لم يتخلص المجتمع العراقي من النظرة الذكورية، التي تعاني منها المطلقات، فصارت النساء بين نارين: إما  تحمّل الحياة مع أزواج يسيئون معاملتهن، أو الطلاق ومواجهة أصعب الظروف، مثل الفقر والبطالة ووصمة العار الاجتماعي.

 

نساء منفصلات في مواجهة المجتمع

«رغم أن حياتي مع زوجي كانت لا تطاق، إلا أنني بعد طلاقي منه تمنيت أن أعود إليه مرة أخرى، لما عانيته من ظلم في بيت أهلي. فأخي الأكبر وزوجته أصبحا يعاملانني أنا وأولادي وكأننا عبيد». تقول “سميرة”، وهي سيدة مطلقة منذ أربعة أعوام.

وتضيف في حديثها لموقع «الحل نت»: «منعوني من العمل، وعندما أريد الخروج من المنزل أتعرّض للتهديد من قبل أخي بارسال أولادي إلى أبيهم، وحرماني منهم، لأنه غير قادر على تحمّل مسؤوليتهم، كما يقول» .

بدورها تروي “هدى”، وهو اسم مستعار لسيدة مطلقة، تجربتها بعد الطلاق: «لدي تسعة أخوة، وعندما عدت إلى بيت أهلي مطلقةً، منعوني من العمل، رغم أني خريجة قانون، وصادروا هاتفي النقال، ورفضوا أن تكون لي غرفة خاصة بي. إضافة لكلماتهم القاسية، التي تُشعرني بأني ارتكبت بطلاقي جريمةً لا تغتفر».

“شهد”، سيدة مطلقة أيضاً، وأم لأربعة أطفال، تحدثت لـ«الحل نت» عن قصتها: «تزوجت وعمري ستة عشر عاماً، وتحملت الحياة الزوجية مع رجل لا يحترم المرأة أو يقدّرها، عشت أياماً صعبة جداً، ذقت فيها طعم الخيانة والحرمان والإهانة، دون أن يكون بجانبي سوى الله، لأني يتيمة الأبوين»، حسب تعبيرها.

“شهد” تؤكد أن «طليقها حرمها من أولادها الأربعة، ولم تحصل على حقوقها القانونية والشرعية، كما أنه اتهمها بالخيانة، حتى فكرت مراراً بالانتحار».

 

النساء المطلقات بين نارين

«تتعرض النساء المطلقات في العراق لشتى أنواع التعنيف ووصمة العار، مع نظرة دونية من قبل المجتمع، رغم أنهن بحاجة لمساعدة الأسرة والمجتمع، لكي يتجاوزن أزماتهن الاقتصادية والنفسية بعد الطلاق»، حسبما تقول الناشطة المدنية “أميرة الجابر”.

وتضيف “الجابر”، في حديثها لموقع «الحل نت»: «التعنيف الذي تتعرض له النساء بعد الانفصال لا يحتمل. وعلى الرغم من أن الانفصال ليس قرار النساء بمفردهن، إلا أنهن يحتملن نتائجه وحدهن، دون أن يحمل الرجل أي جزء من المسؤولية، أو يعاني شيئاً من العار».

من جهتها ترى المحامية “طيبة عماد التميمي” أن «المجتمع العراقي يعاقب المطلقة، ويعتبرها ارتكبت جريمة ما، من خلال تشويه سمعتها، وقذفها بأمور غير حقيقية».

“التميمي” تؤكد لـ«الحل نت» أن «القانون العراقي يمنح المرأة المطلقة الحقوق المادية فقط، وهذا غير كافِ لها، لأن نساءً كثيرات يتنازلن عن هذا الحق بسبب التعنيف والضغط اللذين يتعرضن لهما».

وتشير “التميمي” إلى أن «القضاء العراقي اليوم يحاول أن يماطل بالبت بقضايا الطلاق، على الرغم من أن الانفصال أفضل من بناء أسرة ذات ركيزة هشة»، حسب تعبيرها.

وتتساءل “التميمي”: «قبل أن نتهم المرأة المطلقة علينا أن نسأل أنفسنا: ماذا قدَّمنا لها لنحميها وندافع عن حقوقها؟»

 

القانون لا ينصف المرأة

“القانون لا يجب أن يكون لمصلحة فئة دون أخرى، وإنما جاء ليحقق العدالة الاجتماعية، إلا أن هذا الأمر غير متحقق في العراق، الذي يعاني من سوء تطبيق القوانين»، كما يؤكد القانوني “وسام موفق عبد العزيز”

ويقول “عبد العزيز”، في حديثه لموقع «الحل نت» إن «قرار الطلاق وحكم القاضي يعتمدان على ما يقدمه المحامي من الأدلة والأسباب التي أوصلت للطلاق، كما أن القانون يمنح الزوجة حق حضانة أطفالها، ولكن الأعراف العشائرية لها دور كبير في عدم تنفيذ القانون، وهنا يقع حفظ حق النساء على عاتق السلطات».

أمام بخصوص حضانة الأطفال فيضيف “عبد العزيز” أن «القانون العراقي يمنح الزوجة الحضانة، وعلي السلطة التنفيذية متابعة القرار، وفي حال عجزت عن تطبيقه، سيكون الخلل فيها وليس بالقانون» .

أما الإعلامية “رند السلامي” فلها رأي آخر، إذ أكدت لموقع «الحل نت» أن «القانون العراقي مهما كان منصفاً، وبجانب المرأة نظرياً، فهو يحتوي على ثغرات تقوّي موقف الرجل، وتجعل منه صاحب القرار الأوحد».

وتتابع “السلامي” أنه «حسب القانون يجب أن تكون أسباب الطلاق لدى المرأة أكثر قوة من الرجل، حتى تحصل على فرصة الانفصال، الرجال يمكنهم إنهاء العلاقة الزوجية بكلمة واحد فقط».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.