أقنعةٌ واقية مُهرّبة إلى “بيونغ يانغ”.. والمُستفيدون ضباطٌ موالون لـ “كيم” 

أقنعةٌ واقية مُهرّبة إلى “بيونغ يانغ”.. والمُستفيدون ضباطٌ موالون لـ “كيم” 

حتى في طرق الوقاية من الأمراض والأوبئة، ثمّة فوارقٌ طبقية بين أفراد الشعب في كوريا الشمالية المرتبط اسمها باسم زعيمها “كيم جونغ أون” الذي لايزال مُصرّاً على خلوّ بلاده من الإصابات بجائحة كورونا مع تخطّي عدد المصابين حاجز /10/ ملايين مصاب في جميع أنحاء العالم.

إن مات الكوري الشمالي بوباء كورونا، أو قُتِل بقذيفة مدفعية كما حدث لوزير الدفاع الكوري بأمرٍ من الزعيم الشاب، فإن كلتا الطريقتين نتيجتها واحدة وإن اختلفت وسائل الميتتين، بالنهاية ستكون التهمة إما الخيانة أو الشك في الولاء للثورة والتحريض ضد الحزب الحاكم.

في آخر صورةٍ ظهر فيها زعيم كوريا الشمالية وهو يتوسّط ضباطاً يرتدون لباساً عسكرياً  كاملاً ويضعون أقنعةً واقية، يتضح المشهد من زاويةٍ قد تكشف مزيداً من الأسرار التي تُخبئها “بيونغ يانغ”.

ومع رفضه لجميع المساعدات الأممية المقدَّمة بهدف منع انتشار جائحة كورونا في البلاد أو علاج المصابين، يبدو أن “جونغ أون” يحمي من يريد ممن يعتبرهم موثوقين بهم ومن البِطانة الوفية له.

ففي تقريرٍ لصحيفة (ديلي إن كي) الكوريّة الجنوبية، يكشف أن «شركةً تجارية تابعة لوزارة القوات المسلحة الشعبية، الوكالة اللوجستية الرئيسية للجيش الكوري الشمالي، هرّبت كميات كبيرة من الأقنعة الواقية المنتجة في كوريا الجنوبية، كانت مخصصة للوحدات العسكرية بالقرب من العاصمة “بيونغ يانغ”، بعد إزالة ملصقاتها، لتبدو وكأنها مُصنّعة في كوريا الشمالية».

حيث حُشِدَ نحو «40 جندياً في قاعدةٍ عسكرية، للقيام بإعادة تغليف الأقنعة، دون معرفة عددها والتي تم تهريبها إلى كوريا الشمالية، لتوزيعها على قواعد عسكرية ومستشفيات تديرها القوات العسكرية بالقرب من “بيونغ يانغ”».

ويبدو أن الجيش قام بعملية التهريب تلك، كجزءٍ من الجهود المبذولة لضمان حماية الجنود من تفشي فايروس كورونا، الذي لا يزال ينتشر في الصين الجارة القريبة، وباقي دول العالم.

وتقول الصحيفة المهتمّة بشؤون كوريا الشمالية: «أرسلت شركة Kimbongsokyong Trading طلباً في شهر شباط فبراير الماضي، إلى التجار الصينيين بشأن الأقنعة التي تنتجها كوريا الجنوبية من خلال مكتب الجمارك في سينويجو».

مؤكّدةً، أن «التجار الصينيين، زوّدوا الشركة بأقنعة KF94 المضادة للغبار التي تنتجها LG، وبالنظر إلى أن التجارة والتهريب قد تم تعليقهما بالكامل بين كوريا الشمالية والصين، فإن حقيقة أن الصفقة تمت من خلال مكتب جمركي في سينويجو أمر لافت للنظر».

ويبدو أن طلب السلطات الكورية الشمالية منتجات كوريّة جنوبيّة، جاء «لأن الجيش كان يحاول الحصول على منتجات ذي نوعية جيدة، على عكس المنتجات الكوريّة الشمالية أو الصينية الصنع» بحسب الصحيفة.

تلك الخطوة، قد تعيد للأذهان ما فعله “جونغ أون” بعد أن أمر بتنفيذ إعدامات ميدانية لكبار الضباط لديه مع بداية اعتلاء كرسي الزعامة في كوريا الشمالية2011، لأسبابٍ غير مقنعة، بينما الحقيقة كانت بسبب الشكوك التي تحوم حول الضحايا بتهمة عدم الولاء والتحريض ضد «الاشتراكية».

ومع حرمان الشعب الكوري الشمالي من المساعدات الطبية التي سبق وعرضتها الولايات المتحدة الأميركية ومنظمات الأمم المتحدة، يبدو أن الشعب برمّته باتت تنطبق عليه التّهم التي أُعدِمَ بسببها زوج عمّة “جونغ أون” ووزير دفاعه ووزير التعليم وآخرون.

وبذلك، قد تكون صفقة الأقنعة الواقية مخصّصة للجنود والضباط الأكثر  ولاءً للزعيم الكوري، ولا حصّة لباقي أفراد الجيش من الدرجة المنخفضة للوفاء والولاء، ولا حتى للشعب.

وهو ما تؤكّده الأخبار التي تداولتها صحيفة (ديلي إن كي) المهتمة بالشأن الكوري الشمالي، بعدما أكّدت وفاة /180/ جندياً كورياً مع بداية ظهور الفايروس في الصين كانون الثاني 2020، ووضع /3700/ جندي في الحجر الصحي.

في حين أكدت وكالة (يونهاب) الإخبارية في كوريا الجنوبية، في الفترة ذاتها، أن “بيونغ يانغ” فرضت حظراً على /10/ آلاف شخص في كوريا الشمالية.

وتشهد المستشفيات في بلاد “كيم جونغ أون” نقصاً حتى في الصابون والمعقّمات والأمصال، وبعضها لا تملك زجاجاً في نوافذها، وبذلك «تغدو المرافق الصحية أمكنةً ليست جيدة للذهاب إليها في حال الإصابة بالوباء» بحسب موقع “آسيا تايمس” نقلاً عن أحد الكوريين الهاربين إلى الجنوب.

كل ذلك، قد تكون إشارةً واضحة عن سبب وجود كوريا الشماليّة في المرتبة 193 من أصل 195 دولة، على لائحة مؤشّر الأمن الصحي العالمي الذي أصدرته جامعة (جون هوبكينز) الأميركيّة لعام 2019.

ومع استمرار “بيونغ يانغ” بعدم الكشف عن الإصابات، فإن مصير البلاد قد يكون في خطر، في ظلّ قدرات الرعاية الصحية العامة غير الكافية أصلاً، مع احتمال عدم نجاعة الإجراءات القاسية للحد من انتشار الفايروس، مثل إغلاق الحدود وفرض العقوبات لتنفيذ الحجر الصحي.

وبالنهاية إن وقعت الكارثة، فإنه من المتوّقع أن يعاقِب الزعيم الكوري الشمالي مناوئيه للأسباب ذاتها التي أُعدِم من أجلها كثيرون في السابق، ويعاقَب مَنْ كان مسؤولاً عن الفساد أو بتهمة عدم الامتثال للأوامر.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.