محلات مغلقة وأخرى تمتنع عن #البيع أو تستجدي #الزبائن للشراء، هكذا حال معظم أسواق مدينة #دمشق، إذ تبرز معالم الركود #الاقتصادي المتفاقمة في #سوريا.

وخلال جولة لـ (الحل نت) وسط مدينة دمشق على أسواق (الكهرباء، #الحريقة، سوق الذهب، الصالحية، الشعلان، الحمرا)، لوحظ أن جميع محلات #الذهب مغلفة بالكامل، نحو 20 – 30% من محلات الحريقة وسوق الكهرباء والشعلان مغلقة.

وما بقي من محلات في تلك الأسواق يستجدي أصحابها الزبائن للشراء، وتجار آخرون يمتنعون عن البيع إلا بعض #البضائع.

قال صاحب محل أدوات كهربائية في سوق الكهرباء بالمرجة لموقع (الحل نت)، وفضل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، إن «أغلب المحلات أوقفت بيع نسبة كبيرة من بضائعها خوفاً من بيعها بسعر أقل بكثير من سعر الغد، وبالتالي وضع الربح فوق رأس المال لشراء بضاعة جديدة».

المواطن يبحث عن الأساسيات والأدوات الكهربائية باتت “كماليات”!

ولفت إلى أن «كلف #الاستيراد مرتفعة جداً، والإقدام عليه مخاطرة كبيرة وصعبة، ما جعل كثيرون يعزفون عن الاستيراد لتجنب الخسارة نتيجة تذبذب سعر #الصرف وضعف الإقبال الشديد».

وتابع «كل من بقي يفتح محله ويبيع يومياً نقصت بضاعته وتعرض لخسائر بعشرات الملايين خلال أسبوعين فقط وبات غير قادراً على ترميم النقص، فالبيع بهذا الأسلوب يعني تآكل رأس المال، فمنهم من أوقف بيع البضائع صعبة التأمين وذات السعر المتقلب بنسبة كبيرة، ومنهم من أغلق محله علماً أن هذا الخيار يسبب خسارة كبيرة أيضاً نتيجة تراكم #الفواتير والضرائب لكنه أقل ضرراً نوعاً ما».

وأضاف «بعض التجار الجدد أو قليلي الخبرة كانت خساراتهم كبيرة جداً، وباتوا غير قادرين على الاستمرار نهائياً خاصة وسط الركود الحالي الذي تعاني منه الأسواق في ظل تدني مستوى القدرة الشرائية لليرة إلى مستوى خطير، فقد باتت أولويات المواطنين هي الأكل والشرب فقط، وليس الأدوات #الكهربائية التي تعتبر كماليات، ما دفع بعض #التجار إلى عرض محلاتهم للاستثمار».

خالية من الزبائن والزوار… ساحة سوق الحريقة لا تشبه نفسها!

الحال في سوق “الحريقة” وسط دمشق هو ذاته، حيث قال “حسان” وهو صاحب محل ألبسة ولدى عائلته معمل ينتجها، إن «ساحة الحريقة منذ أسبوعين لا تشبه نفسها سابقاً، فهي أكثر المناطق عادةً اكتظاظاً بالحشود من تجار يتبضعون وزبائن عاديين وأشخاص يستمتعون بالجلوس في الساحة فقط، لكنها الآن فارغة».

وتابع «مجرد الخروج من المنزل يعني نفقات، والسوريون اليوم بغنى عنها، فما بالك عن #الألبسة التي باتت من الكماليات كما الاكسسوارات».

وأضاف «كنا نبيع عشرات القطع يومياً في الموسم الماضي إضافة إلى طلبات الجملة، أما اليوم فقد مر أسبوع دون بيع أي قطعة لأن سعرها لا يناسب أحد فأسعار البجامات مثلاً من 25 ألف ليرة حتى 45 ألف نتيجة تضخم الأسعار وارتفاع التكاليف».

شهرياً… السوق يتحرك 10 أيام فقط تبدأ في يوم استلام الراتب!

أكد أصحاب محلات في أسواق دمشق، أن بعض البضائع ومنها الغذائيات تفقد من السوق بين الحين والآخر، وإن توفرت فتكون بأسعار مرتفعة جداً أكثر من ارتفاع سعر الصرف.

