بعد كل ما لحق بها من أضرارٍ جسيمة عام 2015 جراء القصف والتفجيرات التي طالت المنطقة، رُمّمت #الكاتدرائية_المارونية في مدينة #حلب، حيث تمثّل واحدة من علامات الأمل النادرة للطائفة المسيحية في #سوريا، والتي يزداد وضعها تدهوراً في هذا البلد.

فبعد مرور تسعة أعوام على بدء الحرب السورية، فَقَدَت مدينة حلب التي شهدت فصولاً طويلة من الاشتباكات، أربعة أخماس سكانها المسيحيين. ومن المذاهب والكنائس المختلفة، فإن مسيحيو حلب ليسوا سوى بضع عشرات الآلاف، أغلبهم مُسنّون، والشباب منهم غالباً ما فروا من البلاد التي مزقتها الحرب.

لكن وعلى الرغم من هذا الوضع المؤسف، فقد افتتحت كاتدرائية المدينة المارونية في 20 تموز الجاري. فالحدث لم يكن للاحتفال ببناء كاتدرائية القديس إيليا، ولكن بترميمها بعد الأضرار الجسيمة التي تعرضت لها بسبب القصف، حيث كان قد دُمّر السقف بشكل كبير.

ويقول نيافة الأب “جوزيف طوبجي”، رئيس أساقفة حلب المارونيّة، مبتهجاً: «إنها علامة أمل بعد الشعور بفقدان كل شيء. نحن بحاجة إلى إرسال رسالة إيمان لإظهار أن المسيحيين الشرقيين ما زالوا موجودين في حلب وأن الموت لا يخيم علينا». وبالنسبة للأب “طوبجي”، «ليس عدد المؤمنين هو المهم، بل نوعية الإيمان، فالحواريون لم يكونوا سوى اثنا عشر فقط».

إعادة إعمار «طبق الأصل»

كان “فانسنت جيلو” المسؤول عن سوريا في جمعية (مؤسسة المشرق) المعنية بمساعدة مسيحيي الشرق، إلى جانب الأب “طوبجي” عندما تمكن هذا الأخير من العودة، بعد عدة سنوات، إلى الكاتدرائية المارونية في شهر كانون الأول 2016، عندما استعادت #دمشق سيطرتها على المدينة.

ويتذكر “جيلو” قائلاً: «لقد كان الأب “طوبجي” متأثراً للغاية، وأخبرته أننا سنساعده». ويؤكد أنه حتى قبل إعادة بناء منازلهم أو متاجرهم، التمس مسيحيو مدينة حلب ترميم الكاتدرائية. «بالنسبة للموارنة، تمثل الكاتدرائية رسوخهم في المدينة وتظهر هويتهم»، يتابع “جيلو”.

وفي سبيل احترام هذه الهوية، أُعيد بناء الكاتدرائية بنفس الطريقة التي بنيت فيها بالأصل. ويقول المسؤول في (مؤسسة الشرق): «لم يكن من السهل إيجاد اليد الفنية الماهرة، لذلك جاء المهندسون المعماريون بشكل خاص من #إيطاليا للمساعدة في إعادة الإعمار وتم استيراد الهيكل نفسه من شبه الجزيرة الإيطالية».

وبالإضافة إلى (مؤسسة الشرق)، ساهمت منظمة “معونة الكنيسة المنكوبة” الكاثوليكية في جمع الأموال اللازمة لهذا المشروع، حيث جمعت ما يقارب من مليون يورو.

وعلى الأغلب، لن يكون الكاثوليك الموارنة وحدهم من سيحتفلون بإعادة فتح كاتدرائية حلب، حيث يقول “فابريس بلانش”، عالم الجغرافيا والخبير في الشؤون السورية: «يمكن لحكومة #بشار_الأسد أن تغتنم الفرصة لتسوّق لنفسها مرة أخرى كحامية للأقليات. كما يمكن لدمشق أن تستخدم إعادة افتتاح الكاتدرائية لإدانة سياسة العقوبات الأميركية التي تجعل السكان يعانون وسيؤدي حتماً إلى استمرار هجرة الأقليات».

الوضع أسوأ مما كان عليه في أحلك ساعات الحرب

إذا لم يكن من المقرر أن يحضر “بشار الأسد” شخصياً عند الافتتاح، فلا يمكن استبعاد ذلك تماماً. وفي هذه الحالة، يرى “بلانش”  أنه سيكون للاحتفال بالعودة الكاملة لمدينة حلب إلى حظيرة الأسد، وبذلك سيتجاوز الحدث مسألة حماية المسيحيين.

وسيكون الحدث أكثر أهمية، لأن “بشار الأسد” لم تطأ قدمه حلب منذ نهاية عام 2016. «يبدو أن الروس يعارضون عودته حتى يفهم الأسد أنه مدين لهم بالنصر»، يتابع “بلانش” تحليله.

أما بالنسبة للسكان، فإن الوضع بات أكثر مأساوية، حيث تدهورت الليرة السورية بشكل كبير، في الوقت الذي يبدو فيه أن الأزمة في لبنان المجاورة تزداد سوءً يوماً بعد آخر.

يقول الأب “طوبجي”: «لبنان هو المتنفس الوحيد لنا، لكنه ينهار أيضاً». ويضيف المسؤول في (مؤسسة الشرق) أن «الوضع الاقتصادي في حلب أسوأ مما كان عليه في أحلك ساعات الحرب».

 

المصدر: (La Croix)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.