“الدكة العشائرية”: سلاح العشائر في البصرة يتحدى القانون ويفرض سطوته على المدنيين

“الدكة العشائرية”: سلاح العشائر في البصرة يتحدى القانون ويفرض سطوته على المدنيين

الانفلات غير مسبوق للسلاح، الذي تستحوذ عليه عشائر محافظة #البصرة، الواقعة جنوبي العراق، جعل مشاهد القتل والدمار والتنكيل أمراً طبيعياً في يوميات أبناء المحافظة، إذ صار من الطبيعي أن تُستخدم تلك الأسلحة في المعارك العشائرية، التي قد تستمر لأيام، وسط غياب تام للحكومة العراقية وأجهزتها الأمنية.

 

نزوح قسري

لم يكن يسيراً على عائلة المهندس “فلاح الراضي” البقاء في البصرة، بعد أن حوّلتها النزاعات العشائرية إلى ما يشبه ساحة حرب. وأمام هذا الواقع الأمني المتردي لم يبق أمام العائلة، التي أقامت في المدينة لأكثر من خمسة وعشرين عاماً، خيارٌ سوى «تركها والعيش في مكان آخر، خوفاً من رصاصة طائشة قد تنهي حياة أحدنا»، كما يقول “الراضي”، في حديثه لموقع «الحل نت».

حال المهندس وعائلته لا يختلف عن حال بقية العوائل المتأثرة بالنزاعات العشائرية، التي يذهب ضحيتها عدد من الأبرياء. وفي الوقت الذي يصف فيه البصريون ما يجري في مدينتهم بـ«غياب الدولة والقانون»، يرفض “الراضي” دفع ما يسميها «فاتورة انهيار الدولة وعجز القوى الأمنية عن وضع حد لتلك الممارسات».

نزوح العوائل البصرية، بسبب النزاعات، يؤكده “مهدي التميمي”، مدير مكتب “مفوضية حقوق الإنسان” في البصرة، الذي يكشف عن انتقال عدد غير قليل من العوائل إلى خارج المدينة، مضيفاً أن «النزاعات العشائرية أصبحت لا تطاق، ومن يراها لا يعتقد بوجود دولة في البصرة».

 

سلاح منفلت

وفقاً للفريق الركن “رشيد فليح”، قائد شرطة محافظة البصرة، فإن «السلاح الذي بحوزة العشائر، يضاهي ترسانة فرقتين عسكريتين، وهو ما يجعل رجال الأمن عاجزين عن مواجهته».

قائد شرطة المحافظة أكد في تصريحات صحفية أن «انتشار السلاح في البصرة، بهذه الشاكلة، تمّ بعدما استحوذت العشائر على أسلحة الجيش السابق، بعد انسحابه من #الكويت، في تسعينيات القرن الماضي، وما تلا ذلك من انتعاش تجارة السلاح في البصرة».

ما تشهده البصرة من انهيار أمني يمثّل «تلاعباً خطيراً في ورقة أمنها الداخلي»، حسب وصف “عدنان الدنبوس”، النائب المستقيل عن “القائمة العراقية”، الذي حمّل الأجهزة الأمنية المسؤولية الكاملة في حفظ الأمن.

ويسخر النائب “الدنبوس”، في حديثه مع موقع «الحل نت»، مما يجري في البصرة، قائلاً إنه «يشكّل اهانة للنظام الديمقراطي برمته».

 

جناح مسلّح للأحزاب

عجز القوات الأمنية عن ملاحقة العشائر، التي تخرق الأمن في المحافظة، يؤكده مصدر أمني لموقع «الحل نت»، فضّل عدم الكشف عن هويته لحساسية الموضوع، موضحاً أن «القوات الأمنية تعجز عن مواجهة العشائر، ومصادرة أسلحتها، بسبب تدخلات الأحزاب السياسية، التي تعتبر العشائر جناحاً مسلحا لها»، مضيفاً أن كثيراً من ضباط الشرطة «يمتنعون عن حماية المواطنين من سلاح العشائر، خوفاً من ملاحقتهم عشائرياً، والاعتداء عليهم».

المصدر الأمني يوضّح بأن بعض العشائر «لديها امتدادات كبيرة في سلطة القرار بالعاصمة #بغداد، وتستطيع إلحاق الأذى بأي شخص يقف في طريقها، بغض النظر عن منصبه الحكومي». معتبراً أن تحدّر أغلب العناصر الأمنية من العشائر التي تتحدى القانون ذاتها «يُسهم بتسريب أي معلومة عن تحرك أمني قد يستهدف العشائر».

 

“الدكة العشائرية” عمل ارهابي

على الرغم من قرار مجلس القضاء الأعلى في العراق، الذي اعتبر، في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، الدكات العشائرية (إطلاق النار العشوائي على منزل الخصم) من الجرائم الإرهابية، التي يعاقب عليها القانون، وفقاً لأحكام “قانون الارهاب” في #الدستور_العراقي، إلا أن المعارك العشائرية لاتزال مستمرة، و«دماء الضحايا تنزف»، بحسب ما يقوله الشيخ “محمد الزيداوي”، رئيس “لجنة حلّ النزاعات العشائرية” في البصرة، الذي يؤكد أن العشائر «لا تعي خطورة المرحلة، وتضرب بالقانون عرض الحائط».

ووفقاً لما يقوله “الزيداوي”، في حديثه لموقع «الحل نت»، فإن «ثلاثة عشر شخصاً لقوا حتفهم، وجرح ثمانية وثلاثون آخرون، ووقع أكثر من أربعين نزاعاً عشائرياً، منذ قرار القضاء بتجريم “الدكة العشائرية”»، مضيفاً أن المتهمين «ما أن يُعتقلوا حتى يُفرج عنهم سريعاً».

وكان منزل مدير شرطة “الصادق”، شمالي البصرة، قد تعرّض، في الخامس عشر من الشهر الجاري، إلى هجوم بالأسلحة الخفيفة والثقيلة، على خلفية مقتل ثلاثة من أبناء العشائر، الذين تورطوا بخطف أحد المستثمرين، بعد اشتباكهم مع رجال الشرطة في المدينة. ويطالب المهاجمون عشيرة الضابط بتسليمه لهم أو إعلان البراءة منه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.