لأن قلّة الطلب في السوق حتى على الغذائيات وأسلوب الشراء بالفرط، دفعت أصحاب المنشآت والمعامل إلى خفض حجم إنتاجها الموجه للسوق، وتضخ له بين الحين والآخر كميات معينة فقط كي لا تقع بالخسارة، وكذلك استغنت عن كثير من موظفيها، لتزيد من مشكلة التضخم وانحدار القدرة الشرائية، بحسب أصحاب محلات التقاهم (الحل نت).

وعلى ذلك، علّق الأكاديمي الاقتصادي “معتز نوري”، اسم مستعار، بقوله إن «ما تعاني منه سوريا اليوم هو تفاقم مشكلة الركود التي بدأ يلمسها سكان دمشق منذ عامين».

وأردف أن «الكساد وصل إلى ذروته في بعض القطاعات خلال الأعوام الماضية نتيجة عدم التصدير وضعف السوق المحلي وبخاصة في قطاع الألبسة، ما أودى بهذا القطاع اليوم إلى الهاوية، وجعل المعامل تستغني عن موظفيها وتحصر إنتاجها بكميات قليلة لتحاول بيعها بسعر مرتفع يغطي تكاليف الإنتاج مع هامش ربح».

وتابع «اليوم تعاني كل القطاعات من الركود، إذ وصل المواطن السوري إلى مرحلة خطيرة جداً، لأن راتبه لا يكفي يومان في الأسبوع، إذ تتحرك الأسواق بشكل محدود لشراء المواد الأساسية فقط ما بين 29 الشهر وحتى 10 من الشهر الذي يليه، وهي الفترة التي يتم خلالها تسليم الرواتب للموظفين».

كشفية الطبيب وصلت إلى 15 ألف ليرة ما عدا كلفة الفحص عبر الأجهزة

ولفت الأكاديمي الاقتصادي “معتز نوري” إلى أن «الركود لم يطل فقط القطاعات التجارية، وإنما القطاع الصحي، فقد استغنى السوريون عن زيارة الأطباء التي وصلت كشفيتهم إلى 15 ألف دون استخدام الدوبلر أو الإيكو، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأدوية».

وعن أسباب الركود، قال إن «السبب ليس ارتفاع سعر الصرف الأخير أو #قانون_قيصر فقط، وإنما تراكمات سابقة، جعلت السوريين يتخوفون من القادم، فحتى من يملك المال بات متخوفاً من الأيام القادمة وقام بضبط انفاقه إلى أدنى الحدود، وبات يبحث عن البدائل الرخيصة ولو بجودة متدنية سواء للغذاء أو غيره».

منذ 2011… أغلقت المحلات التجارية 3 مرات

وتعتبر هذه المرة الثالثة التي تغلق بها الأسواق في سوريا خلال سنوات #الحرب، ففي 2011 أغلقت الأسواق فيما يعرف بـ “إضراب الكرامة” الذي طبق على 6 مراحل وشمل مختلف القطاعات.

وفي 2020 بدأت الإغلاقات بقرارات حكومية في آذار ولمدة شهرين تقريباً تلافياً لأي انتشار لفيروس #كورونا، وبعد إعادة فتح المنشآت كافة بدأ الركود يضرب البلاد بقوة ليحرم القطاعات التي كانت متوقفة من تحقيق أي أرباح تعيد بها عافيتها.

لتعيد أغلبها في المرة الثالثة التي نعيشها حالياً، إغلاق أبوابها أمام #الزبائن خوفاً من خسائر أكبر برأس المال نتيجة تذبذب سعر الصرف وتوقف الاستيراد وتدني القدرة الشرائية.

واستخدم التجار سابقاً أسلوب إغلاق الأسواق للضغط على السلطات السورية لتحقيق غايات معينة أو احتجاجاً على معاملة سيئة، كما في إضراب تجار دمشق وحلب عام 1964 إثر قيام السلطات حينها باقتحام جامع السلطان بحماة بعد قصفه وتهديم مئذنته التاريخية، وقتل واعتقال المعتصمين فيه.

وفي عام 1965 أضرب تجار دمشق وحلب مرة أخرى بعد تجريدهم من ثروتهم ومحاصرتهم اقتصادياً وتخوينهم وطيناً، ووصفهم بأنهم جزء من الطبقة الرجعية وأعوان للاستعمار.

ولعل أشهر إضراب في تاريخ سوريا الحديث، الذي حصل في عام 1936، وسمي بالإضراب الستيني لأنه استمر 60 يوماً، احتجاجاً على الاحتلال #الفرنسي، ونجح #الإضراب بتحقيق عدد من مطالب السوريين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.