لم تكن #النجف تملك مطاراً مدنياً طوال عهد الرئيس الأسبق #صدام_حسين، وبعد التغيير في 2003 أطل حلم المطار من جديد، بخاصة أن المدينة هي أكبر مدن السياحة الدينية في البلاد.

بعد التغيير، ازدادت الزيارات لها من كل صوب؛ لوجود مرقد الإمام علي بن أبي طالب، ابن عم الرسول محمد، وزوج ابنته فاطمة، لذا يتوافد إليها ملايين الشيعة حول العالم للحج فيها سنوياً.

أيضاً بعد التغيير، أمست مركز القرار السياسي في العراق وأزاحت البساط عن العاصمة #بغداد، لوجود المرجع الديني #علي_السيستاني الذي كانت الوفود الأجنبية تزوره كلما تجيء للعراق.

هنا كان لا بد من إنشاء مطار يليق بها كمدينة، ويدر عليها المال الوفير، بمعنى أن المطار هو مشروع رابح لا محالة، وتم التخطيط لتشييد المطار في ذات السنة، أي بعد سنتين من التغيير.

تم اختيار بقعة تشييده على أرض مطار المدينة العسكري الذي كان يستخدمه “صدام حسين” لقتل السكّان، وافتتح رسمياً في 2008 تحت إشراف شركة “العقيق” الكويتية.

ظلّت هذه الشركة التي أنشأت المطار تشرف عليه حتى 2011، حينها فسخ مجلس محافظة النجف العقد مع الشركة تحت ذريعة إخلالها بالالتزامات المبرمة بين الطرفين.

كل ما ذكر فوقاً، هو مختصر بقدر الإمكان للسرد الذي قام به موقع “باب الشرق” الذي سلّط الضوء على ملف #مطار_النجف، إذ يقول: منذ فسخ العقد مع الشركة الكويتية، بدأت قصة الفساد.

«عادت مسؤولية المطار للمحافظة، وشكّل محلسها مجلس إدارة للمطار، وباشر العمل، (…) لكن هذا المطار الذي أريد له أن يكون بوابة مشرقة للمدينة، تحوّل إلى كابوس جثم على الصدور».

«تدخلت قوى سياسية في تشكيل مجلس إدارة المطار، وحوّلته الأحزاب إلى مؤسسة لتمويل حملاتها الانتخابية وتضخيم حساباتها في المصارف الداخلية والخارجية».

مكتب للتدقيق في مطار النجف – إنترنت

«بين 2012 و 2017 لم يتم الحديث عن المطار؛ لانشغال البلاد بالأحداث الأمنية، (..) إذ كانت تسجّل /500/ انفجار شهرياً في 2013، وبعدها بسنة جاء #داعش حتى 2017».

«بينما كان عليه رفد الموازنة التي استنزفتها الحرب، كانت إدارة المطار تجد في هذا الانشغال فرصة لتوسيع حساباتها وتوقيع عقود وهميّة، وحرق دفاتر الحسابات الختامية لتسلم من المحاسبة».

«المطار خلال تلك الفترة كان غير خاضع للتفتيش أو الرقابة من قبل الجهات الرقابية الاتحادية أو حتى المحلية» حسب قول محافظ النجف #لؤي_الياسري عام ٢٠١٨.

“الياسري” الذي ارتقى لإدارة المحافظة منذ 2016، لم يكن هو «من حرّك ملف المطار، وإنما سكّان المحافظة الذين دبّ الغضب٢ فيهم، إذ لم يكن المطار بوابة للفساد المالي والإداري فحسب».

«إنما جرى عبره تهريب شحنات مخدرات، وأسلحة، ومواد استهلاكية – بعضها تالف – لم تخضع للرقابة. كان هذا ما أغضب السكّان»، حسب التحقيق الذي عمله “باب الشرق”.

«مسؤولون في مطار النجف كانوا يعطّلون جهاز كشف المخدرات عندما يشهد المطار كثافة في استقبال المسافرين»، حسب حديث مصادر مهمة “خاصّة” لموقع “باب الشرق”.

أيضاً «تحوّل المطار إلى جنّة لمهربي السلاح. كانت تهبط طائرات من #إيران محملة بالسلاح ولا يُسمح بتفتيشها. ولم تنف إدارة المطار هذه التهم».

«في 2017، أعدت لجنة برلمانية كُلِّفت بالتحقيق بشبهات فساد في مطار النجف الدولي، وواجهت اللجنة، بحسب التقرير النهائي، صعوبات بالوصول إلى الحسابات والملفات المالية للمطار».

«لكنها توصّلت إلى أن إدارة المطارات تجاوزت الصلاحيات، ومنحت عقوداً لتطوير المطار تخالف الكلف التخمينية. كانت الكلفة التخمينية لتطوير صالة المسافرين /45/ مليون دولار، لكن الإدارة منحته مقابل /109/ مليون دولار».

