سَيزيدُ #قانون_قيصر الجديد من تعقيدِ الأداء المالي للمُنظّمات غير الحكوميّة التي تساعدُ السوريين، فبرسالةٍ  مُسجّلة أو حتى برسالةٍ عادية من البنك تشير إلى إغلاق الحساب البنكي، أو برسالةٍ نصيّة قصيرة على الهاتف  تشير إلى رفض عملية التحويل.

يعاني مسؤولو جميع المنظمات غير الحكومية العاملة في #سوريا، أو تلك التي تتعامل مع السوريين، من خيبات الأمل في هذه السنوات الأخيرة. “ضحايا الظل” للعقوبات المفروضة على #الحكومة_السورية أو الضوابط المالية بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، تجد هذه الجمعيات والمنظمات التي تساعد السكان المدنيين السوريين أنفسها ممنوعةً من القيام بأعمالها.

دخولُ “قانون قيصر” حيّز التنفيذ منذ عشرة أيام تقريباً، والذي ينص على عقوبات أميركية جديدة، بما في ذلك العقوبات غير المباشرة ضد الشركات أو الأشخاص الذين يتعاونون مع دمشق، سيفاقم القيود على المنظمات العاملة في المجال الإنساني.

وفي مواجهة هذا الوضع، قًدّم تقريرٌ يوم الخميس في #بروكسل، عشية المؤتمر السنوي الذي ينظمه الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل حول دعم سوريا. وأُعدّ هذا التقرير من قبل منظمة Impact بالتعاون مع We Exist، وهي مجموعة من المنظمات غير الحكومية السورية، بهدف تسليط الضوء على “العقوبات غير المرئية” الناتجة عن “التطبيق المفرط” من قبل المؤسسات المالية للقيود على تحويل الأموال، مما يحدّ من العمل الإنساني في سوريا.

ويقول “جوزيف ضاهر” المعد الرئيسي لتقرير منظمة Impact، بهذا الخصوص: «شعرت بالقلق المتزايد لدى جميع الجهات الفاعلة الإنسانية في سوريا». حيث كان هذا الأكاديمي السوري السويسري قد أجرى مقابلات مع حوالي خمسين ممثلاً سورياً ودولياً يعملون في مساعدة السكان في سوريا والدول المجاورة. ويتابع “ضاهر” قائلاً: «إن قانون قيصر يضيف ضغطاً إضافياً على وضعٍ معقّد بالأصل بسبب عدة عوامل، بما في ذلك الأزمة المالية اللبنانية والأزمة الصحية».

فجمعية “ألوان”، وهي جمعية فرنسية سورية صغيرة مقرها مدينة #ليون، لم تواجه أية صعوبات معينة حتى وقت قريب. لكن وفي شهر شباط الماضي، أُبلِغت هذه المنظمة غير الحكومية، التي تدعم الأطفال السوريين النازحين عن طريق إرسال مواد تعليمية أو مساعدتهم بدورات تجديدية، بالإغلاق النهائي لحسابهم الذي تم فتحه في عام 2012 في البنك البريدي الفرنسي. حيث يقول “فابيان اوستراتياديس” الأمين العام لجمعية ألوان: «تلقينا رسالة مسجلة بشيك رصيد الحساب دون أي تفسير لأسباب الإغلاق».

أولى مظاهر القلق كانت قد بدأت لدى هذه الجمعية عندما طلب، في شهر تشرين الثاني الماضي، مدير حساباتها مستندات داعمة حول عمليتي سحب نقديتين بقيمة 3000 و 4000 يورو.

ويقول “اوستراتياديس”: «قدمنا ​​على الفور فواتير الشراء والإيصالات اللازمة، واعتقدنا أننا بأمان الآن». ولتجنب رفض التحويلات وغيرها من التعقيدات المالية، كانت الجمعية تعهدت بالمبالغ الصغيرة المخصصة للمستفيدين منها لبعض المسافرين إلى البلدان المتاخمة لسوريا ليقوموا بإيصالها.

