كورونا يُصيب العراق بالشّلل.. مَنْ المُسبِّب: لا مبالاة الشّعب أم  تقصير الحكومة؟

كورونا يُصيب العراق بالشّلل.. مَنْ المُسبِّب: لا مبالاة الشّعب أم  تقصير الحكومة؟

واقعياً، انتشر وباء #كورونا في #العراق كالنار في الهشيم، والذي بدأ منتصف أيار/ مايو المنصرم، ولايزال مُستمراً في التفشّي اللامُتناهي حتى اللحظة.

في البدء كانت الإصابات اليومية قليلة، لا تتجاوز /10/ إصابات، ثم بدأت ترتفع لتناهز  /90/ إصابة، وقبل حلول شهر رمضان، صارت تنخفض تدريجياً إلى /14/ إصابة في اليوم، لكن بعد ذلك بوقتٍ قصير عادت الأرقام للارتفاع، ومنذ ذاك لم تنخفض، وها هي البلاد تسجّل ما لا يقل عن /2000/ إصابة يومياً.

الأزمة في خليّة الأزمة

الأرقام القليلة في البداية، ثم الارتفاع، وبعدها الانخفاض الذي طمأن الناس قبل أن تعود لهذه الطفرة الكبيرة في الإصابات اليومية، تترك العديد من التساؤلات والاستفهامات.

أهم التساؤلات التي يطرحها الناس: لماذا انخفضت أرقام الإصابات بعد أن كانت ترتفع، ولماذا عادت فجأة لترتفع أكثر من الأرقام التي كانوا يعتبرونها خطيرة؟

تقول أستاذة علم الفيروسات والمناعة “رغد السهيل”، إن «السبب الأساس، هو فشل #خلية_الأزمة المعنية بالتعامل مع “كورونا”، فهي لم تكن بمستوى الأزمة، إنما الخلية هي الأزمة بنفسها، إذ لا يمكن اختيار  الأطباء بشكل عشوائي للعمل ضمن هذا المجال الدقيق، فليس في خلية الأزمة متخصص بالتشخيص المخبري، ولا بعلم الفيروسات».

“رغد السهيل” – فيسبوك

وتؤكّد أنه «رغم وجود أساتذة جامعات ذوي خبرة  والذي من المفروض الاستعانة بخبراتهم وعلمهم، لكن لم يحدث، وإنما اختيرت الخلية وفق المحاصصة التي قتلت العراقيين».

إضافة لذلك، تشير “السهيل” لـ (الحل نت) إلى «عدم وجود حملة توعية لائقة، مما تسبب باستهتار الناس، التوعية كانت فقط على لبس الكمامة، وغسل اليدين، وحتى هذا قليل جداً».

فشل “علاوي”

منذ أيام، انطلقت حملة لاتزال مستمرة تطالب بإقالة وزير الصحة الحالي #حسن_التميمي الذي جاء ضمن حكومة #مصطفى_الكاظمي مطلع مايو/ أيار المنصرم، وإرجاع سلفه للوزارة.

سلفه كان #جعفر_علاوي، إذ في وقته كانت الإصابات قليلة، ارتفعت بعض الشيء إلى حدّ المئة، لكنها عادت تنخفض، قبل أن تعود للارتفاع تدريجياً مع قدوم شهر رمضان.

الناس ترى في “علاوي” أنه نجح في السيطرة على الوباء، وأن “التميمي” منذ مجيئه والإصابات في ارتفاعٍ لا ينضب، لذا تطالب بإقالته وإعادة سلفه، فهل فعلاً نجح الوزير السابق؟

«على العكس تماماً، الوزير السابق هو جزء رئيس من فشل احتواء الوباء، وما الوزير الحالي إلا ضحية لقرارات وإجراءات  سابقه، فجاء مع ذروة ارتفاع الأرقام، وغادر السابق»، تقول “هناء كامل”، وهو اسم مستعار لطبيبة في إحدى مستشفيات بغداد المخصّصة لأزمة “كورونا”، التي أضافت أن «الوزير السابق اعتمد مبدأ الدفاع، لا الهجوم، لذا هذه هي النتائج».

«لم يقم بفرض حظر حقيقي منذ البداية، ولم يؤمّن لنا أجهزة فحص كافية للعينات. كانت هناك أربعة مختبرات تحتوي على أجهزة فحص في كل البلاد»، تضيف لـ (الحل نت) وتؤكّد أن «أعلى نسبة فحص لم تتجاوز /4/ آلاف مسحة في اليوم الواحد في وقته، لذا كانت الأرقام المعلنة غير حقيقية، لقلّة العيّنات المفحوصة في زمنه مقارنة باليوم».

وتتابع: «الوزير الحالي، ما أن استلم الوزارة، حتى وفّر لنا /20/ جهاز لإجراء الفحوصات “المسحة” في غضون أسبوعين، فصار مجموع الأجهزة /24/ جهاز في عموم العراق، ما أدى إلى زيادة نسبة الفحوصات اليومية التي تناهز /50/ ألف فحص، والمعلن اليومي مع كل موقف وبائي يقارب /12/ ألف نموذج مفحوص».

