على الرّغمِ من أنَّ العقوبات الأميركيّة والدوليّة لا تَستَهدِف على وجهِ التّحديد شمال شرقي سوريا الخاضعةِ لسيطرة #قوات_سوريا_الديمقراطيّة، إلا أن المنطقة تتأثّر من توقّف التّجارة عمليّاً، وكذلك بسبب الانهيار المُفاجئ لليرة السّوريّة مقابل الدولار.

ويقول مسؤولون من الإدارة الذاتية، إن منطقتهم «تدخل في أزمة اقتصادية، حيث ساعدت العقوبات الأميركية والدولية على #الحكومة_السورية في دمشق في دفع العملة السورية نحو الهاوية. فقد انخفضت قيمة الليرة السورية لتتجاوز الـ 3000 في مقابل الدولار الأميركي خلال عطلة نهاية الأسبوع، مع توقّع بدء حزمة جديدة من العقوبات الأميركية بموجب #قانون_قيصر في الأسبوع المقبل.

لا تستهدف العقوبات بشكلٍ مباشر الإدارة الذاتية، في منطقة شمال شرقي سوريا، والتي يبلغ عدد سكانها نحو 4 مليون نسمة، لكن #الولايات_المتحدة لم تدعمها، وهي التي لديها أكثر من 100 ألف موظف، لذا فإن جزءاً كبيراً من إيراداتها يأتي من بيع النفط والحبوب لحكومة الأسد.

وقد شكّلت الإدارة الذاتية هذه “خلية أزمة اقتصادية” استعداداً للتأثير الوشيك للعقوبات الأميركية الجديدة. وأعلنت بأنها «ستشتري القمح من المزارعين المحليين بالدولار، متجنبة الليرة السورية غير المستقرة».

حيث حددت سعر كيلو غرام القمح بـ 0.17 دولار. ويقول “فهد فاتح”، الذي يمتلك حقل قمح بالقرب من القامشلي: «إنه أفضل من السعر الذي تقدمه الحكومة السورية»، مشيراً إلى أن الوضع «كارثي» بشكل عام.

كما منعت الإدارة الذاتية، الأسبوع الماضي، بيع القمح خارج المناطق التي تسيطر عليها، متجاهلةً الحكومة المركزية السورية في دمشق، التي تعهدت باستعادة الشمال الشرقي بدلاً من تحمل الحكم الذاتي في المستقبل.

وقد أغلقت العديد من الأسواق هذا الأسبوع في عدد من المدن من #منبج إلى #القامشلي، في الوقت الذي بقي فيه التجار يترصدون انخفاض الليرة السورية أكثر فأكثر.

ويقول “محمد” العامل في مشاريع الاستقرار التي تموّلها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في شمال شرقي سوريا والذي رفض ذكر كنيته، مؤكداً: «إن ما نشهده في شمال شرقي سوريا كارثي بالفعل».

من جهتهم، يقول كبار المسؤولين في الإدارة الذاتية مثل  “بدران جيا كورد” و”إلهام أحمد” بأن السفير #ويليام_رويبوك، أحد كبار أعضاء فريق وزارة الخارجية الأميركية في سوريا، قد أكد خلال زيارته الأخيرة أن «إدارتهم ستكون معفاة من العقوبات القادمة. ولكن ماذا يعني ذلك؟ هذا غير واضح»، على حد وصفهم.

ويقول مسؤول رفيع في إدارة شمال شرقي سوريا، رفض الكشف عن اسمه، إنه حتى يوم الاثنين الماضي، «قدّم المسؤولون الأميركيون القليل من التفسير حول نوع التجارة التي ستبقى ممكنة بمجرد دخول “قانون قيصر” حيز التنفيذ».

وتعقيداً للصورة، رفضت وزارة الخارجية الأميركية تأكيد ضمانات “رويبوك” المزعومة. حيث أجاب المتحدث باسم وزارة الخارجية، الذي اتصلت به المونيتور عبر البريد الإلكتروني: «نحن لا نعلق على جوهر المحادثات الخاصة أو الدبلوماسية أو نعاين تسميات العقوبات المحتملة».

وعلى الرغم من أن الدبلوماسيين الأميركيين أشاروا إلى التساهل مع المسؤولين السوريين في شمال شرقي البلاد في تطبيق القيود، إلا أن العديد من رجال الأعمال الذين يُسهّلون التجارة بين الإدارة الذاتية ودمشق سيعاقبون، وفقاً لـ “دارين خليفة” مسؤولة قسم  سوريا في مجموعة الأزمات الدولية.

وتضيف “خليفة”: «ما لن تستطع الإدارة الذاتية تجنّبه هو الانخفاض السريع لقيمة الليرة السورية. كما أن هناك مصدر قلق آخر يتمثل في التطبيق التقديري لعقوبات “قانون قيصر”، وما إذا كان مسؤولو #واشنطن في المستقبل سيطبقونها باستمرار أم لا».

من جهته، يقول “عهد الهندي”، محلل سوري مقيم في واشنطن: «بالطبع إن العقوبات لا تستهدف الشمال الشرقي لسوريا، لكنها تستهدف الاقتصاد السوري والشمال الشرقي جزء من ذلك».

اليوم، المعبر الوحيد المفتوح الذي يربط شمال شرقي سوريا بالتجارة الخارجية يقع في #سيمالكا، وهو يؤدي إلى #إقليم_كردستان العراق. ولم تحرز جهود وزارة الخارجية الأميركية لإقناع #روسيا بفتح معبر حدودي جديد بين العراق وشمال شرق سوريا تقدّماً كبيراً حتى الآن، بينما تسيطر الحكومة السورية على المطار الوحيد في منطقة الحكم الذاتي.

ومع ذلك، لا يزال الوضع الاقتصادي في الشمال الشرقي أفضل مما هو عليه في المناطق الخاضعة لسيطرة #دمشق. فالإدارة الذاتية تدفع لموظفيها أكثر بكثير مما تدفعه الحكومة السورية لموظفيها في الشمال الشرقي، وتدرس هذه الإدارة حالياً مضاعفة الرواتب لمواكبة التضخم.

وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار بسرعة، لا تزال العديد من السلع اليومية في متناول اليد في الشمال الشرقي أكثر من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية. حيث يقول “محمد” إن أسطوانة غاز الطهي في مدن الساحل الغربي يمكن أن تكلف في بعض الأحيان ما يصل إلى 30 ألف ليرة، بينما يمكن أن تكلف المرء في الشمال الشرقي حوالي 3000 ليرة فقط.

لكن الاقتصادات متشابكة للغاية، ومعظم سلع السوق المباعة في الشمال الشرقي تأتي من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. كما أنه ليس هناك ما يشير إلى أن واشنطن تنوي تغيير مسار سياستها تجاه سوريا في الوقت القريب.

حيث يقول مسؤولو وزارة الخارجية الأميركية إنهم فسروا تحركات #بشار_الأسد لعزل رجل الأعمال #رامي_مخلوف بتفاؤل حذر من أن العقوبات قد تكون فعالة.

وقال #جيمس_جيفري، المبعوث الأميركي لسوريا، الشهر الماضي: «وصفتي هي نفسها». حيث كانت قد حشدت الولايات المتحدة حلفاءها حول العالم لعدم تقديم مساعدات لإعادة الإعمار للمناطق الخاضعة لسيطرة بشار الأسد، في محاولة لإجباره على تبني إصلاحات سياسية كبيرة بعد تسع سنوات من الحرب الأهلية الوحشية.

 

المصدر: (Al-Monitor)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.