أزمة الخدمة الإلزامية في درعا: الحكومة السورية تتراجع عن تعهداتها في “اتفاق التسوية”

أزمة الخدمة الإلزامية في درعا: الحكومة السورية تتراجع عن تعهداتها في “اتفاق التسوية”

لم تعرف محافظة #درعا الاستقرار بعد سيطرة #الحكومة_السورية عليها، فالأجهزة الأمنية لم تلتزم بالاتفاقيات التي عقدتها الحكومة بإشراف #روسيا، في حين تشهد المنطقة زيادة في أعداد الفارين من الخدمة العسكرية، نحو مناطق بعيدة عن سيطرة #القوات_النظامية، وانخراط كثيرين في تشكيلات مسلحة غير رسمية. ولعل ملف المتخلّفين عن الخدمة الإلزامية، من أكثر القضايا التي تسبب عدم الاستقرار في المحافظة.

في أعقاب حزيران/يونيو 2018، باشر عدة شباب من درعا بأداء الخدمة الإلزامية، بعد ابرامهم لاتفاق التسوية مع القوات النظامية، واستلامهم لبطاقة التسوية الصادرة من مكتب “الأمن الوطني”، وذلك بعد رفضهم الانخراط ضمن كيانات غير رسمية، مثل #الفيلق_الخامس والميليشيات الشيعية. إلا أنهم صدموا بأن الجهات التابعة للحكومة السورية لا تحترم تلك التسوية.

 

عقوبات تنقض التسوية

يقول “أمين محمد”، من سكان مدينة درعا، لموقع «الحل نت» أنه «أجرى اتفاق التسوية عقب سيطرة القوات النظامية على محافظة درعا، في المكتب الذي خصصته الحكومة السورية لذلك في المدينة. ونصّت التسوية على إعطاء مهلة ستة شهور للمطلوبين للخدمة العسكرية الإلزامية، مع وقف عمليات الاعتقال من قبل الأجهزة الأمنية، وإلغاء الاستدعاء للخدمة الاحتياطية».

وأشار “محمد”، الذي التحق بالخدمة الإلزامية في كتيبة الصواريخ بريف دمشق، أنه «بعد إكماله الأشهر الستة، وهي المهلة التي منحتها له الحكومة السورية للالتحاق بالخدمة العسكرية، بدأ تأدية الخدمة في الشهر الأول من عام 2019، وبذلك كان يجب أن ينهيها في شهر حزيران/يونيو 2020، ولكن ذلك لم يحدث».

وأوضح “محمد” أنه «عند شروعه، وزملائه من المحافظة نفسها، بتقديم أوراق التسريح من الخدمة، تفاجأ بوجود عقوبات مفروضة عليهم، من قبل قيادة الجيش، لمدة ستة شهور إضافية، نتيجة تخلّفهم عن أداء الخدمة لمدة ست سنوات، وهذا مخالف  لما تمّ الاتفاق عليه، أثناء توقيعهم لاتفاق التسوية، الذي ينصّ على إلغاء كافة العقوبات بحق الأشخاص الموقعين على بنود التسوية».

 

الجامعات لا تعترف باتفاق التسوية

“تميم المسالمة”، طالب في كلية الحقوق بجامعة حلب، يقول لموقع «الحل نت» إنه «انقطع عن دراسته في السنة الجامعية الأولى، وبعد ابرامه لاتفاق التسوية، ذهب إلى الجامعة لاستئناف دراسته، لأن التسوية شملت الطلاب المنقطعين عن دراستهم، في المناطق التي كانت خارج سيطرت القوات الحكومية».

وأضاف “المسالمة” أن «الجامعة رفضت إعادته لاستكمال التعليم، بحجة عدم حصوله على بطاقة تأجيل الخدمة الإلزامية، وأن الجامعة لا تعترف ببطاقة التسوية الممنوحة له من قبل مكتب “الأمن الوطني”، وهو ما دفعه للبقاء في درعا، خوفاً من اعتقاله على الحواجز، لصدور مذكرة بحث بحقه، بعد انقضاء مدة بطاقة التسوية التي يحملها».

ونوّه “المسالمة” إلى أن «”الأمن الوطني” أوعز لـ “لجنة المفاوضات” في مدينة درعا بموافقته على تجديد التسوية حتى الرابع والعشرين من حزيران/يونيو 2019، وأعلنت الحكومة السورية، عبر مكبرات الصوت في المساجد، عن منح الطلاب المنقطعين عن الدراسة تأجيلاً إدارياً عن الخدمة العسكرية، يتم بعده منح الطلاب الناجحين تأجيلاً دراسياً، ولكن إدارة الجامعة رفضت التعليق على الموضوع، وفضّلت التمسك بقرارها».

