دفع انهيار قيمة #الليرة_السورية المتسارع والحاد، بأسعار المواد الغذائية نحو أرقام خيالية مقارنة بمدخول المواطنين، حيث باتت متطلبات الأسرة الأساسية اليومية تتراوح قيمتها ما بين 15– 20 ألف ليرة وهي قابلة للزيادة بأي ساعة.

في حين، بقي متوسط الرواتب عند 60 ألف ليرة سورية للقطاع العام، و150 ألف ليرة للقطاع الخاص، ما دفع بعض السوريين إلى عرض كُلْياتهم للبيع عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

كبد أو كلية عبر فيسبوك… وأغلبية “البائعين” ذكور

ولجأ بعض السوريين إما لمجموعات بيع وشراء الأدوات المستعملة على فيسبوك لعرض كُلْياتهم، أو عبر صفحاتهم الشخصية، ومنهم من تواصل مع تجار بيع وشراء الأعضاء البشرية على صفحات خاصة مثل إحدى الصفحات التي تحمل اسم “إعلانات بيع #الأعضاء_البشرية”، التي كان آخر تحديث لها في نيسان، حيث أبلغت متابعيها أن «العرض فاق الطلب».

ورغم توقف الصفحة منذ نيسان، إلا أن بعض السوريين دخلوا وعرضوا كلْياتهم للبيع ضمن التعليقات، إذ أن أحد عرض بيع يعود لأسبوعين، أي عند بدء تدهور قيمة الليرة السورية، وتراوحت أعمار العارضين بين 25 عام و47 عاماً، والعروض الأكثر من قبل الذكور.

وكتب شخص يدعى “جمال” يبلغ من العمر 34 سنةً، أنه يريد بيع كليته أو حتى كبده، مؤكداً أن صحته ممتازة، وهذا مؤشر إلى أن عمليات بيع الأعضاء ليست متوقفة على الكلى فقط.

الجدران لوحات لعرض وطلب الكلى

وفي جولة ضمن #دمشق، زادت ملصقات طلبات شراء #الكلى على الجدران في دمشق، وتحديداً عند جسر الرئيس وشارع #الثورة، مع وضع أرقام هواتف علنية للتواصل.

ورجح طبيب جراحة #الكلية “أنور زين”، اسم مستعار، في دمشق لموقع (الحل نت)، أن «أغلب عروض البيع تتم عبر هؤلاء التجار، الذين يضعون أرقام هواتفهم على الجدران لضمان سرية العملية وعدم الإشهار بالمتبرع، ولا تتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي».

وأضاف “عندما يتم إجراء عمليات زرع الكلية في المشافي الحكومية وهي محددة بأيام معينة في الأسبوع، لا نقوم بسؤال المتبرع إن كان هناك بينه وبين المتلقي اتفاق مادي، لكن يكون ذلك واضحاً عندما لا يكون هناك أي صلة قربى أو معرفة بين الطرفين”، مشيراً إلى أن “هناك إمكانية لإجراء عمليات انتزاع الكلية من المتبرع خارج المشافي ضمن عيادات قد لا تخضع للتعقيم، وهنا يكون المتبرع عرضة للخطر”.

وأردف «يأتي إلى عيادتي العشرات شهرياً يسألون عن تداعيات هكذا خطوة، وهناك من المرضى، الذين أعاينهم تبرعوا بكِلى فعلاً ويعانون من مضاعفات جسدية، إضافة إلى ندم نفسي»، موضحاً أن «أغلب المتبرعين يشعرون بعد عام أو أقل من التبرع بالندم الشديد، لأنهم ينفقون ثمن الكلية على ديون وما شابه ثم يبدؤون بالبحث عن مصادر جديدة، إضافة إلى التعب الجسدي، الذي يزداد غالباً مع العامل النفسي بمجرد التذكر أنه بكلية واحدة، إن طالها أي ضرر سيضطر إلى شراء واحدة بدلاً من التي باعها».

معاملة معقدة وسماسرة… وكورونا يفشل صفقات بيع

بدوره، أكد طبيب الجراحة البولية بريف دمشق “نزير راغب”، اسم مستعار، أن «عمليات زرع الكلى ضمن المشافي الخاصة ممنوعة كي لا تتم المتاجرة بها، ولها معاملة خاصة في المشافي الحكومية، فالمتبرع بحاجة تحليل أنسجة، وموافقة لجنة خاصة وقاضي شرعي»، مشيراً إلى أن «الأمر معقد وليس سهلاً كما يتوقع البعض وهناك رسوم يجب أن تدفع للدولة».

وتابع «أعتقد أن السماسرة والتجار، لديهم أساليبهم لتسهيل المعاملات أو حتى تزويرها باستغلال #الفساد المستشري في مفاصل الحكومة نتيجة الفقر، لكن المرجح الأكبر هو تهريب الكلى عبر الحدود، كما يتم تهريب القرنيات أو غيرها، أو يقوم هؤلاء بالاتفاق مع زبائن عرب لزرع الكلية ضمن سوريا، وهي مسموحة لكن دفع الرسوم يكون بالقطع الأجنبي، إلا أن هذه العمليات توقفت نتيجة إجراءات #كورونا».

رجح الطبيب راغب عدم قدرة البائعين على إتمام عمليات البيع نتيجة صعوبة تهريب الأعضاء البشرية، وتأمين متلقين من خارج سوريا خلال هذه الفترة ضمن إجراءات جائحة كورونا، بينما قد يتم البيع لمتلقي محلي وبسعر منخفض لا يلبي طموح المتبرعين، على حد قوله.

سعر الكلية 10 آلاف و70 ألف دولار

وبحسب صفحات مخصصة للتجارة بالأعضاء على فيسبوك، يتراوح سعر الكلية الواحدة بين 60 – 70 ألف #دولار خارج سوريا (نحو 175 مليون ليرة سورية) وهذا السعر منذ شباط الماضي، أي أنه ارتفع بالتأكيد، بينما يتراوح السعر داخل #سوريا، بين 10 آلاف و20 ألف دولار وفق سعر الصرف (30 – 60 مليون ليرة فقط) بحسب سعر #الصرف في السوق الموازي، أي 3000 ليرة لكل دولار.

آخر إحصاءات الإتجار بالأعضاء البشرية تعود إلى 2016

آخر حديث رسمي عن تجارة الأعضاء في سوريا، كانت عام 2016 عندما كشفت وزارة الداخلية، عن ضبط حالات تجارة بالكلى على الصعيد الداخلي والخارجي.

ومنذ بداية 2015 حتى نيسان 2016، تم توثيق أكثر من 18 ألف حالة إتجار بالأعضاء البشرية في سوريا بحسب رئيس قسم الطب الشرعي في جامعة دمشق حسين نوفل.

إذ أشار نوفل إلى أن عدد حالات الإتجار بالأشخاص، التي تم ضبطها في العام 2014، بلغت نحو ألف حالة، معظمها لشبكات تعمل خارج البلاد، وتتواصل مع سوريين في الداخل، لافتاً إلى أن نسبة الضحايا من النساء بلغت 60% من إجمالي الحالات، التي تم ضبطها.

وفي منتصف عام 2015 أعلن نقيب أطباء سوريا، فصل خمسة أطباء وإحالتهم إلى التأديب، لتورطهم في تجارة أعضاء البشر.

وجاء في الوثيقة رقم 4/ 3 لعام 2011 صادرة عن مجلس التأديب المركزي لنقابة أطباء سوريا أن «النقابة منعت طبيبين من مزاولة المهنة بشكل نهائي وأحالتهما إلى القضاء المختص، بعد أن أثبتت التحقيقات انضمامهما إلى شبكة عابرة للحدود، تنقل النساء الحوامل إلى لبنان للولادة، وهناك من ثم يتم بيع المواليد مقابل مبالغ مادية كبيرة، ليتم الإتجار بأعضائهم لاحقاً».

ويمنع #القانون السوري بيع الأعضاء البشرية، ويجرّم من يقوم بذلك بعقوبة السجن والأشغال الشاقة وغرامات مالية، لكنه يسمح بالتبرع بتلك الأعضاء بالمجان دون مقابل، وهذا ما يخفيه البائع والمشتري، إذ أن أغلب الإعلانات تكون حول الحاجة لمتبرعين أو الرغبة بالتبرع بينما تجري صفقة بين الطرفين على السعر.

ومع ازدياد #الفقر في سوريا بشكل سريع، تزداد عمليات الإتجار بالأعضاء بحسب أطباء، وتنتشر المئات من الملصقات المشبوهة، التي تطلب متبرعين علناً، منها تم وضعها أمام المؤسسات الحكومية أو في شوارع مزدحمة، أو في مناطق العشوائيات لاستهداف الفقراء، علماً أن تلك الملصقات ربما تكون طرف الخيط للوصول إلى المتاجرين بأعضاء السوريين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.