إن أكبر عقبة أمام الإصلاح في العراق، هي اعتماد البلاد الساحق على النقد، الذي يصعب تتبعه، وبالتالي أكثر عرضة لغسل الأموال. كما أن نقل المزيد من العراقيين إلى النظام المصرفي، حيث تترك المدفوعات رقماً قياسياً يمكن التحقق منه، كان هدفاً من دعاة مكافحة الفساد في البلاد لسنوات.

لكن الانتقال من السيولة محفوف بالمخاطر بحد ذاته: التقنيات الجديدة عرضة للاستحواذ عليها من قبل الفئة ذاتها والذين يمكنهم تحويلها إلى أدوات أكثر فاعلية لغسل الأموال.

وتقدم واحدة من أكثر خطط الاختلاس وقاحةً في العراق صورة شبه كاملة لهذا الخطر، حيث يتضمن استخدام وسيلة تسمى بطاقة Qi Card، والتي كانت تهدف إلى توجيه الدولة نحو المدفوعات الإلكترونية.

سجّل الحشد الشعبي حوالي 70 ألف جندي “جندي شبح” للمدفوعات الإلكترونية عبر بطاقة Qi Card.

وتم تطويرها من قبل شركة تسمى البطاقة الذكية الدولية، وهي تسمح للموظفين الحكوميين والمتقاعدين بالحصول على معاشاتهم الشهرية نقداً في أي من آلاف المحطات في جميع أنحاء البلاد.

إنه ابتكار شعبي: قبل ظهور بطاقة Qi Card في عام 2007، كان على الموظفين الانتظار في الطابور لساعات خارج أحد البنوك الحكومية للحصول على رواتبهم.

وتتنافس الشركة الآن مع شركات بطاقات صغيرة أخرى، وتعلن على لوحات إعلانية ضخمة تحت شعار “انضم إلى أكبر عائلة”. إنها تقدم نفسها كشركة تقنية محلية تساعد في إدخال العراق إلى عصر المعلوماتية، مع صور على موقعها على الإنترنت لعمليات التسجيل البيومترية والعملاء السعداء الذين يسددون المدفوعات النقدية.

لكن ارتباطها بكشوف مرتبات الدولة أعطتها قوة هائلة، ففي عام 2019، ووفقاً لتقرير صادر عن البنك المركزي، دفعت الحكومة ما يقرب من 47.5 مليار دولار لموظفيها وأصحاب المعاشات التقاعدية، وهو مبلغ ضخم لبلد بحجم العراق، وذهب معظم ذلك من خلال Qi Card.

ويبدو أن هذه الشركة تعمل بدون إشراف تقريباً، وفقاً لعدد من المسؤولين العراقيين ووثائق وزارة المالية العراقية والبنك المركزي. فقد تجاوزت الشركة مطلباً قانونياً لدمج نظام الدفع الخاص بها مع شبكة الدفع الوطنية للبطاقات، وهذا سيسمح للبنك المركزي بمراقبة معاملاتها.

 عمليات السرقة تتم في سرية تامة من قبل شخصيات قوية ذات علاقات عميقة مع إيران، بما في ذلك أبو مهدي المهندس الذي اغتيل بداية 2020.

وتصف الوثائق الجهود المحبطة لشركة بطاقة Qi Card على معاملاتها، إلى جانب شكاوى المتقاعدين العراقيين الذين يقولون أن Qi Card قد استُخدمت للتخلص من رواتبهم.

ويقول الرئيس التنفيذي لشركة Qi Card، الذي تم التواصل معه عبر البريد الإلكتروني، إن الشركة تلتزم بجميع اللوائح ذات الصلة وأن معاملاتها تخضع للمراقبة المباشرة من قبل البنك المركزي، بالإضافة إلى مراجعتها بشكل دوري من قبل شركات مستقلة.

وتحت هذا التعتيم على البيانات، يتم استخدام بطاقة Qi Card من قبل شخصيات الميليشيات المدعومة من إيران والذين يديرون مخطط “الموظفين الأشباح” على نطاق واسع لسرقة مئات الملايين من الدولارات من الرواتب الحكومية، بحسب العديد من المسؤولين الحكوميين، بما في ذلك شخص قريب من المكتب المالي للحشد الشعبي.

ويقول هذا الأخير أن الحشد سجل حوالي 70 ألف جندي “جندي شبح” للمدفوعات الإلكترونية عبر بطاقة Qi Card. وليس من الواضح ما إذا كان هذا قد تم بمعرفة مديري Qi Card أو بدون علمهم.

وكان “الجنود الأشباح” مخططاً قياسيًا لتجميع الثروة لضباط كبار في الجيش والشرطة العراقية لسنوات، ولكن يبدو أن Qi Card قد سمحت بنقل هذه الخدعة إلى مستوى أعلى.

ويبلغ متوسط ​​راتب أحد أعضاء الحشد حوالي 1000 دولار شهرياً  مما سيجعل إيرادات المخطط أكثر من 800 مليون دولار سنوياً. ويقول أحد المسؤولين أن هذه العملية تمت في سرية تامة من قبل شخصيات قوية ذات علاقات عميقة مع إيران، بما في ذلك #أبو_مهدي_المهندس، زعيم الميليشيا الذي اغتيل في شهر كانون الثاني الماضي مع #قاسم_سليماني.

وتحقق Qi Card كذلك أرباحاً هائلة من الرسوم التي تفرضها على المعاملات الإلكترونية. ويقول مسؤول عراقي كبير آخر أن بعض هذه الأرباح يتم تقاسمها مع شخصيات بارزة أخرى تدعمها إيران.

وقد نأى مؤسس Qi Card، وهو رجل أعمال يدعى بهاء عبد الهادي، نفسه عن التدقيق والنقد لسنوات من خلال إقامة علاقات تجارية مع أقوى الشخصيات في العراق، بما في ذلك قادة الميليشيات الذين تربطهم علاقات وثيقة بإيران.

وواحد منهم هو #عمار_الحكيم، وهو رجل دين شيعي بارز وثري سياسي. وآخر هو #شبل_الزيدي، الأمين العام لميليشيا تدعى كتائب الإمام علي، الذي أصدرت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات ضده عام 2018 بسبب تعاملاته المالية مع #الحرس_الثوري وحزب الله.

وشخصية ثالثة هي ناصر الشمري، زعيم جماعة أخرى مدعومة من إيران تسمى حزب الله #النجباء. وقد نفى متحدث باسم Qi Card علاقة عبد الهادي بالحكيم أو الزيدي أو الشمري.

 

المصدر: (The New York Times)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.