على مر تسع سنوات من اندلاع #الحرب_السورية، يبدو أن المخدرات هي التجارة الوحيدة التي لم تتأثر في جنوب البلاد، فخلال سيطرة المعارضة السورية على محافظة #درعا، لم يهدأ نشاط مهربي المخدرات، وحتى بعد استعادة #الحكومة_السورية السيطرة على المحافظة، ما تزال هذه التجارة مستمرة، حسب أهالي المنطقة.

ومع توغّل الميليشيات الإيرانية واللبنانية، وعلى رأسها مليشيات #حزب_الله، في الجنوب السوري، بعد بسط القوات النظامية سيطرتها عليه، في نهاية تموز/يوليو 2018، مارست هذه الميليشيات عدداً من النشاطات، كان أبرزها تجارة المخدرات، بمساعدة مجموعة من أبناء المحافظة.

 

طريق التهريب إلى درعا

يقول “توفيق” (اسم مستعار لأحد تجار المخدرات في مدينة نوى) إن «المخدرات تأتي لمحافظة درعا عبر طريقين، أحدهما تسيطر عليه ميليشيات “حزب الله”، ويمرّ من الحدود اللبنانية الجنوبية، نحو منطقة الحرمون، ثم إلى درعا، ليتمّ تصريف المخدرات، داخلياً وخارجياً، بواسطة تجّار المحافظة».

ويضيف “توفيق”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «الطريق الأخرى لنقل المخدرات تتكفل بها ميليشيات تابعه لإيران بشكل أساسي، فيتم نقل المخدرات من العراق إلى محافظة #دير_الزور، ومن ثم إلى البادية السورية، لينتهي بها المطاف في جنوب سوريا».

ويوضّح “توفيق” أن «هنالك أسلوبين متعارف عليهما بين التجّار لوصول المخدرات من المصدر إلى المستهلك، أولهما “فتوح الطريق”، وهو مصطلح يستخدمه التجّار للتعبير عن رشوة القائمين على الحدود أو الحواجز التابعة للقوات الحكومية؛ والأسلوب الثاني هو “الترفيق”، ويعني مرافقه مهربي المخدرات من قبل عناصر من الأفرع الأمنية التابعة للحكومة السورية، هو أسلوب غالباً ما يستخدمه التجّار المقربون من “حزب الله”».

 

آلية توزيع المخدرات

تضاعف اعتماد الميليشيات على التجّار المحليين في درعا لترويج وتصريف المواد المخدرة، لا سيما بعد أن أصدرت الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوربي مؤخراً عقوبات حدّت من قدرة المليشيات على تصريف المواد الممنوعة من #لبنان، لذلك لجأت لاستقطاب تجّار محليين، لهم خبرات سابقة ونفوذ، ومنهم عناصر من الخاضعين للتسوية مع الحكومة السورية، والمنضمين لـ”الفرقة الرابعة”، الذين يعملون تحت حمايتها وحماية المخابرات الجوية.

يشير “توفيق” إلى أن «تجّار المخدرات في درعا يقسّمون مناطق النفوذ والإتجار فيما بينهم، فالمنطقة الغربية، التي تختصّ بتوزيع المخدرات محلياً، تحت سيطرة كل من “فراس الدعاس” المدعو بـ “العطرة”، و”أحمد الخالدي”، الذي زُوّد مؤخرا بمكبس خاص لصناعة الحبوب المخدرة، ويتمتع بحماية خاصة من “الفرقة الرابعة” بمنطقة “خراب الشحم”، و”أحمد العمر”، المنحدر من بلدة “اليادودة”».

ويوضّح “توفيق” أن «مهمة التجار في المنطقة الغربية بيع المواد المخدرة للمتعاطين المحليين فقط، بينما يحتكر تجّار المنطقة الشرقية من محافظة درعا مهمة تهريب المخدرات لخارج سوريا، وهذه المنطقة يسيطر عليها #الفيلق_الخامس. ويتمّ التهريب عبر عدة طرق، أهمها يمرّ ببلدة “معربة” وقرية “المتاعية”».

يشار إلى أن الجيش الأردني أعلن، منذ مطلع عام 2020، عن إحباط خمس محاولات تسلل داخل الحدود الأردنية لتهريب المخدرات، كان آخرها في الثامن والعشرين من شهر مايو/أيار، حين جرت اشتباكات بين المهربين وحرس الحدود الأردني، أدت لتراجع التجّار للأراضي السورية، ومصادرة الجيش الأردني لمئة وأربعين كفاً من مادة الحشيش المخدرة.

