“موفّق القدّاح” أحد أبرز رجال الأعمال السوريين، بدأ حياته العملية مذ كان عمره ستة عشر عاماً، كبائع متجوّل في #الكويت، تمكّن خلال عامٍ واحد من جمع مبلغ ساعده بتأسيس عملٍ يتعلق بتجارة قطع السيارات وإكسسواراتها في #الإمارات.

توسّع عمله خلال سنوات، ليشمل دول الخليج وروسيا، وشارك بتأسيس عدد من المصانع في عدة دول، وقُدِّر حجم تعاملاته في تجارة قطع السيارات بـ 300 مليون دولار سنوياً.

في عام 2000، دخل “القداح” مجال التطوير العقاري عبر مجموعته (ماج)، وأصبحت من أهم شركات التطوير العقاري في #دبي، ثم توسّع نشاطه الاقتصادي؛ ليشمل قطاعات الصناعة، الشحن البحري، الإنشاءات الهندسية والخدمات، وصُنّف ضمن أثرياء العرب الخمسين عام 2007.

جمعته علاقةٌ جيدة مع الرئيس السوري #بشار_الأسد قبل الأزمة، وأسهم في عددٍ من المشاريع في سوريا، أهمها البوابة الثامنة قرب #دمشق، إلا أن هذه العلاقة انقطعت في عام 2011، واتُّهِم بتمويل الإرهاب في عام 2014، إلا أنها أُسقِطَت عنه بعد 4 أعوام.

من بائعٍ مُتجوّل إلى أحد أهم رجال الأعمال السوريين

ينحدر #موفق_القداح /68/ عاماً، من بلدة #كحيل في محافظة #درعا، لم يتمكّن من إكمال تعليمه في المرحلة الإعدادية، مما دفعه إلى مرافقة والده إلى الكويت عام 1977، وشق طريقه بنفسه، وبدأ يعمل بائعاً جوالاً للملابس والأحذية، مستفيداً من قوافل الحجاج العراقيين العابرين إلى #السعودية.

استطاع “القداح” أن يجمع 5 آلاف دينار كويتي في غضون عامٍ واحد، وبفضل ذلك المبلغ الكبير، دخل في شراكة مع أحد أولاد عمومته المقيم في الإمارات، وفتحا معاً متجراً أسموه “محلات السوري”، لبيع قطع غيار وزينة السيارات، ثم سافر إلى #أبو_ظبي في عام 1979، بعد أن وجد فيها بيئة جيدة للعمل، حيث استمر في تلك الشراكة لمدة 4 أعوام.

بعدها أسس “القداح” شركة خاصه لقطع الغيار وزينة السيارات، وكان يشتري المستلزمات من دبي، ويبيعها في بقية المدن الإماراتية، ثم بدأ باستيراد تلك المستلزمات من منشأها الأصلي ويبيعها في الإمارات.

في منتصف الثمانينات، توسّع نشاط “القداح” ليشمل السعودية والبحرين وقطر وإيران، وبدأ بوضع شعار خاص به على قطع ومستلزمات لها رواجها في السوق العالمية، وفي عام 1987 أسس مجموعة (موفق القداح (ماج)).

استفاد “القداح” في التسعينيات من انفتاح روسيا الاقتصادي عقب تفكك #الاتحاد_السوفيتي، مما سمح له بتصدير كميات كبيرة من المستلزمات التي يعمل بها، ليحقق من تلك التجارة مبالغ طائلة ويؤسس ويشارك بإقامة  مصانع في عدة بلدان لتصنيع قطع غيار السيارات ومرشحاتها وملحقاتها، والشحوم المعدنية وجميع الزيوت وتعبئتها.

وتحقق تجارة قطع السيارات واكسسواراتها في شركات “القداح” مبيعات سنوية تفوق 300 مليون دولار، حيث تتعامل مع 44 دولة في القارات الثلاث آسيا، أوروبا وإفريقيا.

توسّعٌ في القطاعات الاقتصادية.. وإمبراطوريةٌ مالية تضم 50 شركة

توسّع عمل “موفق القداح” بشكلٍ كبير مع دخول الألفية الجديدة، ليدخل مجالات اقتصادية أخرى في أإطار مجموعته (ماج)، أهمها الاستثمار العقاري.