«بالتالي، هذه الزيادة في عدد الفحوصات، بالتأكيد لها أثرها في كشف المئات من الحالات المصابة بالوباء يومياً ممّن لم يكن بالمقدور فحصهم في زمن الوزير السابق»، حسب الطبيبة “هناء”.

الضربة القاضية

صحيح، أنه في زمن “علاوي”، تحديداً قبل شهر رمضان بثلاثة أسابيع، اتخذت قرارات متعدّدة أهمها الحظر الشامل للتجول الذي كان يمدّد كل أسبوع، ما أدى إلى تقليل الإصابات.

لكن الصحيح أيضاً، حسب الطبيب في إحدى مستشفيات كرخ #بغداد “سامر أحمد”، (اسم مستعار) هو «قرارٌ آخر اتخذه “علاوي” مع الحكومة السابقة، كان الضربة القاضية التي أدّت لهذا التفشي، إذ في الوقت الذي بدأت تقل  فيه الإصابات اليومية، قرّرت اللجنة العليا الوطنية للسلامة برئاسة رئيس الوزراء المستقيل وقتها #عادل_عبد_المهدي رفع الحظر طيلة رمضان وتحويله لجزئي».

عند استفساره عن سبب اتخاذ هذا القرار، قال “أحمد” لـ (الحل نت): «هو سبب واحد لا غير، عجز الحكومة عن إعانة الكسبة ذوي الأجور اليومية الذين يقدّر عددهم بالملايين، فالحظر الشامل، يعني جلوسهم في البيت، وهذا يعني أنهم سيعانون من “الجوع” فهم يعيشون على قوتهم اليومي. الحكومة عجزت عن إغاثتهم، فاتخذت قرارها برفع الحظر، لتجعلهم في مواجهة الوباء».

“العِناد” والزخم

لم تعد الإصابات عند المواطنين فحسب، انتقلت إلى الأطباء، توفي قرابة /13/ طبيباً، وأُصيب نحو /750/ آخرين منذ اجتياح الجائحة للعراق، حسب “نقابة الأطباء” العراقية.

المستشفيات أمست بؤرة للفيروس، وصارت النداءات تطالب بالحجر المنزلي بدلاً من الحجر في المشافي، فما السبب في تفشّي الوباء بين الأطباء وداخل المستشفيات؟

تقول “شيماء الكمالي”، موظفة في “إعلام صحّة الرصافة”، إن «هناك مصطلح يدعى “حامل الفيروس”، بمعنى هذا الحامل كلما تعرّض لأناس آخرين كلّما أدى لزيادة الإصابات والتفشّي، من هنا يجيء سبب التفشي في المستشفيات؛ لأنها مملوءة بالمئات من المراجعين يومياً، وهذا غير صحّي، إذ في بقية الدول، لا يسمح لأي شخص بمراجعة المستشفى حتى عند ظهور الأعراض لديه».

“شيماء الكمالي” – فيسبوك

«يتم نصحهم في حجر نفسهم في منازلهم، وعندما يصل لضيق التنفس، وقتها يسمح له بدخول المستشفى، بعد الاتصال بالأرقام الطارئة فيصحبونه للمشفى، هنا الأمر يختلف، العراقي في طبيعته يفعل العكس، عندما كانت الإصابات في بدايتها، كنا نحاول اصطحابهم للمستشفيات، لكنهم يرفضون ذلك ويهدّدونا عشائرياً»، تضيف “الكمالي” لـ (الحل نت).

وتتابع: «الآن بعد التفشي الكبير، صرنا نطلب منهم الحجر في المنزل، وعدم مراجعة المستشفى إلا عند ضيق التنفس، صاروا يراجعون المستشفيات بشكل مذهل، وكأن العناد هو الصح عندهم. يقولون: لا تريدونا أن نراجع؛ لأنكم تريدوننا أن نموت في بيوتنا، لذا صار حتى من لا أعراض لديه، يراجع المستشفى، مما تسبب بزخم كبير، وهذا أدّى لتفشّي الوباء بين الأطباء، وفي المستشفيات».

نحو الأسوأ

الآن، يعيش المجتمع في حالة قلق كبيرة، جراء الإصابات اليومية التي لا تقل عن /2000/ والوفيات التي تتراوح بين /85 و120/ حالة، فهل من سيطرة على الوضع في المستقبل؟

تقول أخصائية الفيروسات “رغد السهيل”، التي تحدّثت في البدء، إن «الوضع يسير نحو الخطورة والارتفاع أكثر. لا أريد التهويل، لكن هذه الحقيقة المُرّة التي يجب معرفتها».

«لا يمكن السيطرة على “كورونا” إلا بفرض حظر تام، ويطبّق بشكل صارم، لا تهاون فيه، وبنشر الجيش في المدن لمنع التجمعات، غير هذه الطريقة، فالأمور من سيئة إلى أسوَأ» تختم حديثها لـ (الحل نت).


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة