العلم يبرئ لباس المرأة ومظهرها.. أسباب التحرش من وجهة نظر “علم النفس”

العلم يبرئ لباس المرأة ومظهرها.. أسباب التحرش من وجهة نظر “علم النفس”

“Me too” (أنا أيضاً)، وسم أطلقته الممثلة الأميركية “أليسا ميلانو” على حسابها في تويتر، موضحةً أنه دعوة للنساء، لمشاركة الاعتداءات والتحرشات الجنسية التي تعرضن لها.

وبعدما تمكنت حملة (أنا أيضاً)، من فضح الكثير من رجال السياسة والأعمال والفن، وأجبرت بعضهم على ترك المهن والمناصب التي شغلوها، واستخدموها كغطاء لاعتداءاتهم، شعرت النساء في العالم  بأهمية وسائل التواصل الاجتماعي في التأثير على المجتمع وتغيره، وتجرأت النساء في العالم العربي على فضح المتحرشين بهن ولو في عوالم افتراضية، علها تكون بدايةً لحصولهن على حقوقهن في الواقع، في خضم هذه المعركة التي تخوضها النساء حديثاً في الشرق، وهن يتحملن ضغط المجتمع من جهة، وعبء تجربة تعرضهن للتحرش أو الاعتداء من جهة أخرى، تظهر بعض الأصوات التي  تحاول إلصاق سبب التحرش بالنساء أنفسهن، سواء من خلال طريقة لباسهن، أو المكان الذي يمشين به، أو الساعة التي يخرجن خلالها، محاولة قلب الأدوار وتحويل الضحية إلى جلاد.

لكشف الغطاء عن شخصية المتحرش، وللتعرف أكثر على أسباب التحرش من وجهة نظر “علم النفس”، كان لنا اللقاء التالي مع المعالجة النفسية “أسيمة مرشد”.

بدايةً، من هو المتحرش؟

المتحرش ممكن أن يكون أي شخص، قد يكون مثقف أو جاهل، فقير أو غني، في مقتبل العمر أومسن، ممكن أن يكون من أي بيئة أو مجتمع، ولكن عادةً يشترك المتحرشون بصفات نفسية وأخلاقية حددها علماء النفس، منها الاندفاع العدواني نحو المجتمع، والشعور بالهيمنة والسيطرة على الضحية، انعدام التعاطف مع الآخرين، الاعتقاد أنه محط إعجاب، تضليل الأنا العليا أو الضمير، وهذه الصفات تجتمع بالشخصية النرجسية والسيكوباتية، إضافة إلى انخفاض تقدير الذات.

كما يتصف المتحرش بالنظرة المشوهة عن الجنس والمرأة، حيث يعتقد أن النساء متاحات، وأن النساء يرغبن بممارسة الجنس معه، حتى وإن عبرن عن رفضهن لذلك.

هل يمكن اعتبار المتحرش مريض أو مضطرب نفسياً؟

في بعض الحالات، نعم، يكون المتحرش مضطرب نفسياً، لكن بعض المجتمعات التي تخلق غطاء يبرر التحرش ويشجع عليه، يمكن أن يكون لها دور في تشجيع الشخص الغير مضطرب نفسياً على تفريغ رغباته الجنسية بواسطة التحرش.

ماهي أسباب التحرش؟

توجد أسباب فردية، هي معاناة المتحرش من العدوانية والاضطرابات النفسية، كما أن بعض المتحرشين تعرضوا للتحرش في صغرهم ولم يستطيعوا التخلص من العبء النفسي لهذه التجربة القاسية، هؤلاء قد يتقمصون شخصية المعتدي، ويتحولون بدورهم إلى متحرشين.

وتوجد أسباب مجتمعية، مرتبطة بالقوانين التي تتساهل مع المغتصب وتبرر اعتداءه، والنظرة الدونية والعنصرية للمرأة، حيث تعتبر بعض المجتمعات أن جسد المرأة ملكية خاصة للذكور، بينما يعتبر الشارع والأماكن العامة ملك الرجل.

عامل الفقر والاكتظاظ السكاني له دور أيضاً، ففي الهند والباكستان أعلى نسب التحرش، وكذلك المجتمعات التي تعاني من الحروب، تنهار فيها القيم الاخلاقية ويتفكك فيها القانون، وتشترك المجتمعات التي تنتشر فيها التحرش بعدم احترام المرأة، وعدم وجود قوانين صارمة لحمايتها.

هل المتحرش بالنساء هو ذاته المتحرش بالأطفال؟

ليس بالضرورة، لكن المتحرش بالنساء قد يكون لديه رغبة بالتحرش بـ (الأطفال الإناث)، لكن ليس بالضرورة أن يتحرش بالأطفال الذكور، بسبب اختلاف الميل الجنسي.

ما سبب اختلاف محددات التحرش بين المجتمعات، ففي الغرب يعتبر مجرد النظر أو إلقاء الكلام بطريقة معينة تحرشاً، في ذات الوقت يبدأ التحرش في بعض المجتمعات الشرقية من اللمس؟

يعود ذلك إلى فعالية نشاط الحركة النسوية في أوروبا وأمريكا، والمستمر منذ سنوات طويلة، مما مكن المجتمعات الغربية من الوصول إلى تعريفات وقوانين أدق قادرة على تحديد مفهوم التحرش والعنف الجندري، بنظرات أو كلام أو محاولة تماس أو ملامسات غير مرغوبة من قبل الطرف الآخر،  في المقابل لا يزال عمل الحركات النسوية والحقوقية في المجتمعات الشرقية غير فعّال بالدرجة المطلوبة، لأن القوانين الاستبدادية و الذكورية السائدة تعيق تقدم هذه الحركات، حتى أن بعض المجتمعات العربية تبرر الاغتصاب وتجبر الضحية على الزواج من مغتصبها!

ما هو التفسير النفسي للوم ضحية التحرش لنفسها؟

تعاني ضحية التحرش أو الاغتصاب من صدمة نفسية تختلف حسب اختلاف شدة التجربة، ومن مراحل الصدمة “الغضب” الذي يمكن أن توجهه إلى ذاتها، أو نحو المجتمع، ويرافق الغضب شعور بالذنب وتأنيب الضمير ولوم النفس.

غالباً ما تلوم النساء أنفسهن، لأنهن لم يدافعن عن أنفسهن كما يجب، أو يلمن أنفسهن على نوع لباسهن، وفي المجتمعات الشرقية تكون الصدمة مضاعفة عند الضحية، لأن المجتمع نفسه يلومها عوضاً عن التعاطف معها، لأن هذه المجتمعات تحاول تطهير الرجل من الرذيلة حتى وإن كان متحرشاً وتلوم الضحية، ومع الأسف تتماهى المرأة في أكثر الحالات مع ذلك وتبدأ بالاعتقاد بأنها هي السبب.

وهذا ما يفسر قلة إحصائيات حالات التحرش وعدم دقتها في هذه المجتمعات، بسبب خوف الضحية من وصمة العار التي سوف تلاحقها من قبل المجتمع، ولذلك لا يمكن الوصول إلى إحصائيات دقيقة تتعلق بالتحرش في المجتمعات الشرقية والعربية تحديداً، لكنها بلا شك من أعلى المجتمعات بنسب التحرش، بسبب توافر الصفات التي ذكرتها سابقاً عن المجتمعات التي تنتشر فيها ظاهرة التحرش.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.