وكانت بداية العمل في هذا القطاع، عندما اشترى قطعة أرض لبناء مدينة صناعية عام 2000 لكنه باعها بعد شهرين، بسبب ارتفاع قيمتها، ووجد أن هذا الأمر ذو عائدية عالية، وبدأ بباكورة مشاريعه العقارية في 2002 وهو #برج_ماج 2014.

وتمتلك (ماج)، التي أصبحت إحدى الشركات الرائدة في مجال التطوير العقاري، 14 مشروعاً عقارياً ضخماً.

كما توسّعت المجموعة في أعمالها؛ لتشمل شركة الشحن البحري، وشركة لليخوت والنزهة، بالإضافة إلى شركات لمواد البناء والكمبيوترات والأدوات الكهربائية والمنزلية، بالإضافة إلى تجارة الهواتف المتحركة ومستلزماتها، وأكبر مركز تجاري متخصص بالأثاث في الشرق الأوسط.

كما ساهم بإنشاء الجامعة الأوروبية العربية، حيث وصل عدد شركات المجموعة إلى 50 شركة وفرع، تضم 2000 موظف، ولها تعاملات مع 80 دولة. ، ومن هذه الشركات (ماج) للتطوير العقاري، وشركة الاستثمار ما وراء البحار للتطوير العقاري، و(ماج مي) العقارية.

إضافةً إلى أبراج الإمارات المالية، شموس للعقارات، وارت سنتر، ماج  لخط الحاويات (كونتينر لاينز) ، والرابط الخليجي للشحن، أم.أي.جي العالمية للأعمال الكهروميكانيكية، موفق القداح التجارية، القداح للتجارة العامة، موفق القداح لتجارة قطع الغيار – أبوظبي، أجراس الشرق للتجارة العامة، التاج الذهبي لتجارة قطع السيارات، المصعب للتجارة – العراق، البراق للتجارة – العراق.

“القدّاح” مُقرّبٌ من “الأسد” قبل الأزمة

في كانون الأول عام 2006، زار الرئيس السوري “بشار الأسد” الإمارات، وذلك بعد تعرض سوريا لضغوط سياسية على خلفية اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق #رفيق_الحريري، وانسحاب الجيش السوري من #لبنان، وحرب 2006 بين حزب الله وإسرائيل، وتبني #حزب_البعث الحاكم مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي.

وكان على هامش الزيارة، اجتماع للأسد مع رجال الأعمال السوريين دعت له السفارة السورية في أبو ظبي، بهدف جذب الاستثمارات إلى سوريا، حيث طلب منهم التحدث بصراحة عن رؤيتهم لمستقبل سوريا الاقتصادي، وما يخشونه في حال طلب منهم الاستثمار في البلاد، وبعد هذا الاجتماع كان أول لقاء جمع بين الأسد والقداح على انفراد.

بدأ رجال الأعمال السوريين في الإمارات بالعودة إلى سوريا والاستثمار فيها، وكان القداح الشخصية الأبرز من خلال أحد الاستثمارات العقارية الضخمة (البوابة الثامنة)، وإقامة عدد من المشاريع في عدد من المحافظات السورية، في وقت حظي فيه “القداح” باهتمام “الأسد”، وكان يستطيع التواصل مع القصر الجمهوري بسهولة عند أي مشكلة تعترضه.

البوابة الثامنة وشراء نادي الشرق

من أهم المشاريع التي استثمر فيها “القداح” كان مشروع “البوابة الثامنة” الذي تم تنفيذه من خلال مجموعة الاستثمار لما وراء البحار التي يملكها، بالتعاون مع أحد أكبر شركات التطوير العقاري في العالم “إعمار العقارية”، حيث اعتبر الأكبر في سوريا ووصلت تكلفته إلى نصف مليار دولار.

كما اشترى “القداح” في عام 2009 (نادي الشرق) العريق في دمشق، من #خالد_حبوباتي بمبلغ وصل إلى مليار ليرة أي ما يعادل 20 مليون دولار حينها.

كما تبرّع “القداح” ببناء سوق دمشق للأوراق المالية على طريق بيروت بمبلغ زاد عن 700 مليون ليرة، وإطلاق عدد من المشاريع في عدة مدن، منها مشروع جامعة خاصة على طريق دمشق درعا الدولي.

ويُعدّ “القداح” مؤسساً وشريكاً في عدد من الشركات الأخرى في سورية، مثل شركة مجموعة (موفق قداح)، شركة الاستثمار ما وراء البحار للاستثمارات السياحية، شركة إبداع للتطوير والاستثمار، شركة أعمار الاستثمار لما وراء البحار، شركة الاستثمار ما وراء البحار، شركة الاستثمار لما وراء البحار للتطوير والاستثمار العقاري، شركة مسعود وقداح للصناعات الدوائية، كما يعتبر أحد المؤسسين لشركة شام القابضة العملاقة.

اندلاع الأزمة.. “القدّاح” يغادر البلاد واتهاماتٌ بدعمه للإرهاب

تشير تقاريرٌ إعلامية، إلى أنه بعد اندلاع الأزمة في درعا عام 2011، اتصل مكتب الأسد بـ “موفق القداح”، وطلب منه التوسط لدى أبناء مدينته، حيث جاء على وجه السرعة إلى درعا، قادماً من دول شرق آسيا التي كان يتابع فيها استثماراته، وانضم إلى فيصل المقداد ورستم الغزالي، اللذين كانا ضمن وفد يحاول تهدئة الأوضاع في درعا، إلا أن هذه الوساطة لم تثمر عن تهدئة الاحتجاجات، مما دفعه إلى مغادرة البلاد بعد لقائه الأسد حيث انقطعت العلاقة بين الرجلين.

في حزيران عام 2014، أصدرت وزارة المالية قراراً بوضع الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة للقداح، حيث حدد سبب الحجز بـ “تمويل المجموعات الإرهابية المسلحة”، و”المساهمة في إدخال الأسلحة إليها في درعا”.

بعد ذلك بـ 4 أعوام أصدرت “هيئة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب” قراراً بحذف أسماء بعض الشخصيات والكيانات بينهم القداح.

بعد ذلك بأشهر، قام القداح ببيع نادي الشرق لرجل الأعمال الصاعد #سامر_الفوز، بمبلغ وصل إلى 5.5 مليار ليرة (أي ما يعادل 12 مليون دولار حينها) ، حيث أشارت تقارير إلى أن “الفوز” اشترى العديد من العقارات والمعامل بأسعار رخيصة لرجال أعمال حياديين من الأزمة كالقداح وعماد غريواتي.

هل يعود القداح إلى سوريا؟

يبدو أن توجّهات الحكومة تغيّرت بعد الأزمة عما كانت قبلها، فبينما كانت تسعى للاستفادة من المغتربين السوريين في الخارج، وخاصة الإمارات للاستثمار في البلاد، تجاهلتهم في الآونة الأخيرة بعد زيارة وفدٍ من رجال الأعمال السوريين للإمارات، لإقناع رجال الأعمال هناك بالاستثمار في سوريا، حيث لم يلتق الوفد أياً منهم.

وإن كانت العديد من الاستثمارات الإماراتية قبل 2011 تمر عبر مغتربين سوريين في الإمارات أو بالتعاون معهم، ومن بينهم القداح، فإن الوضع الحالي يشير إلى أن هؤلاء أصبحوا خارج اهتمامات الحكومة السورية، وذلك بعدما حجزت على ممتلكات الكثير منهم، وهذا ما قد يجعلهم غير راغبين في المشاركة والتركيز على أسواق أخرى.

وعلى الرغم من كل ما سبق، فأن عملية إعادة الإعمار في سورية التي تبدو معقدة ومتعثرة وفقاً للشروط الغربية وقانون قيصر الأميركي، والتحذيرات للإمارات من تطبيع العلاقات مع دمشق، فان الحل السياسي للأزمة، قد يخلق الظروف المناسبة لعودة رجال الأعمال السوريين، ليلعبوا دوراً مهماً اقتصادياً في البلاد وعلى رأسهم القداح.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.