، لكونه يخدم مصالحها، ويعمّق تغلغلها في المجتمع».

وأفادت مصادر خاصة، كانت تعمل سابقاً في “هيئة تحرير الشام”، لموقع «الحل نت»، أن «بعض الشخصيات داخل الهيئة تدفع لدعم العناصر الأكثر تشدداً في “مركز الفلاح”، ومن هذه الشخصيات “أبو مالك التلي”، والشرعيون المصريون، مثل “أبو الفتح الفرغلي” و”أبو اليقظان المصري”، إضافة إلى أن المركز يتلقى تمويلاً من قبل القيادي في الهيئة “أبو أحمد زربة”».

 

توازنات دقيقة

من جهته يقول الناشط الصحفي “مجد سليم”: «هنالك تيارات متشددة داخل الهيئة تعمل على فرض أجهزة الحسبة وممارساتها، مثل منع التدخين، وتنفيذ عمليات القصاص في الشوارع، ولكن تأثير تلك التيارات تراجع مع صعود نفوذ التيار الموالي لـ”أبي محمد الجولاني”، زعيم الهيئة، والذي يُعدّ أقلّ تشدداً، ويسعى للحد من عمل أجهزة الحسبة، كي يسوّق للهيئة دولياً على أنها تنظيم غير إرهابي».

ويضيف “سليم” في حديثه لموقع «الحل نت»: «إنشاء “مركز الفلاح” محاولة إرضاء للتيارات الأكثر تشدداً في الهيئة، واستمالة فصائل مثل #حراس_الدين و”أنصار التوحيد”، دون الاصطدام بشدة مع الأهالي والمجتمع الدولي، فقد تمّ تشكيل المركز بنظام أخف وطأة من نظام جهاز الحسبة السابق، الذي كان يعمل على اعتقال المدنيين بشكل فوري».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة