في حين أن الاقتصاد الكردي على وشك الانهيار منذ انخفاض سعر برميل النفط، فإن الزيادة الهائلة في حالات الإصابة بفيروس #كورونا، تقوّض النظام الصحي في #إقليم_كردستان، بسبب نقص الموارد البشرية والإضرابات.

يقف الدكتور “شخوان خيلاني” مذهولاً، فهو لا يستطيع قضاء الكثير من الوقت على الهاتف. وفي الأسبوع الماضي، كان المستشفى الإماراتي في #أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، الذي يديره والذي يعالج مرضى كورونا، ممتلأً عن بكرة أبيه.

«لم نعد نستطيع أن نقبل أي مرضى جدد حتى نتمكن من تخريج الموجودين»، يقول الدكتور “خيلاني”. فهذا الجرّاح لديه فريق طبي مكون من عشرة أشخاص فقط، مقسم بين المناوبتين الصباحية والمسائية، لعلاج 90 مريضاً، بعضهم في حالة حرجة.

أجورٌ غير مدفوعة

منذ نهاية شهر رمضان وقبل أكثر من شهر، انتشرت جائحة كورونا بشكلٍ كبير في العراق، بما في ذلك منطقة الحكم الذاتي الكردية. وقد وصلت الحالات حتى الآن إلى المئات فقط، وذلك بفضل تدابير الحظر التي تم اتخاذها في منتصف شهر آذار الماضي.

ويسجل العراق الآن أكثر من 2000 حالة جديدة في اليوم، بما في ذلك حوالي 200 حالة في كردستان العراق. ويوجد في إقليم كردستان حالياً أكثر من 4700 حالة إصابة بكورونا، وما لا يقل عن 130 حالة وفاة و 1500 حالة شفاء.

في محافظة أربيل كما هو الحال في بقية كردستان العراق، تمتلئ أسرّة المستشفيات بسرعة. ولكن هذا ليس أكثر ما يثير القلق، حيث يشكو “دلوفان جلال”، مدير الصحة في محافظة أربيل، من أن «المشكلة الحقيقية هي في الموارد البشرية».

«نحن نفتقر إلى الممرضات والطاقم الطبي. وبالإضافة إلى ذلك، نخشى باستمرار من الإضرابات، كما هو الحال بالفعل في #السليمانية»، يوضح السيد “جلال”. فالنظام الصحي الكردي تحت الضغط اليوم، لأنه لا يستطيع تحمّل تكاليف رواتب الموظفين.

وفي محافظة السليمانية، المتاخمة لإيران وموطن الفيروس القاتل، أضرب العاملون في القطاع الصحي الآن لمدة أسبوعين تقريباً، للتنديد بعدم دفع أجورهم منذ حوالي شهرين.

تعطيل اتفاق النفط مقابل التمويل

إن الاقتصاد الكردي على وشك الإفلاس، حيث تزامن التباطؤ الناجم عن جائحة كورونا مع انهيار أسعار النفط في شهر شباط الماضي. فالذهب الأسود، الذي يشكل 90٪ من ميزانية العراق وإقليم كردستان، كان موضوع نزاعات بين أربيل وبغداد منذ سنوات.

وقد استؤنفت الخلافات أكثر منذ هبوط الأسعار. ووفقاً لقانون الموازنة الاتحادية لعام 2009، يجب على العراق دفع 12.7 ٪ من ميزانيته إلى إقليم كردستان مقابل 250 ألف برميل من النفط يومياً. لكن أربيل لم ترسل براميل النفط إلى بغداد، وانتهى الأمر بهذه الأخيرة بوقف المدفوعات في شهر نيسان.

حتى وقتٍ قريب، كانت كردستان العراق قادرة دائماً على الاعتماد على عائدات بيع النفط إلى الخارج. لكن هذه المرة، ومع قسمة سعر النفط الخام على اثنين وخفض الإنتاج من قبل أوبك، فإن الإقليم بات يفتقر إلى الأموال بشدة، وعلى وجه الخصوص لدفع رواتب القطاع العام، الذي يمثل الغالبية العظمى من الوظائف في المنطقة.

وقد وافقت #بغداد على تسديد دفعة لمرة واحدة قدرها 336 مليون دولار (299 مليون يورو) ريثما يتم الاتفاق النهائي مع الإقليم. وأعلنت الحكومة الكردية، من جانبها، أنها استخدمت ما يقارب من 140 مليون دولار من هذا المبلغ لتسديد ديونها، أما المتبقي من المبلغ، فيجب استخدامه لدفع الرواتب.

ولكن هذا لا يعتبر شيئاً بالمرة، إذا اعتبرنا أن البدل الشهري، البالغ 384 مليون دولار، والذي وصل من بغداد لا يمثل سوى نصف أجور القطاع العام في كردستان العراق.

في بداية شهر حزيران، حاولت حكومة الإقليم إعادة فرض حظر تجوال كامل لمنع زيادة عدد الإصابات. لكن وفي أقل من 48 ساعة، كانت موجة الاحتجاجات شديدة عبر المحافظات الأربع، مما أجبرت السلطات على التراجع.

ويعترف الدكتور “خيلاني” قائلاً: «بعد شهرين من الإغلاق، لم يعد بوسع الناس تحمل التبعات، لم يعد لديهم مال وهم يحتاجون إلى العمل».

تنويع الاقتصاد

مدفوعةً بسبب حجم الأزمة، أعلنت حكومة إقليم كردستان تنويع الاقتصاد في الزراعة والصناعة والسياحة. لكن العديد من الخبراء يعتقدون أنه الحل الخاطئ في الوقت الخاطئ.

«لا يمكنك التنويع عندما يكون سعر النفط منخفضاً جداً. الأمر يتطلب المال للاستثمار في قطاعات مختلفة، وكردستان العراق لا يملك شيئاً من هذا المال»، يقول “محمد حسين” من المركز العراقي لتحليل السياسات والبحوث.

وبحسب الأخير، فإن الحل الوحيد، يكمن في تنفيذ إصلاحات هيكلية ضد الفساد المستشري والإنفاق بدون سبب من قبل الإدارة، التي لديها ما لا يقل عن 250 ألف “موظف شبح”، على حد تعبير نائب رئيس الوزراء #قباد_طالباني.

وفي هذه الأثناء، يسيطر اليأس على العمال وأرباب العمل. فلم يعتقد أبداً “سيفار دلير” المدير الإداري لشركة خدمات نفطية، أنه سيتعيّن عليه يوماً ما تخفيض الأجور أو تسريح العمال.

ومع ذلك، في شهر أيار الماضي، تعيّن عليه إعفاء 15 من موظفيه البالغ عددهم 80 موظفاً.

ويختتم “دلير” حديثه بالقول: «لم نر أزمة مثل هذه من قبل. لا خلال الاستفتاء من أجل استقلال كردستان العراق في العام 2017، ولا خلال سنوات الحرب ضد تنظيم داعش».

 

المصدر: (Libération.fr)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.