وثيقة للجنة التحقيقية البرلمانية عام ٢٠١٧، “باب الشرق”

«في الملفات، برز اسم القيادي في #حزب_الدعوة “فايد الشمري”، وسم رئيسي آخر هو “جواد الكرعاوي”، الذي شغل منصب نائب رئيس مجلس أدارة المطار منذ عام 2013».

«انتمى “الكرعاوي” لـ #التيار_الصدري ثم انسحب منه فيما بعد، كان من سكنة #الديوانية، (..) هاجرها بعد 2003 إلى النجف، وسكن في منطقة “حي الرحمة” بالتجاوز».

«فجأة بعد أعوام ظهر “الكرعاوي” شريكاً لشقيقة “بشار” في “مول البشير” في النجف، والذي تعرّضت واجهته إلى التكسير على يد أنصار التيار الذي اتهمه بالفساد في 2019».

حسب “باب الشرق”، فإنه رغم تقرير اللجنة النيابية، إلا أن شيئاً لم يتغيّر في المطار، وظلّت عقود الفساد توقّع دون مراقبة؛ مما أغضب هذا الوضع سكّان المحافظة».

«الأمر الذي دفعهم إلى الدخول غاضبين إلى المطار عام 2018، واحتلوه لساعات وطالبوا بتقديم المسؤولين عنه إلى المحاسبة، فضلاً عن مطالبتهم بمعرفة ما يدور في المطار».

«إثر التظاهرات، وجد رئيس الوزراء حينها #حيدر_العبادي فرصة لإقالة مجلس إدارة المطار، لكن هذا المجلس رفض تنفيذ أوامره»، كما يقول الموقع في تحقيقه.

«شكّلت لحنتين تحقيقيتين طوال تلك الأعوام، وإذا ما كان تقرير اللجنة التي شكّلت عام 2017 قد أظهرت نتائجها، فإن اللجنة التي تشكّلت عام 2019 لم تسرّب تقريرها إلى الإعلام».

«لكنها أشارت إلى إحالة /53/ ملف إلى #هيئة_النزاهة، تتعلق أغلبها بشبهات فساد، وهدر للمال العام، وتوقيع عقود خارج الصلاحيات»، يبيّن الموقع.

«صحيح أن مجلس إدارة مطار النجف أقيل ومنع رئيسه من السفر وصدرت أحكاماً قضائية بحقّه، لكن الصحيح أيضاً أن المبالغ التي أهدرت والأموال التي سرقت ليست معلومة حتّى الآن».

«يعتقد المحافظ أن إدارة المطار رتبت ديوناً تقدّر بنحو (192) مليار دينار، إذ أبرمت مشاريع مع شركات بطريقة الدفع بالآجل؛ فيما يقدّر رئيس مجلس المحافظة المبلغ بنحو /227/ مليار دينار».

«لم تنته أزمة مطار النجف إلى هذا الحد، فحتّى بعد تغيير الإدارة ووضع المطار تحت سلطة #الطيران_المدني، فإن المطار ما يزال يخضع للابتزاز والسيطرة»، وفق “باب الشرق”.

«قد طالبت هيئة استثمار النجف، مطلع العام الجاري، هيئة النزاهة بالتحقيق مع إدارة مطار النجف الدولي بشأن شبهات فساد تتعلق بصرف الأموال الخاصة بمشاريع المطار».

«أكدت الهيئة أنها أرسلت ثلاث كتب لمعرفة الإجراءات المالية للمطار، خاصّة وأن المطار هو مشروع استثماري مربح، وعائداته يجب أن تذهب إلى صندوق المحافظة».

«ذلك لاستعمالها في المشاريع الخدمية»، لكن “هيئة استثمار النجف”، تؤكد لموقع “باب الشرق”، «أنها لم تحصل على أيّة إجابات بشأن استفساراتها».

وثيقة لهيئة استثمار محافظ النجف تطالب النزاهة بالتحقيق مع إدارة المطار عن شبهات فساد، “باب الشرق”

«عوّل سكّان النجف كثيراً على الأموال التي من الممكن أن يدرّها المطار على محافظتهم، وكان من المتوقع أن يُدر المطار نحو /100/ مليون دولار سنوياً على موازنة المحافظة».

لكن مصادر تؤكد، أن «نحو(60 %) من العائدات تذهب إلى أحزاب تتقاسم إدارة المطار، (..) وأن ملف المطار يجب أن يوضع في حسبان حكومة #مصطفى_الكاظمي».

اختتمت المصادر قولها، إن «إقالة مجلس الإدارة لم يكف يدها عن المطار، وأن على الحكومة الجديدة أن تضبط الأمور وتستعيد “مطار النجف” مجدداً لسلطة الدولة».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة