بعد ستِ سنوات على «مذبحة الإيزيديين» على أيدي جهاديي تنظيم #داعش، بات الكاكائيون هدف التنظيم الرئيسي في العراق. فاليوم، لا يزيد عدد الكاكائيين عن ربع مليون نسمة، ولم يتم الاعتراف بهم حتى كأقلية.

ويسمى دينهم (يارسانيا)، أي محبة الله، وكذلك يدعون بـ “أهل الحق” من قبل الإيرانيين والعرب، ولكن في نظر السلطات، يعتبر الكاكائيون مسلمون. ويعلم الشباب الكاكائي بأن هذا جهد منهجي لطمس هويتهم وتسريع اندماجاهم، مما يؤدي إلى أسلمتهم في نهاية المطاف.

في الثالث من أغسطس آب 2020، تمت مراسم الحداد في العديد من الأماكن حول العالم، بعد ست سنوات من الهجوم المروّع الذي شنه تنظيم داعش على الطائفة الإيزيدية في #جبال_سنجار (شنغال)، شمال غربي العراق، تخليداً لذكرى الضحايا.

وحتى اليوم، لا يزال نحو ثلاثة آلاف من الإيزيديين محتجزين كعبيد لدى التنظيمات المتطرفة في سوريا والعراق، وعلى وجه الخصوص في تركيا. ومع ذلك، لا يكاد أي شخص يذكر الأقلية الصغيرة التي تقترب من حافة الانقراض، الكاكائية، أو كما يطلق عليها باللغة العربية “أهل الحق”، حيث تظهر هجمات تنظيم داعش بحق هذه الأقلية علامات إحياء مثيرة للقلق هذه الأيام.

لم يتم الاعتراف بالإيزيديين في جميع أنحاء العالم حتى عام 2014، عندما اعتبرت #الأمم_المتحدة بأنهم تعرضوا لـ “الإبادة الجماعية”. وحصلت الناشطة الإيزيدية #نادية_مراد على #جائزة_نوبل. ومع ذلك، فإن معظم الإيزيديين لم يتلقوا المساعدة حتى للهروب من مخيمات اللاجئين، حيث تم احتجازهم.

وينظر الجيران المسلمون منذ قرون إلى الإيزيديين على أنهم “عبدة الشيطان”، على الرغم من أن دينهم هو مزيج صوفي من الإسلام، ودين النور والنار الفارسي القديم، وحتى أنه يحتوي على جزء صغير من الديانة اليهودية.

ومع ذلك، يبدو أن الإيزيديين محميين إلى حد ما في المستقبل المنظور من الانقراض، حيث أن تعاطف المجتمع الدولي معهم بات مضموناً. لكن، ليس هذا هو الحال مع الكاكائيين، الذين لم تسمع وسائل الإعلام باسمهم حتى.

ولا يتجاوز عدد الكاكائيين ربع مليون نسمة في العراق، أي حوالي نصف عدد الإيزيديين، وعلى عكسهم، لا يتم الاعتراف بالكاكائية كأقلية مع حقوق الحماية.

فهم مسجلون كمسلمين في السجلات الرسمية. وقد مُنِحوا مقعد واحد فقط لهم في برلمان #إقليم_كردستان العراق. إنهم ينتمون إلى دين يزيد عمره عن 700 عام، اليارسانيا (محبة الله). وهم يحتفظون بحرص، حتى أكثر من العلويين والدروز، بأسرار هذا الدين. وقد تم إطلاق اسم الكاكائيين عليهم منذ أجيال، لأنهم يشيرون إلى شخصياتهم المرموقة بمصطلح “كاكا”، والذي يعني باللغة الكردية أخي.

وقد شنّ تنظيم داعش سلسلة من الهجمات القاتلة على الطائفة الكاكائية، لاسيما حول مدينتهم الرئيسية، #داقوق بمحافظة #كركوك. وترى الكاكائيون اليوم يفرون من معظم القرى التي يعيشون فيها، ويميلون إلى إخفاء انتمائهم الديني، حتى الشوارب المفتولة، علامتهم الفارقة، بات يتعين عليهم حلقها.

أما أولئك الذين قرروا البقاء في منازلهم، لأنهم لا يقوون على السفر والتشرد على الطرقات، فقد باعوا بالفعل حقولهم التي تقع في المناطق المنعزلة خشية من تصفيتهم بعيداً عن الأنظار.

كما هجر الكاكائيون أماكن عبادتهم، لأنها باتت هدفاً دائماً لهجمات التنظيم. ويشكو نشطاء الكاكائية الشباب من أن هذه عملية منظمة للقضاء على هوية الكاكائيين وتسريع دمجهم بهدف أسلمتهم في نهاية المطاف.

حتى أن الكتيبة الصغيرة، التي شكلوها في محاولة للدفاع عن أنفسهم ضد هجمات تنظيم داعش، قد تبخّرت. كذلك أعلن “رجب كاكائي”، أحد زعماء الطائفة، مؤخراً، في حديث له على قناة كردستان 24، أن «التركيبة السكانية لمنطقتهم تتغير نحو الأسوأ».

إنهم عالقون اليوم بين مطرقة تتظيم داعش، الذي لا يتوانى عن إبادتهم، وسندان السلطات العراقية التي تمنع تدريس اللهجة الكاكائية. وقد منعت مؤخراً “روبير رشيد”، مغني الطائفة، من تسجيل أياً من أغانيه بلغتهم.

ولعل مأساة الكاكائيين تتمثل كذلك بأنهم يعيشون في مناطق متنازع عليها بين الحكومة الكردية والحكومة المركزية في بغداد، “الأرض الحرام” حيث لا يوجد حكم حقيقي. وقد دعا زعيم الطائفة، “ناصر حيدري”، إلى حماية قرى شعبه، لكنه لم يتلق حتى الآن أي رد من أي طرف.

وهكذا وأمام أعين الجميع، يتم سحق أمة صغيرة وقديمة وذات خصوصية بخطى سريعة إلى حدٍّ ما، وإذا هجّر الكاكائيون من آخر القرى التي يقطنونها، فسيكون مصيرهم الانقراض.

 

المصدر: (JForum)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.