تشهد قرى وبلدات مدينة #تل_أبيض بريف #الرقة الشمالي، الخاضعة لسيطرة #الجيش_التركي، والفصائل السورية المسلحة الموالية له، انفلاتاً أمنياً واسعاً، تجلّى بعدة مظاهر، أهمها التفجيرات المتواصلة، التي تستهدف الأسواق والأماكن السكنية المكتظة، مخلفة كل مرة عشرات القتلى والجرحى من المدنيين.

وتصاعدت حالة الفوضى مع ازدياد الاشتباكات اليومية بين عناصر #الجبهة_الشامية، صاحبة اليد الطولى في المنطقة، ومقاتلي الفصائل الأخرى، إثر صراعات على النفوذ، وخلافات على المسروقات والإتاوات المفروضة على الأهالي، فضلاً عن تكرار عمليات القتل والسطو المسلح، التي غالباً ما يكون المدنيون وممتلكاتهم ضحاياها، وسط غياب تام للأجهزة الأمنية والشرطة في المنطقة.

 

الأمان معدوم

“جمال خليل”، من سكان مدينة تل أبيض، قال لموقع «الحل نت» إن «الأمان في المدينة ونواحيها معدوم بشكل كامل خلال الأونة الأخيرة، فالذهاب إلى السوق لشراء بعض الحاجات بات أمراً مخيفاً، وخاصة مع التفجيرات المستمرة التي تستهدف الأسواق، إلى جانب عمليات السطو أو الخطف التي قد يتعرض لها أي مدني، فالمدينة تعجّ بمسلحين من كل المحافظات السورية، وتنتشر حواجزهم في كافة شوارعها الفرعية والرئيسية، ووظيفة الحاجز الأساسية تحقيق دخل مادي لعناصر الحاجز وقاداته، دون الاكتراث لتفتيش السيارات والمركبات التي تدخل المدينة، والبضائع المحملة فيها، ومعرفة إن كانت تحتوي على متفجرات أو أسلحة»، وفقاً لقوله.

من جانبه قال “حسين الإبراهيم”، وهو صاحب متجر في المدينة،  لـ«الحل نت» إن «عمليات التفجير تكررت بكثرة عقب سيطرة الجيش التركي والفصائل التابعة له على المدينة، وكان آخرها التفجير الذي استهدف منطقة “ساحة الفرن”، التي تعجّ بالمدنيين، وراح ضحيته خمسة عشر مدنياً بين قتيل وجريح، ومن ضمنهم نساءٌ وأطفال»، مشيراً إلى أن «التفجيرات تحصل بشكل شبه أسبوعي وبسهولة تامة، بسبب انشغال الفصائل بالخلافات بينها، دون الاكتراث لأمن وسلامة المدنيين»، وفق تعبيره.

فيما اتهم “محمد الحمود”، وهو ناشط من مدينة تل ابيض، خلال حديثه مع موقع «الحل نت» «عناصر الفصائل الموالية لتركيا بتنفيذ تلك التفجيرات، لتصفية الحسابات فيما بينها، فتسعى كل منها لسحب البساط من الأخرى، وخير دليل على ذلك الاشتباكات المستمرة بين “الجبهة الشامية” و”أحرار الشرقية”، إلى جانب التهديدات التي يوجهها قادة كل فصيل للآخر، على مسمع المدنيين في المنطقة».

مضيفاً أن «الواقع الذي يعيشه المدنيون الآن، من فوضى وانفلات أمني وقتل وسرقات، يعكس الهشاشة الأمنية في شمال سوريا، القابع تحت سيطرة القوات العسكرية التركية، العاجزة منذ تواجدها عن حماية المدنيين من التفجيرات المستمرة».

واختتم حديثه بالقول إن «وزارة الدفاع التركية توجه أصابع الاتهام للمقاتلين الكرد مثل العادة، في الوقت التي تغضّ فيه البصر عن انتهاكات وتجاوزات عناصر الفصائل، التي تدعمها، تجاه المدنيين في المنطقة».

ولم تقتصر التفجيرات في مناطق سيطرة الفصائل المسلحة على تل أبيض، بل ووصلت إلى ريف #حلب أيضاً، حيث استهدفت سيارة شاحنة مفخخة ومحملة ببراميل مازوت، أواخر نيسان/إبريل الماضي، مدخل “سوق الشعب”، بشارع “راجو” وسط مدينة #عفرين، وخلّفت مئة ضحية بين قتيل وجريح، وفقاً لـ”المرصد السوري لحقوق الإنسان”.

 

الاشتباكات بين الفصائل

يقول “يحيى السويلم”، من وجهاء المدينة، إن «تكرار الاشتباكات بين صفوف فصائل المعارضة المسلحة في المنطقة، سببه الخلافات بين العناصر على تقاسم المسروقات، التي يتم سلبها من المعامل والمنشآت ليلاً، والإتاوات التي تُفرض على المحال التجارية نهاراً. وينجم عن هذه الاشتباكات قتلى وجرحى في صفوف مقاتلي الفصائل، إضافة لسقوط ضحايا من المدنيين، ودمار في الممتلكات العامة والخاصة، في ظل غياب الأجهزة الامنية، أو أي جهة قادرة على ضبط الأمن»، وفقاً لقوله.

وذكر “السويلم”، في حديثه لموقع «الحل نت»، مثالاً عن تلك الاشتباكات: «عشرة ضحايا سقطوا خلال اشتباكات بالأسلحة المتوسطة والخفيفة، اندلعت بين “الجبهة الشامية” وفصيل “فيلق المجد”، أوائل الشهر الجاري، بعد رفض الأخير الخروج من مبنى المصرف الزراعي، الذي يتخذه مقراً لعناصره ومستودعاً لمسروقاته، ما تسبب بمقتل عنصرين من “فيلق المجد”، إضافة لسقوط عشر ضحايا آخرين في صفوف المدنيين».

 

عمليات السطو والسلب

إضافة لكل ماذكر، تشهد المدينة أيضاً تكرر عمليات السطو المسلح على المحال التجارية، وسلب المدنيين ليلاً، بحسب “عبد الرزاق الخلدون”، صاحب متجر بيع جملة، والذي تحدث لـ«الحل نت» قائلاً: «أقوم بإغلاق متجري قبيل حلول الظلام، خوفاً من عمليات السطو التي تستهدف المحال التجارية الكبيرة في المدينة، ففي كل أسبوع نسمع عن متجر تم السطو عليه، وفي حال المقاومة قد نتعرض للقتل، فلا توجد في المدينة جهة أمنية قادرة على حمايتنا وحماية ممتلكاتنا، على الرغم من فرض الفصائل مبلغا مالياً علينا كل شهر، بحجة حمايتنا من السرقة».

وأطلقت تركيا عملية “نبع السلام” شمال شرقي سوريا، في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 2019، بالتعاون مع فصائل المعارضة المسلحة، وسيطرت الفصائل بعدها على مدينتي تل أبيض ورأس العين في ريف الرقة الشمالي، فضلاً عن عشرات القرى بمحيط المدينتين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.