أطلق ما يقارب خمسمئة شابة وشاب تظاهرة أمام السراي الحكومي في مدينة #السويداء، في السابع من حزيران/يونيو، بعد الانهيار السريع لليرة السورية أمام الدولار، ما جعل كثيرين يظنون أن المظاهرة تهدف لإسقاط الحكومة، لكن مطالب المتظاهرين تجاوزت ذلك، فهتفوا بـ«إسقاط النظام السوري، ورئيسه “بشار الأسد”، وخروج #روسيا وإيران من سوريا».

وشهد اليوم الأول من المظاهرات حضور وفد من الضباط الروس إلى بناء المحافظة، وسماعهم الهتافات التي تندد بممارسات #حكومة_دمشق، وتطالب بالحريات السياسية والاجتماعية، تحت شعار «الموت ولا المذلة».

وبعد أن أدركت القوى الأمنية، التابعة للحكومة السورية، تأييد كثير من مواطني المحافظة للمتظاهرين، وعدم خوفهم من التهديدات الليلية التي وصلتهم، أو تأثّرهم بالإشاعات التي أُطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تتهم المتظاهرين، كالعادة، بالعمالة لإسرائيل، وتلقيهم الدعم المباشر من النائب اللبناني “وليد جنبلاط”، لجأت للخيار الثاني المتمثل بالاعتقال.

 

المواجهة الأولى بين المتظاهرين والأمن تنتهي باعتقال متظاهر

في اليوم الثالث للمظاهرات كانت تحركات قوات الأمن تشي بالكثير، فقد قامت سرية تابعة لقوات حفظ النظام بالاستنفار في أحد الشوارع القريبة من موقع المظاهرة، وقامت دوريات من #الأمن_العسكري بالوقوف عند زوايا الساحات، وحاول سائق دراجة نارية استفزاز المتظاهرين أكثر من مرة دون طائل. وبعد انتهاء المظاهرة، اعتقلت دورية أمنية المتظاهر السلمي “رائد الخطيب”، الذي كان له دور بارز في صياغة وترديد الشعارات. وهو ما يجعل المواجهات حتمية، وذات نتائج مثيرة للقلق، في حال استمر اعتقاله.

واعتبر المحامي “متروك صيموعة” أن «الاعتقال التعسفي، وحجز حرية نشطاء الرأي خارج نطاق القضاء، وفي غير الأماكن التابعة للرقابة القضاية، ينطوي على عدة مؤشرات: أولها أن الاعتقال غير القانوني وحجز الحرية لا تقوم به دولة مؤسسات، ولا يتم في ظل دولة تحترم قوانينها، ويحترم أصحاب القرار فيها القسم الدستوري. سمها ما شئت، لكنها ليست دولة؛ وثانيها: عندما تعتقل سلطة ما صاحب رأي، ولا تحيله لقضاء عادل، مشكّل وفق القانون، من خلال جلسات علنية بتهم محددة، فهذا يشير إلى أن هذه السلطة ليست شرعية، فالقانون هو الذي يمنحها الشرعية، وليس العكس. وثالث هذه المؤشرات: عندما تعتقل سلطة ما صاحب رأي، ويكون لديها ما تحرص على ستره وإخفائه عن الأعين، وتجنح لإسكات الأصوات وكمّ الأفواه، فهي خارج المشروعية الأخلاقية والوطنية»، حسب تعبيره.

 

هل توجد قيادة للحراك في السويداء؟

كان واضحاً لكل من تابع التظاهرات الثلاث أنه لا توجد قيادة فعلية للمتظاهرين، وهو ما يشكك بأية إشاعات عن وجود “أيد خارجية” تحرّك المتظاهرين، فغالبية المشاركين كانوا من الشباب العاطلين عن العمل، المطالبين بالحرية والعدل، و«إسقاط النظام الذي أوصل البلاد إلى حالة غير مسبوقة من الفقر  والاستبداد»، حسب الهتافات التي رددوها.

الشاب “معتصم العفلق” أكد أنه «شارك بتنظيم المظاهرة مع ثلاثين شاباً آخر، هدفهم عدم الانجرار للفوضى، أو افتعال المشاكل مع أية جهة». مضيفاً أن «الحراك سلمي، والشعارات التي تُطلق، تدعو للحرية والعدالة».

ويشير “العفلق” إلى «وجود قيادة شبابية تنظّم العمل والشعارات والأماكن والهتافات. والسلاح ممنوع بشكل قطعي ولا مبرر له، وسوف يحاسب كل من يحمل السلاح في الساحات»، وفق قوله.

فيما أكد الدكتور “مهيب صالحة” أنه «إذا بقي الحراك دون قيادة سياسية حصيفة، وبقت شعاراته كما هي، فإنه سينتهي قريباً كفقاعة صابون. قد يمكن تفهّم ذلك في البداية، فالحناجر غاضبة، لكن لا بد أن يتحرك العقل الغاضب ليلاقي البطون الجائعة»، حسب تعبيره.

 

آراء الشارع بين مؤيد ومعارض

تباينت الآراء بين أهالي محافظة السويداء في الخارج والداخل، بين مؤيد للحراك، وداعم له عبر نقل التظاهرات والصور، وبين رافض له باعتباره «يجرّ السويداء إلى الدم، والمطالب المشروعة هي تحسين الظروف المعيشية وليس تغيير النظام».

واعتبر الناشط “إبراهيم العاقل” أن «السويداء تنهض في وجه سلطة الفساد والاستبداد، تحت شعار “الموت ولا المذلة”، فالمحافظة تشعر بالغبن منذ خمسين عاماً، وترفض التمييز الحزبي والطائفي والعرقي، الذي عمل عليه النظام القمعي، منذ عهد الأسد الأب،  وأجهزته الأمنية المتوحشة، وإلى اليوم في عهد الابن الوارث، الذي اعتبر نفسه المالك للبلاد والعباد. الأسد الأب اعتبر نفسه معصوماً، فهو الخالد إلى الأبد، وعلى نهجه سار الوارث بمساعدة بطانة من المنافقين والمنتفعين والمخبرين والمصفقين والشبيحة، فقتلوا آمال السوريين في بناء دولة معاصرة تحقق العدالة والكرامة، واعتبروا الوطن مزرعة لهم، معتمدين على المخبرين والجواسيس والفاسدين. لكن الحناجر لا تموت، و”لا أبد” إلا الشعب، كما ردد المتظاهرون»، وفق قوله.

ورداً على عدم مشاركة المواطنين بالمظاهرة بشكل كبير، قال “العاقل”: «سخفاء من يظنون أن السويداء موالية لآل الأسد، بل هي في حالة نقمة دائمة، بسبب فسادهم واستبداهم؛ وسخيف من يظن ألا بديل لهذه السلطة الفاسدة، فسوريا ولّادة، وكل واحد من الذين خرجوا لتحدي الظلم، قائد عظيم»، حسب تعبيره.

الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت، ولا يمكن لأحد التكهن بما سيجري، لكن الجميع متفق أن القوى الأمنية تحاول جرّ المتظاهرين إلى مواجهات دامية كالعادة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.