تمييزٌ غير مبرّر

بالنسبة للبنوك وسلطات الجمارك، «لا يتم الأخذ بالحسبان لا سبب ولا مبلغ التحويلات، فبمجرد ظهور كلمة “سوريا”، يتم تجميد كل شيء. وبالرغم كل النوايا الحسنة، فإن خوف البنوك من الوقوع تحت العقوبات الدولية يبقى هو الأقوى»، يؤكد السيد “ضاهر”.

من جهتها، ترى مسؤولة إحدى المنظمات غير الحكومية المسجلة في #فرنسا، والتي فضّلت عدم الكشف عن هويتها كي لا تلفت انتباه البنك الذي يدير حساب منظمتها حالياً، «أن هذا ليس بجديد».

وتضيف قائلةً: «منذ عام 2015، أُغلِق حساب منظمتنا من قبل ثلاث مؤسسات مصرفية في ثلاث سنوات. وفي كل مرة، يتم إخبارنا بإغلاق حسابنا بين عشية وضحاها، دون سابق إنذار أو تفسير ودون إعطائنا الوقت لإيجاد حل بديل».

وبعد أن تعرضت لحادثة مماثلة مع منصة Hello Asso على الإنترنت والمكرسة للتمويل الجماعي، اتخذت المنظمة غير الحكومية Tous pour la Syria “الكل من أجل سوريا”، ومقرها في مدينة #رين الفرنسية، إجراءات قانونية في عام 2017 عندما أُغلِق حسابها بدون سبب.

وفي شهر آذار الماضي، أقرّت محكمة مقاطعة “رين” «بالتمييز غير المبرر للمؤسسات المالية تجاه الجمعيات الإنسانية». ويرى “رونان لوكاس” رئيس الجمعية المذكورة، إن أثر قرار المحكمة هو معنوي وقانوني، لكنه «لم يغير أي شيء في سلوك البنوك». ويتابع قائلاً: «إن المشكلة في هذه الحوادث هي أنها تثير الشكوك بين المانحين ونجد أنفسنا مشتبه بنا تلقائياً. وهذا أمر مزعج للغاية».

وعندما لا تعترض البنوك والمؤسسات المصرفية، فإنه يمكن للآخرين عرقلة المساعدات الإنسانية خوفاً من العقوبات الدولية، ففي العام الماضي، أرسلت جمعية Tous pour le Syria كميات من حليب الأطفال والتي كانت مخصصة لشمال سوريا، وكان يجب أن تمر عبر #تركيا، حيث صودرت.

ويقول “لوكاس”: «صادرت شركة النقل البضاعة فور وصولها، الأمر الذي تطلب إثبات أصل الأموال ووجهتها. نحن نفكر في تغيير الاسم أو الاندماج في منظمة غير حكومية للاجئين أكثر عالمية هرباً من هذه المتاعب».

آلياتٌ واضحة والامتثالُ لقوانين مكافحة الإرهاب

ويشير “ضاهر” إلى أن «الحكومات تقول إنها تريد تسهيل المساعدات الإنسانية، لكنها تزيد من القيود، بالإضافة إلى قوانين مكافحة الإرهاب». في تقريره المقدم في بروكسل، يقدم الأكاديمي توصيات إلى #الاتحاد_الأوروبي، المانح الرئيسي لمساعدة سوريا والبنوك والمنظمات غير الحكومية.

والهدف من ذلك هو إيجاد اتفاق من خلال آليات واضحة تسمح بعمليات النقل الإنساني مع احترام قوانين مكافحة الإرهاب، حيث يمكن أن يتم تجاوز ذلك من خلال إنشاء مؤسسة مالية متخصصة في المساعدات الإنسانية.

يقول “ضاهر”: «الهدف الرئيسي هو إبعاد البنوك عن الممارسات التمييزية أو عدم الاكتراث حتى لا تتعرض للعقوبات، عن طريق إغلاق حسابات العملاء الذين تجد فيهم خطراً».

 

المصدر: (Libération.fr)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.