وأفاد “المسالمة” لموقع «الحل نت» أن «القوات الحكومية أنشأت حواجز في منطقتي “الضاحية” و”سجنة” في مدينة درعا، وبدأت بإيقاف الذكور المارين على الحواجز، الذين تتراوح أعمارهم بين عشرين وأربعين عاماً، ومصادرة أوراقهم الثبوتية، واجبارهم على توقيع تعهّد بمراجعة شعب التجنيد، خلال مدة أقصاها سبعة أيام».

 

مراسيم العفو لا تشمل مناطق الجنوب

وذكر “محمد” أن «العفو العام، الصادر من الرئيس السوري “بشار الأسد”، في أيلول/سبتمبر 2015، والمتضمن الصفح عن المطلوبين للخدمة العسكرية، لم يطبّق على الخاضعين لاتفاق التسوية، وأن إدارة التجنيد في #دمشق رفضت شملهم بالعفو، مبررةً ذلك بأن تأييدهم للثورة نتج عنها جرائم شخصية، لم تسقط عنهم».

وأكد عضو بلجنة المصالحة في مدينة درعا (رفض الكشف عن اسمه لأسباب شخصية)، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «جميع مراسيم العفو، الصادرة عن الرئيس السوري، لم تطبّق على القاطنين في مناطق الجنوب، التي كانت خارج سيطرة القوات النظامية، وأن أغلب الموظفين، الذين انقطعوا عن وظائفهم، صدرت بحقهم أوراق تسريح، بعد توقيع اتفاق التسوية».

وأشار عضو اللجنة إلى أن «الحكومة السورية تسعى لرفد قواتها بأكبر عدد من الشباب، وعدم تسريحهم، سواء من الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية، كي تتمكن من  تسريح جنود سابقين، أنهكوا بحروب القوات النظامية، خلال السنوات الثماني الماضية. وهو ما أعلن عنه بشكل واضح المقدم “نوار بشير إبراهيم”، القاضي العسكري، في التلفزيون الرسمي».

وكان وزير الدفاع السوري أصدر تعميماً في تشرين الأول/أكتوبر، تضمّن إلغاء الأسماء المطلوبة للاحتياط كافةً، استناداً إلى “مرسوم العفو” رقم 18، والقاضي بمنح عفو عام لـ«مرتكبي جرائم الفرار الداخلي والخارجي، المنصوص عليها في قانون العقوبات العسكرية، والمرتكبة قبل تاريخ 2018/10/9».

 

الحلول لا تبشر بالخير

نصّ اتفاق التسوية في الجنوب على تسليم المعابر الحدودية، والسلاح الثقيل والمتوسط، ودخول مؤسسات الدولة إلى المناطق التي كانت خارج سيطرتها، وعودة الموظفين إلى أعمالهم، إضافة إلى تسوية أوضاع المسلحين والطلاب والمطلوبين للخدمة العسكرية، والافراج عن المعتقلين.

وأفاد عضو لجنة المفاوضات، سابق الذكر، لموقع «الحل نت» أن «معظم بنود الاتفاق لم تُنفذ، لخرقها من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة السورية، وبالأخص قضية خروج المعتقلين، وأيضا تسوية أوضاع المنشقين والمطلوبين للخدمة العسكرية، وإيقاف الملاحقات والبلاغات الأمنية بحقهم، وعودة الموظفين إلى عملهم».

وأعرب “محمد” و”المسالمة” عن نيتهما «الهروب نحو مناطق الشمال، التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة للحكومة السورية» مبررين ذلك بأنهما «خدعا من قبل الحكومة السورية ولجنة التفاوض، بعد ابرامهما لاتفاق التسوية، وأنهما يبحثان منذ مدة عن طريق مضمون، عبر سماسرة محليين متعاونين مع حواجز القوات النظامية».

في حين يرى “محمد الشرع”، عضو ” مكتب توثيق الشهداء في درعا”، أن «محاولات الهروب نحو الشمال خطيرة جداً، والقوات الحكومية لن تتساهل معها، وخاصة بحق من خضعوا لاتفاق التسوية، وانخرطوا في الخدمة الإلزامية».

وأضاف “الشرع”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «القوات النظامية ألقت القبض على أكثر من ثلاثين مدنياً ومقاتلاً وناشطاً من المطلوبين للخدمة، أثناء محاولتهم الوصول إلى محافظة #إدلب، كما أن حاجزاً في محافظة #حمص، أعدم أحدهم ميدانياً، بعد إلقاء القبض عليه. في حين تصل كلفة تهريب الشخص الواحد إلى ألفين دولار، ويشرف ضباط في القوات النظامية على عمليات التهريب. ورغم نجاح البعض في الوصول إلى إدلب، إلا أن المخاطر شديدة جداً».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.