من جديدٍ يعودُ إلى الواجهة مشهدُ العثورِ على المقابرِ الجماعيةِ في المناطقِ المحررةِ من سيطرةِ #داعشَ ، خاصةً في ظلِّ الحديثِ عن اختفاء أكثر من اثني عشر ألف مواطن من أبناء تلك المناطق.

أعمال القتل الجماعي تعود إلى عمليات تحرير المحافظات ذات الأغلبية السُنية من سيطرة تنظيم “داعش” عام 2016، حين أقبلت مجموعاتٍ مسلحةٍ على اختطاف آلاف من سكَّان تلك المناطق، واقتيادهم إلى جهةٍ مجهولةٍ.

وظهرتْ مجموعةُ فيديوهات، تمَّ نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر مليشيات مسلحة تقتادُ المئات من الرجال وتوجه لهم الشتائم، وتؤكد أنها تقوم بذلك انتقاماً لضحايا قاعدة “سبايكر”.

 

مقبرةٌ جديدةٌ

يشير مصدرٌ محلي، في محافظة #الأنبار غربي العراق، إلى أنَّ «مواطنين من قضاء “هيت” عثروا على مقبرة جماعية في إحدى القرى التابعة للقضاء، وذلك عندما كانوا يقومون بأعمال الحفر، بغرض إيصال الماء إلى القرية».

ويؤكد المصدر، خلال حديثه لموقع «الحل نت»، أنَّ «المقبرةَ الجديدةَ تضمُّ رفاة حوالي ثلاثمئة مواطن، تم التعرف على مجموعة من جثثهم، وسُلمت لذويها، لكنَّ الجهات الحكومية والأمنية طالبتْ بالتكتم على الموضوع، وعدم نشرهِ في وسائل الإعلام».

وبحسب المصدر فأنَّ «مجموعةً من تلك الجثث تعود لمواطنين اختطفتهم المليشياتُ من منطقة “الرزازة” الواقعة بمحافظة الأنبار، وتَبيّنَ فيما بعد أنَّها قامتْ بإعدامهم ودفنهم جماعياً».

 

تدويلُ القضية

الكاتب والمحلل السياسي “محمد الحياني” يرى أنَّ «قضيةَ المقابرِ الجماعيةِ، والتكتمِ عليها، أمرٌ خطيرٌ جداً، وهو موضوعٌ حسَّاسٌ كونه يتعلق بمصير الآلاف من المواطنين وأهاليهم، الذين مازالوا ينتظرون معرفة مصير أبنائهم المختطفين».

مبيناً في حديثه لموقع «الحل نت» أنَّ «نواب وممثلي المحافظات ذات الأغلبية السُنية فشلوا بالضغط لمعرفة مصير هؤلاء، وصمتوا خوفاً وحرصاً على ديمومة مصالحهم الشخصية، على حساب دماء وأرواح مواطنيهم».

وأضاف أنَّه «بات من الواضح أنَّ الحكومات العراقية المتعاقبة، منذُ عهد “حيدر العبادي”، مرورًا بـ”عادل عبد المهدي”، وصولاً إلى مصطفى #الكاظمي، لم ولن تستطيع فتح هذا الملف، والكشف عن الجناة».

موضحاً أنَّ «الحكومة العراقية تعرف المسؤولين عن هذه المقابر، ولكنَّها تتكتم عليهم، لأنَّها تخشى من مواجهة مباشرة مع المليشيات، التي قامت بتلك الأفعال الإجرامية».

مطالباً بـ«تشكيل فريق من المحامين، وتدويل قضية المغيبين والمقابر الجماعية، وتحريك المجتمع الدولي، لكي يتفاعل مع هذه القضية الحساسة، بعد عجز الحكومات العراقية المختلفة».

 

موقفُ “الكاظمي”

يقول السياسي العراقي “ناجح الميزان” إنَّ  «ذوي ضحايا المقابر الجماعية، وأهالي المختطفين والمغيبين، يعقدون الأمل على رئيس الحكومة العراقية الحالية “مصطفى الكاظمي”، كونه شخصية بعيدةً كلِّ البُعدِ عن توجه المليشيات».

لافتاً خلال حديثه لموقع «الحل نت» إلى أنَّ «الحكومات السابقة كانت تعرف الجناة، ولكنها تجاملهم على حساب دماء وأرواح المواطنين الأبرياء، ونحن نأملُ من الحكومة الحالية فتح هذه الملف، ومحاسبة المتورطين فيه».

وأشار إلى أنَّه بحكم معرفته بـ”الكاظمي” فإن الأخير سيتمكن من «فتح ملف المقابر الجماعية في الوقت القريب، لكن بعد تقويه نفوذ الدولة وأجهزتها الأمنية، وهذا الأمر يحتاج إلى دعمٍ من الكُتل السياسية السُنية، التي عليها أنْ تُفضّلَ المصلحة العامة على مصالحها الحزبية والشخصية»، حسب تعبيره.

 

حديثٌ برلماني

يؤكدُ النائبُ في #البرلمان_العراقي “أسعدُ المرشدي” أنّ «الحكومةَ الحاليةَ، برئاسة “مصطفى الكاظمي”، ستفتح جميع الملفات الخطيرة، وبينها ملفُ المغيبين والمختفين بشكل قسري، وستعملُ على إنهاء هذا الملف قبل انتهاء ولايتها».

ويضيف في حديثه لموقع «الحل نت» أنَّه «ليس هنالك تكتمٌ على هذا الملف إطلاقاً، ولكن الأزمات التي ورثتها هذه الحكومة، والتي تزامنتْ مع أزمة تفشي فيروس #كورونا، ألقتْ بظلالها على كثيرٍ من الملفات المهمة».

وبيّنَ أنّ «الحكومة ستعمل على تشكيل فريق تحقيقي لتقصي الحقائق، ومعرفة ماجرى، والإطلاع على الوثائق وشهادات الأهالي، وسيتم إنصاف الضحايا بشكلٍ سريعٍ ومؤكد، وهنالك كثيرُ من الملفات المهمة، التي تنتظر هذا الحكومة، ولن تجاملَ فيها إطلاقاً».

 

شهاداتُ الأهالي

مواطنون من أهالي ناحية “الصقلاوية”، الواقعة شرقي محافظة الأنبار، يؤكدون أنَّه «بالرغم من مرور أربع سنوات على اختطاف ذويهم، من قبل مليشيات مسلحة، لم يعرفوا مصيرهم حتى الآن، سواءً كانوا أحياءً أم أموات».

ويشير المواطن “عبد الرزاق المحمدي” إلى أن «عناصر من مليشيا #حزب_الله_العراقي قاموا باختطاف ثلاثة من أولاده، وذلك أثناء دخول عناصر الحزب مع القوات الأمنية، إبان تحرير ناحية “الصقلاوية” من سيطرة “داعش”».

موضحاً في حديثه لموقع «الحل نت» أنّه «بعد العثور على مقابرَ جماعيةٍ في “الصقلاوية”، وأُخرى بمنطقة “المزرعة”، قمتُ عل الفور بالذهاب لتلك المناطق، على أملِ التعرفِ على جثثِ أولادي، لكنّ الحكومة والأجهزة الأمنية قامتْ بتطويق مواقع المقابر، ومنع الأهالي من الاقتراب منها».

ولفت إلى أنّه يوجه ندائه إلى «الحكومة العراقية والمجتمع الدولي، كي يعطيا هذا الملف الأولوية، وإنصاف الضحايا، والإسراع بكشف مصيرهم لذويهم، وصرف تعويضات مالية لهم».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.