 

ما هي الأنواع التي تروّج في الجنوب؟

أحد المتعاطين من مدينة درعا (رفض الكشف عن اسمه لأسباب امنية) يقول إن «مادة الحشيش هي الأكثر مبيعا في الجنوب، بسعر ثلاثمئة وخمسين ألف ليرة سورية للكيلو الواحد، ويقسّم الكيلو لسبعة كفوف، بثلاثة أوزان: ١٦٥، و١٧٥، و٢٠٠ غرام».

ويضيف، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «حبوب “الكبتاغون” تأتي في المرتبة التالية، وتخزّن كل مئتي حبة منها في كيس، يُطلق عليه اسم “شد”، يُباع بسعر خمسة وثلاثين ألف ليرة، فيما تباع الحبة الواحدة بثلاثمئة ليرة للمتعاطي». منوهاً أن هنالك «أنواعاً أخرى من الحبوب، مثل “الستفيد” و”السيدوكائين” و”البوباغلين” و”الزلام”».

ويوضح المصدر أن «”الترامدول” يُباع حصراً عبر “خالد العودات”، الملقب بـ”الأسود، من بلدة “تسيل”. وهو يوفّره من مستودعات الأدوية في درعا، ويبيعه بثلاثة الاف ليرة للشريحة التي تُصنع محلياً، وتسعة الاف ليرة للشريحة المصنّعة خارجياً»، لافتاً إلى أن المتعاطين «يفضّلون حبوب “البكسادول”، لأنها لا تسبب الإدمان، على عكس “الترامدول”».

 

حروب العصابات

يؤكد التاجر “توفيق” أن «حروب تجّار المخدرات لم تتوقف في درعا، فشهدت المحافظة عدة عمليات اغتيال، طالت تجّاراً، دون معرفة الجهة المسؤولة وسبب القتل. وتتنوع تبعية التجار، فبعضهم تحت حماية الميليشيات الشيعية أو الأجهزة الحكومية، وآخرون مرتبطون بـ”الفيلق الخامس” المدعوم من روسيا».

ووثقت شبكات إعلامية محلّية، خلال الأشهر السابقة، عدة عمليات اغتيال لعدد من تجار المخدرات. منها «اغتيال “خالد حسن الحشيش”، من بلدة “تل شهاب”، الذي خرج من السجن في عام 2018، ليعود لتجارة المخدرات، التي كان يعمل فيها سابقاً، بالتعاون مع “الخالدي”. وفي نهاية أيلول/سبتمبر الفائت، اغتيل ثلاثة تجار، عُرفوا بارتباطهم بميليشيا “حزب الله”، وهم “مهران السطري” و”عدلي الحشيش” و”منير الرواشدة”».

وأشار “توفيق” إلى أن «”وسيم المسالمة”، المنتمي بعد التسوية لفرع “الأمن العسكري”، قام في شهر أغسطس/آب باحباط تهريب شحنة مخدرات، تعود ملكيتها لـ “أحمد الخالدي”، مكوّنة من مئتي كغ من مادة “الحشيش”، و1,5 مليون حبة “كبتاغون”،  فقام “الخالدي” باغتيال “المسالمة”، عبر تفجير سيارته، رداّ على مصادرة الشحنة».

 

الحكومة السورية في سبات

تقول “عرين تمام”، وهي معلمة في إحدى المدارس، إن «الحكومة السورية لا تأخذ مكافحة تجارة المخدرات على محمل الجد، والأهالي باتوا يرون مدخني مادة الحشيش في الشوارع، دون رادع لهم».

وتضيف “تمام”، في حديثها لموقع «الحل نت»، أن «عديداً من تجّار الحشيش باتوا معروفين للعامة، والجهات الرسمية تغضّ الطرف عنهم». لافتةً إلى أن «مراكز تأهيل المدمنين في المحافظة خالية، وتجارة المخدرات في ازدياد، رغم ارتفاع الأسعار، والظروف الاقتصادية المتردية التي تمرّ بها البلاد».

وتشير “تمام” إلى أن «مديرية أوقاف درعا أطلقت حملة بعنوان “أنت قدها”، لمحاربة تعاطي المخدرات، في نهاية عام 2019، تضمّنت توزيع نشرات توعوية، وخصصت جانباً من خطب الجمعة للتحذير من انتشار وتعاطي المخدرات، لكن الحملة لم تتلق دعماً، وانتهت خلال أيام».

يُذكر أن السلطات اليونانية، في أوائل شهر تموز/يوليو الحالي، صادرت ما وصفته بـ«أكبر شحنة مخدرات مهرّبة في العالم، قادمة من سوريا، تزيد قيمتها عن مليار يورو». وبحسب قوات خفر السواحل اليونانية، فإن «شحنة المخدرات الأكبر في العالم، كانت مخبّأة داخل ثلاث حاويات، وهي مكوّنة من أربعة وثمانين مليون قرصاً مخدراً، بوزن اقترب من أربعة عشر طناً».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.