وثق عدد من المنظمات الإنسانية، العاملة في الشمال السوري، حالات نزوح لنساء وعائلاتهن من منطقة #عفرين، خوفاً من الانتهاكات الجنسية، التي يمكن أن يتعرضن لها من قبل مسلحي الفصائل السورية المعارضة، الموالية لتركيا.

ويرى كثير من المختصين أن تصاعد العنف الجنسي في #الحرب_السورية سيخلّف آثاراً نفسية واجتماعية كارثية على سكان البلاد، بكافة فئاتهم وأجناسهم.

 

الاغتصاب تحت الابتزاز

قررت “روجين”، وهو اسم مستعار لسيدة في العقد الثالث من العمر، الفرار من مدينتها عفرين، بعد ابتزازها وزوجها من قبل مسلحي #فرقة_السلطان_مراد، المسيطرين على المنطقة وريفها، منذ آذار/مارس 2018، وتهديدها بقطع رأس زوجها وأطفالها الثلاثة أمامها، وزجها في السجن بتهمة ممارسة السحر والشعوذة، أو السماح لهم باغتصابها، في أي وقت يحضرون به إلى منزلها.

تقول “روجين”، التي كانت تعمل مصففة شعر، في حديثها لموقع «الحل نت»: «كنت أصبغ شعر جارتي حين اقتحموا مكان عملي بأسلحتهم، وطالبوا جارتي بدفع مبلغ أربعة ملايين ليرة سورية، مقابل اسقاط تهمة ممارسة السحر والشعوذة عنها، ولكنهم لم يطلبوا مني مالاً، بل ابتزوني لممارسة الجنس معهم».

اضطرت “روجين” لمسايرة المسلحين، وأوهمتهم بقبولها عرضهم، وطلبت منهم أن يحضروا مساء اليوم الثاني، فيما دبّرت مع زوجها طريقة للهرب من المنطقة على عجالة في ذات الليلة، وتضيف: «اتفق زوجي مع مهرب، أوصلنا لمناطق “الشهباء”، مقابل مبلغ 1250 دولاراً».

 

اتفاقيات دولية غير فعّالة

حالة “روجين” ليست استثنائية، بل هي مثال عما تعرّض له عدد من النساء الهاربات من الابتزاز الجنسي، تم توثيق قصصهن من قبل “منظمة حقوق الانسان في عفرين” المستقلة، التي تنشط في منطقة “الشهباء” المتاخمة لعفرين. يقول “ابراهيم شيخو”، مدير المنظمة: «وثّقنا خلال الفترة القليلة الماضية، هروب خمس عشرة سيدة من عفرين، بسبب العنف الجنسي الذي تمارسه الفصائل بحق النساء، لاسيما المعتقلات منهن».

وكشف “شيخو”، في حديثه لموقع «الحل نت»، عن «إجبار قائد أحد الفصائل أرملةً قاصراً على الزواج به، بعد اقتحامه، مع خمسة عشر عنصراً من مسلحيه، منزل عائلة زوجها، الذي كانت تعيش فيه، وتزوجها عنوة مقابل تأمين خروج آمن لطفلها وعائلة زوجها من المدينة».

وأشار “شيخو” إلى أن الاغتصاب «بات الشبح الأساسي الذى يهدد كل امرأة في مدينة عفرين، والانتهاكات تفوق التوقعات، ولابد من محاسبة المسئولين عنها».

ويشير شيخو إلى وجود «عشرين اتفاقية دولية لحماية النساء، لاسيما في زمن الحرب، أهمها “تشريع روما لعام 2002″، والذي صادقت عليه أكثر من ستين دولة، والقاضي بإنشاء “محكمة الجنايات الدولية” في لاهاي، التي تنظر في جميع أشكال الانتهاكات، ومن ضمنها الاغتصاب، وتمنح الضحايا الحق في المشاركة في الإجراءات القضائية، من أجل الحصول على تعويضات عن الأذى الذي لحق بهم. لكن إلى الآن لم يحاسب المجرمون على جرائمهم، و ما يزالون مستمرين في ارتكابها».

 

اغتصاب وإعاقة

تنقل “روجين” بعض  صور الانتهاكات التي لازالت تعيشها عفرين، خاصة نسائها المختطفات، مؤكدة أن «مسلحي “فرقة السلطان مراد” و”فرقة الحمزة” و”لواء سمرقند”، يطلبون من ذوي المعتقلات فدى مالية كبيرة، تصل احياناً لعشرة آلاف دولار، وسرقوا ونهبوا ممتلكات الأهالي، وقتلوا عديداً من المدنيين وسجنوهم، بتهمة التعامل مع #الإدارة_الذاتية، وفرضوا إتاوات على من تبقى منهم، وخطفوا مئات النساء والقاصرات، اللواتي احتجزن في أماكن سرية».

تقول “سعاد حنان”، المتحدرة من قرية “جنديرس” في ريف عفرين، والتي تعيش اليوم في مدينة #الحسكة، إن «ابنة عمها، ذات العشرين ربيعاً، خُطفت ثلاث مرات من قريتها. وعثرت عليها عائلتها قبل شهور، في مشفى بمدينة #إدلب، وهي فاقدة الذاكرة، وفي حالة نفسية وجسدية يرثى لها، بعد تعرّضها لاغتصاب جماعي، وتعذيب شديد، بدت آثاره باديةً على جسدها».

 

الاغتصاب سلاح الحروب

يرى الدكتور “آرام حسن”، المتخصص النفسي، ومدير “مركز كوتيم للصدمات النفسية “، أن «العنف الجنسي سيستمر حتى في فترة ما بعد انتهاء الصراعات»، مشيراً إلى أن «رجالاً كثيرين  تكيّفوا نفسيا مع ممارسة العنف».

ويحذّر “حسن”، في حديثه لموقع «الحل نت»، من «تداعيات وتأثيرات العنف النفسية والاجتماعية، واستمرارها لأمد طويل، مثل العار الاجتماعي؛ حالات الحمل المفروضة قسراً؛ الأطفال الذين سيولدون جراء عمليات الاغتصاب، ورفض المجتمع لهؤلاء الأطفال؛ الأمراض المنتقلة جنسياً، بما فيها الإيدز؛ الانتحار، أو الانتحار الإجباري تحت ضغط الأزواج أو أفراد من العائلة».

 

لجنة تقصي الانتهاكات

وطالبت عشرين منظمة وجمعية حقوقية ومدنية، ومنصات اعلامية معنية بالشؤون الانسانية وتوثيق الانتهاكات، في أواخر شهر أيار/مايو الماضي، #الأمم_المتحدة بـ«تشكيل لجنة تحقيق وتقصٍّ للحقائق والانتهاكات الخاصة بالجرائم، التي تُرتكب في عفرين، والمناطق السورية التي احتلتها الحكومة التركية، بغية توثيقها وإحالتها إلى الجهات الأممية المختصة». وشددت المنظمات، في رسالة وجهتها خلال وقفة احتجاجية أمام مبنى الامم المتحدة في مدينة #القامشلي، على «ضرورة تحرّك المجتمع الدولي لوضع حدّ لتلك الجرائم، ومحاسبة المتورطين بها».

وطالبت المنظمات في بيانها «الهيئات الحقوقية والدول الأوربية بضرورة ممارسة المزيد من الضغط على #تركيا، للقيام بواجباتها والنهوض بمسؤولياتها، بوصفها دولة احتلال، في حماية المدنيين». ودعت #مجلس_الأمن إلى «وضع تلك المناطق تحت الحماية الدولية، لحين إيجاد حلّ سياسي شامل للأزمة السورية».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة